أفق آخر مناظرات جائرة ابحث في اسم الكاتب تاريخ النشر: 14/05/2014 بديل المناظرات المباشرة والمتلفزة هو أشبه بمباراة بين اللاعب وظله ومعظم المناظرات الانتخابية من النمط الثاني . لأن من حق أي مرشح لأي منصب أن يطرح خطابه وبالتالي برامجه منفرداً، لأن هناك أمثلة في تاريخ المناظرات تستدعي التحليل النفسي أكثر من السياسي، ففي أمريكا حدثت مناظرة إذاعية وغير مرئية بين مرشحين انتهت لمصلحة أحدهما، ويقول المحللون النفسيون إنها لو نقلت بالتلفزيون لتغيرت النتائج وذلك لأسباب منها ما يسمى لغة الجسد والحضور الشخصي، والكاريزما الغامضة التي تمارس نفوذها لكن يصعب تفكيكها إلى مكوناتها، لأنها فائض تلك المكونات . وتتطلب المناظرات المتلفزة مقومات وشروطاً قد لا تكون ذات علاقة جدية بالقدرة والإمكانات، ما دام هناك بشر محظوظون بأصواتهم وأدائهم وربما حضورهم المسرحي على الشاشة . لهذا قد تكون المناظرات عنصراً من عناصر المعارك الانتخابية لكنها ليست المعركة كلها، فهناك نماذج بشرية تتقن الممارسة أكثر من الكلام، ولا بد من اختبارها ميدانياً، فالمرشحون لا يتنافسون على مهنة خطيب أو مذيع لهذا فالأهم هو المضمون وما يهجع بين السطور، لأن الماء كما يقول المثل العربي يُكذب الغطاس! وهناك حالات من المناظرات شهدها العالم في العقود الأخيرة كانت اشبه بصراع الديكة، وقد يميل الناس بالفطرة إلى الاستمتاع بمثل هذه المباريات بالذخيرة الكلامية، لكنهم يكتشفون بعد فوات الأوان أن القدرة على الحوار ليست بالضرورة قدرة على الفعل، وأحياناً يحدث العكس، بحيث يتفوق ذَرِبُ اللسان والمتحدث اللبق على خصمه الذي يميل إلى التأمل والصمت . وهناك عبارة ذات مغزى عميق للنفري هي: كلما اتسعت الرؤيا ضاقت العبارة، وعكسها صحيح أيضاً فالرؤيا عندما تضيق يتم التعويض عنها بالعبارات والثرثرة . لكن المناظرات في عصرنا شر لا بد منه، تماماً كما قال تشرتشل عن الديمقراطية، لأن الناس يؤمنون بمقولة متداولة هي تحدث كي أراك! وبالتالي على الإنسان أن يُعلن عن نفسه ويعبر عما يدور في أعماقه، والقدرات أوالمهارات في المناظرات هي كفاءة جسدية أو فيزيقية، قد يكون محروماً منها من يمتلك ما هو أعمق وأهم منها، والاحتكام أخيراً إلى الواقع، وإلى إمكانية ترجمة الأحلام والرغبات إلى وقائع! ونحن لا نقصد أحداً بعينه سواء كان مرشح نقابة أو حزب أو حتى رئاسة لأن الأهم هو الظاهرة بحدّ ذاتها . والتعويل على الفوز الرمزي في مناظرات أقرب إلى المباراة يجب عدم الركون إليه . خيري منصور الخليج الامارتية