حافظت أسواق الذهب في دبي على بريقها وسمعتها الناصعة، في وقت قيّم فيه مراقبون أن شركة «إرنست آند يونغ» باتت في وضع يتعين عليها أن تُرمّم مصداقيتها لدى شركات مصافي الذهب، بعدما قام أحد موظفيها بنشر مزاعم وإدعاءات تتعلق بامتثال شركة كالوتي لقواعد مكافحة إمدادات الذهب من مناطق الصراعات، وقدروا أن الشركة صار ينطبق عليها المثل الدارج القائل إن « السحر انقلب على الساحر»، فهي خرجت على حد قولهم من السجال الذي دار بينها وبين شركة كالوتي، وهي مطالبة بدفع فواتير بالغة التكلفة تتعلق بتآكل مصداقيتها في أوساط أصحاب الأعمال. وفي المقابل، لم تتضرر السمعة الأخلاقية لذهب دبي قيد أُنملة، بل على العكس، تمضي أسواق ذهب دبي، بخطى ثابتة، على طريق تحقيق رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، التي توقع فيها سموه بأن تستحوذ دبي على 50 % من تجارة الذهب العالمية، ويتجلى ذلك في جانب من تعبيرات هذا التحرك القوي، في اتجاه مركز دبي للسلع المتعددة نحو البناء على قاعدة النجاحات، بوضعه خطه لإدراج عقود الذهب الفورية خلال شهر يونيو المقبل، بهدف استقطاب تجار التجزئة إلى مجتمع المتداولين على عقود الذهب، من خلال تقديم عقود تعينهم على التحوط ضد مخاطر تقلبات أسعار الذهب، وتمكنهم في الوقت ذاته من تأمين حصولهم على إمدادات الذهب العينية، من دون أن يتحملوا التكاليف المرتبطة بالتخزين والتأمين. وعلّق أحمد بن سليم الرئيس التنفيذي الأول لمركز دبي للسلع المتعددة متسائلاً: ماذا سوف تفعل شركة «إرنست ويونغ» لإقناع الشركات بأن تستعين بخدماتها الاستشارية؟. ويجيب على هذا السؤال بقوله: بمقدور «إرنست آند يونغ» أن تقول ما تشاء، وبمقدور شركة كالوتي أن تقول هي الأخرى ما تشاء، ولكننا في نهاية المطاف، أمام قضية تتعلق بالمستندات الورقية، أكثر مما تعلق بممارسات الأعمال والصفقات، وإذا كان الأمر يتعلق بالصفقات، فإن الوضع سوف يكون مختلفاً كلياً. سمعة ذهب دبي مُحصنة وتابع بن سليم قائلاً: بالتأكيد ليست دبي في وضع الدفاع عن السمعة الأخلاقية لإمداداتها من الذهب، فلم تتضرر هذه السمعة على الإطلاق، بل ان شركة «إرنست آند يونغ» هي المتضررة من هذا الأمر، فالموظف الذي كان يعمل بهذه الشركة قد تسبب في إلحاق أضرار بالغة بالشركة، أكثر من أي شيء آخر، وإذا كانت سمعة ذهب دبي قد تأذت نتيجة لهذا الموضوع، فإنه لن يكون بالمقدور تنظيم مؤتمر المعادن النفيسة الذي شاركت فيه نخبة عالمية تضم ما يزيد على 470 شخصية من مختلف أنحاء العالم، وهذا دليل على أن سمعة ذهب دبي لم تتأذ على الإطلاق، بل الذي تأذى، هو سمعة شركة «إرنست آند يونغ». وأضاف قائلاً: يتعلق مستقبل الوضع بشركة إرنست آند يونغ، أكثر مما يتعلق بشركة كالوتي، كما أنه يتعلق بكالوتي أكثر مما يتعلق بمركز دبي للسلع المتعددة، فالمسألة أن هناك موظفاً أراد الإضرار بأعمال الشركة التي يعمل فيها، ومن ثم، فإن أي شركة تواجه تحديات، سواء أكانت تحديات مالية أو غيرها من التحديات، سوف تتوقف عن الاستعانة بشركة إرنست آند يونغ، وتتجه إلى الاستعانة بشركات أخرى، وهذا ما حدث على أرض الواقع، ونحن لا نعلم بالضبط القصة الحقيقية، فنحن نراجع المستندات على مدار الوقت، وإذا لم تكن المسألة تتعلق بالامتثال، فهي مسألة تتعلق بالمستندات والأوراق، وفي نهاية الأمر فإن شركة إرنست آند يونغ، هي الأدرى بما يجب أن تفعله. مراجعة المستندات واستدرك قائلاً: عندما تستعين شركات كبرى على غرار شركة كالوتي بشركات تعمل في مجال التدقيق والاستشارات، فهي تفعل