GMT 6:33 2014 الثلائاء 29 أبريل GMT 6:36 2014 الثلائاء 29 أبريل :آخر تحديث "تجارب ورؤى في القصة القصيرة" عنوان الندوة التي أقامها ملتقى ضفاف في مقر الجمعية الثقافية النسائية، ناقش خلالها ثلاث مجموعات قصصية لثلاثة كتاب من الكويت ومصر والأردن وهي: "شامات الحسن" للروائي المصري إبراهيم فرغلي، "البيرق" للكاتب الكويتي بسام المسلم و"جريمة عطر" للكاتبة الأردنية ريما الحمود، وتناوب على مناقشة المجموعات ثلاثة نقاد، وهم على الترتيب مهاب نصر، فهد الهندال وهديل الحساوي التي تولت أيضاً تقديم الندوة. بداية قال مهاب نصر إنه قبل الولوج في مناقشة "شامات الحسن" لابد أن نشير إلى محاولة الكاتب استيفاء عنصر القصة فيها، والجهد المعجمي في اختيار المفردات، والجرأة في مناقشة تابو الجنس. وأضاف "أعتقد أن هناك أكثر من بداية ومدخل للحديث عن المجموعة منها تلك الدهشة التي يتعامل الراوي بها أمام الجسد الأنثوي، حيث تصبح عين الراوي وبصره هي الحاسة الأشد يقظة، كأنه يبحث عن لغة وعن شيفرة خاصة لتفسير ما يراه، وسنجد ذلك في قصص المجموعة منذ اللحظة الأولى، وسيترتب على ذلك سرد وصفي وتفصيلي تصل الجمل فيه إلى منتهاها، كما نجد انه رغم حضور الراوي شبه الدائم إلا أن فاعليته تأتي دائما في المرتبة الثانية، فهو دائما في موقع الاندهاش، وأحيانا في موقع المعذب باغترابه عن هذا الآخر وعالمه، وبالتالي يسعى إلى ردم هذه الفجوة بين عالمين من خلال اللقاء الجنسي، لكن هذا اللقاء نفسه يكون مثل الحلم واللذة العابرة ومثل الجريمة أحياناً. وأشار نصر إلى أنه لا توجد في "شامات الحسن" تفاعلات واضحة مع الواقع الخارجي، حيث تم تفريغ العالم من الأحداث، وكذلك لم يعد الأشخاص سوى مجرد فرصة للتعليق على حدث أو لإبراز موقف، فكل بطلات المجموعة لا يشرن إلى شيء خارجي، بل إلى الدهشة والمفاجأة التي تحملها كل شخصية وعالمها الحسي، وفي قصة "ما يراه النهد" سنجد علاقة غرائبية بين امرأة وأخرى، وسنجد الراوي مبحراً يوشك على الغرق، والفتاة العمياء تقرأ جسد الأخرى، كأن هناك لغة خاصة باطنية، وسنجد أيضا فرار الاثنتين من الراوي، ونلاحظ كذلك أن شخصيات المجموعة لديها نوع من العذاب الداخلي السابق على الحدث الواقعي. مفاتيح السرد وفي مناقشته لمجموعة "البيرق" قال فهد الهندال "من أهم مفاتيح السرد القصصي هو اللعب على تشكيل ورسم الشخصية القصصية، لما لها من دور سردي وحضور مكثف جداً وقصير ليس كما هو الفضاء الممتد للشخصية الروائية التي يفترض أنها تعتمد على حرفية الروائي في رسم معالمها وعوالمها دون الاتكاء على مساحة الرواية العريضة لإخفاء عيوب أو فراغات وقع بها دون أن يعلم أساساً، وقلة في المشهد القصصي من يتقنون رسم الشخصية القصصية بما يدلل على مهارتهم في تشكيل السرد، ومنهم بسام المسلم وهو من الكتاب الجدد في الكويت للقصة التي تعتمد على وعي الكاتب بأهمية عناصرها بناءً وعمقاً، ومنها الشخصية كعنصر بناء