ذلك، ليس لأنها تؤدي أعمالها بشكل صحيح على أكمل وجه، ولكنها تفعل ذلك لكي تكون على ثقة بتطابق وثائقها ومستنداتها مع ممارستها الفعلية، ومن ثم، فإنه من وجهة نظري فإن المسألة تتعلق بالمستندات وليس بالصفقات في حد ذاتها. واضاف قائلاً: نحن، من جانبنا، نستمع إلى عملائنا مهما تكن احجامهم، وتشير ملابسات الموضوع في نهاية المطاف إلى أن هناك خلافاً إدارياً داخل شركة أرنست يونغ، ولست في وضع التكهن والتخمين بتفاصيل الموضوع، ولكن هناك شخصيات من أوروبا والولايات المتحدة قالوا ان الموضوع يتعلق بمستندات، ولكنهم لم يخلصوا إلى استنتاجات محددة. الموضوعية والمهنية وكانت القناة التليفزيونية البريطانية « بي بي سي » قد بثت تقريراً إخبارياً، نشرت فيه حديثاً لموظف في شركة إرنست آند يونغ، يزعم فيه أن مجموعة كالوتي للمجوهرات في دبي لم تلتزم بتنفيذ الضوابط المناسبة بشأن منع دخول الذهب المُستخرج من مناطق النزاعات إلى الأسواق العالمية، وقامت وسائل إعلام، من بينها قناة الجزيرة الإخبارية وصحيفة الغارديان، بنشر هذه المزاعم. وعلّق بن سليم متسائلاً: هل يليق بقناة بي بي سي أو أي وسيلة إعلامية أن تستند في قصصها الإخبارية إلى مصدر واحد؟. ويجيب على هذا السؤال بقوله: تلزم مهنية، أي وسيلة إعلامية، الاستعانة بأكثر من رأي في التحري عن صدق ما تنشره وتبثه من قصص إخبارية، وهذا ما لم تفعله شبكة بي بي سي، خصوصاً وأن الموضوع يثير الكثير من التساؤلات بشأن أسباب إقدام هذا الموظف على نشر مثل هذه المزاعم، فهل باعثه في هذا الأمر وجود خلافات بينه وبين إدارة الشركة، وهل كانت شركة إرنست يونغ ترغب في الحصول على المزيد من الأموال، وهو ما نستبعده، ومن ثم، فإن هناك الكثير من الجوانب الخفية التي لم يُكشف عنها بعد. وتابع قائلاً: هناك شريك يعمل مع شركة إرنست آند يونغ يعرب عن غضبه واستيائه، ثم يبادر بتقديم مزاعم وادعاءات، فالمسألة تبدو في ظاهرها بأنها ليست بسيطة وهينة، وكان بمقدور هذا الشخص أن ينأى بنفسه منذ البداية عن مراجعة أعمال شركة كالوتي إذا كان غير راضٍ، فالشريك أبلى بلاءً جيداً في الإضرار بشركة آرنست آند يونغ وليس دبي. وكان مركز دبي للسلع المتعددة قد أصدر في شهر ابريل من العام الماضي كتيباً إرشادياً حول إدارة مخاطر الذهب والمعادن الثمينة تحت عنوان «الدليل العملي لذوي الاختصاص في سوق الذهب والمعادن الثمينة» («الدليل» أو «المستند»). ويهدف الدليل، والذي يستند على المبادئ الإرشادية حول العناية الواجبة في تداول الذهب الصادرة عن «المنظمة العالمية للتعاون الاقتصادي والتنمية»، إلى إلزام مصافي الذهب على تطبيق إطار عمل من خمس خطوات لأداء العناية الواجبة على أتم وجه ووفقاً لأعلى المعايير. وقد ألزم مركز دبي للسلع المتعددة كافة معامل تكرير المعادن الثمينة، والتي تحمل عضوية معيار دبي لتسليم السلع، باتباع كافة نواحي «الدليل العملي لذوي الاختصاص في سوق الذهب والمعادن الثمينة»، وذلك كشرط أساسي لتحافظ تلك المعامل على عضويتها في المعيار. كما قام المركز بإصدار مراجعة شاملة للبرتوكولات المتّبعة في عملية اختيار مصادر المعادن الثمينة في شهر نوفمبر من العام 2012، وذلك بهدف توفير توجيهات لشركات التدقيق الدولية عند قيامها بتقييم مدى انصياع معامل التكرير الأعضاء في معيار دبي لتسليم السلع، وضمان اتساقها مع المبادئ التوجيهية الخاصة بمركز دبي للسلع المتعددة. الرئيس التنفيذي لمركز السلع: صرامة كبيرة في تطبيق المعايير العالمية قال غوتام ساشيسال الرئيس التنفيذي لمركز دبي للسلع