أساسي، فمثلا تحكي قصة "جليب الضباع" جانباً مهملاً في السرد القصصي الكويتي لندرة تناولها في التجارب السردية لكونها تفسح مجال القص لعنصر مهمش في المجتمع الكويتي، وهو العمالة المنزلية، فبطلة القصة خادمة، وتعيش وضعاً متصدعاً نتيجة حسابات خاطئة أوقعتها في بثر آسن. وذكر الهندال أن هناك نماذج آخرى مختارة نستوضح فيها التنازع في عوالم السارد أو البطل غير المسمى، كما في قصة "ليلة مع عروس البحر" حيث يختنق كل ليلة بذكرى بريئة مع ابن عمه جاسم وقريبتهم لولوة، وهم يلعبون، ويحلمون مع زرقة البحر، ثم تتحول هذه الذكرى إلى غيرة قاتلة، ثم تتكرر التجربة في سرد قصة "الشفق الأحمر" على لسان السارد الخارجي مخاطباً شخصيته الأساسية، وأيضا غير المسماة، ملخصاً لنا ما قد يكون قد حدث عبر الاسترجاع من حاضر. أسئلة هادئة وأخيراً جاء دور هديل الحساوي لتتحدث عن مجموعة "جريمة عطر"، فقالت "بعد قراءتي للمجموعة تبادر إلى ذهني العديد من الأسئلة الهادئة، والتي قد لا تكون لها علاقة نقدية مباشرة بالمجموعة، لكنها أسئلة تكونت من فعل القراءة، وأستطيع اختزال الأسئلة وإجاباتها في ذلك التناقض الفعلي الذي يطرحه عنوان المجموعة، فالسؤال الذي تبادر إلى ذهني: دوما هل يكون باستطاعتنا الحديث حول الأسود والابيض والقوة المذكرة والرفق الأنثوي؟ وغالبا يكون الانحياز الى أحد الجانبين عفوياً وإن حاول المتلقي تجنبه، وما إن بدأت بقراءة المجموعة، حتى تبادر الى ذهني فكرة محاكمة العطر والحكم عليه بوصفه "جريمة"، ولاحظت أن المجموعة تضم عدداً كبيراً من القصص الاجتماعية التي تدور حول ثنائية الرجل والمرأة، والنصف الآخر يتمحور حول المرأة وعلاقتها بالمجتمع، فهي قصص تلقي الضوء على هذه العلاقات بنظرة رومانسية، وتستخدم في معظمها ضمير "الأنا" بصوت الأنثى، وإن جاءت بعض القصص بضمير "الأنا" الرجل لكنها أيضاً لم تفلت من روح وتفاصيل الأنثى. ومعظم القصص جاءت متماسكة في لغتها وبنائها ورسم شخصياتها بلا زيادة أو نقصان. وعقب إلقاء الأوراق النقدية دار نقاش مثمر ما بين الكتاب والنقاد والحضور حول التجارب القصصية الثلاث. أكد إبراهيم فرغلي أنه من الصعب الكلام عن مجموعته بعدما أصبحت بين يدي القراء. ورداً على أحد الأسئلة بخصوص القدرة على تقمص روح المرأة في الكتاب والتعبير عنها، قال إن ذلك يأتي عن طريق تخلص الكاتب من ذاته، والخبرات، وما يعيشه من تجارب ومراقبة العالم من حوله عدا عن القراءة. أما ريما الحمود فقالت إن نصوص مجموعتها كانت أكثر مما يجب بحكم أنها مجموعة أولى جمعتها طيلة أكثر من ست سنوات، مشيرة إلى أنها تكتب حول أي فكرة من واقع الحياة أو الذكريات، ودون أي طقوس معينة، حسب الظروف والوقت المتاح لها. وعبر بسام المسلم الذي حازت مجموعته على جائزة ليلى العثمان لهذا العام، عن سعادته بفوز المجموعة بالجائزة، وكذلك مناقتشها في "ضفاف" مؤكداً أنه يفضل أن يترك الحكم للقراء والنقاد حول عمله. ايلاف