المتعددة إن المركز يطبق معايير التوريد المسؤول للذهب بما يتجاوز ما هو مطلوب، بغرض ترسيخ إيمان المجتمع الدولي بأن دبي تفعل كل ما هو صائب وصحيح، ويتماشى مع المعايير الدولية، وأعرب ساشيسال عن رفضه الكامل لمزاعم وادعاءات بعض وسائل الإعلام الغربية، مؤكداً أن كافة مصافي الذهب تلتزم بالامتثال لقواعد التوريد المسؤول للذهب، وأن كل ما يفعله مركز دبي للسلع المتعددة في هذا المجال يتميز بالشفافية الكاملة. قوة الامتثال وأوضح أن المركز سيشرع في اتخاذ المزيد من العمليات والخطوات لتعزيز قوة الامتثال لممارسات التوريد المسؤول للذهب، مشيراً إلى هذه الخطوات الإضافية تتضمن أولاً: إجراء دراسة مقارنة لقواعد بروتوكولات التوريد المسؤول من خلال التعاون مع شركة استشارية محترفة في هذا المجال، فضلاً عن مراجعة عمليات التوريد المسؤول بغرض تقديم توصيات. بحيث يكون الهدف من هذه الدراسة هو وضع خريطة طريق لتوحيد مواصفات المتطلبات الإجرائية، ثانياً: تأسيس هيئة مستقلة يناط بها مسؤولية تقوية تكامل واستقلالية عمليات المراجعة والتدقيق للامتثال لممارسات التوريد المسؤول للذهب، وسوف يوفر هذا الكيان الضمانة لتكامل مختلف عمليات المراجعة، ومنح شهادات الاعتماد من جانب مركز دبي للسلع المتعددة، ثالثاً: استمرار مركز دبي للسلع المتعددة في العمل كجزء من لجنة التدقيق لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بشأن تطوير أفضل الممارسات فيما يتعلق بنشر التقارير ومراجعة العمليات على امتداد الصناعة. منصة قوية وأعرب عن تصميم مركز دبي للسلع المتعددة على توفير منصة قوية ومزدهرة تلبي المتطلبات الدولية فيما يتعلق بالتوريد المسؤول، كما أنه سوف يواصل تطوير مقاييس منح شهادات الاعتماد لتتجاوز أعلى المقاييس المتبعة، موضحاً أن المركز يتابع كل تصرف وكل فعل يتعلق بالتوريد المسؤول للذهب، كما يتعامل مع هذا الأمر بقدر عالٍ من المهنية والاحتراف في حدودهما القصوى في مختلف مجالات ومراحل هذه العملية. وقال ساشيسال إن تنفيذ الخطوط الإرشادية بشأن التوريد المسؤول ليس بالمهمة السهلة، بالنظر لكونها عملية جديدة يتم تنفيذها على امتداد الصناعة بأسرها في غضون فترة زمنية بالغة القصر، مؤكداً على أن الهدف كان ولا يزال هو خلق صناعة تطبق بشكل كامل معايير ومبادئ التوريد المسؤول، مشيراً إلى أن هذا الطريق مليء بالمصاعب والنتوءات بالنسبة لكافة أطراف الصناعة. اقتراب تحقق رؤية محمد بن راشد يعمل مركز دبي للسلع المتعددة بقوة لتحقيق رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد باستحواذ دبي على 50 % من تجارة الذهب العالمية، وهي التوقعات التي ساقها سموه في بدايات تأسيس مركز دبي للسلع المتعددة. حيث توقع سموه بأن دبي سوف تستحوذ على نصف تجارة الذهب العالمية خلال السنوات القليلة المقبلة. ويقول الرئيس التنفيذي الأول لمركز دبي للسلع المتعددة: نحن الآن لسنا بعيدين عن تحقيق هذه الرؤية، حيث تستقطب دبي في الوقت الحالي 40 % من تجارة الذهب العالمية، ويبدو جلياً أن رؤية سموه، قد نبعت من ما تتمتع به دبي من مقومات قوة ومزايا تنافسية في المجال اللوجيستي، وهو ما تجلى بشكل واضح في الطفرة الهائلة التي يشهدها قطاع الطيران، بما في ذلك التوسع الكبير في المطارات. وأضاف: رغم أنه من الصعب القول إنه ما كان لمركز دبي للسلع المتعددة أن ينجح في إنجاز ما حققه من إنجازات مبهرة، لولا تطور القطاع اللوجيستي، إلا أنه من الجائز القول إنه لن يكون ناجحاً بنفس درجة نجاحه في الوقت الحالي. البيان الاماراتية