عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الريال يخطط للتعاقد مع مدرب مؤقت خلال مونديال الأندية    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    غريم الشعب اليمني    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    الحكومة تعبث ب 600 مليون دولار على كهرباء تعمل ل 6 ساعات في اليوم    "كاك بنك" وعالم الأعمال يوقعان مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق استثماري لدعم الشركات الناشئة    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    مئات الإصابات وأضرار واسعة جراء انفجار كبير في ميناء بجنوب إيران    برشلونة يفوز بالكلاسيكو الاسباني ويحافظ على صدارة الاكثر تتويجا    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    لتحرير صنعاء.. ليتقدم الصفوف أبناء مسئولي الرئاسة والمحافظين والوزراء وأصحاب رواتب الدولار    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القروض الاستهلاكية.. هموم حياتية من الضرورات إلى الكماليات 1

يعرف القرض بأنه أحد وسائل الاستدانة من البنوك للاستفادة منه في خطط وبرامج بعينها وتقف إمكانات الشخص المادية المتواضعة دون تنفيذها والقروض تشمل ثلاثة أنواع متمثلة في الاستثماري والتجاري والاستهلاكي.
ويتيح مبلغ من المال يتم اقتراضه من البنك لشراء سلعة أو عقار أو سيارة وغيرها من السلع التي تسمى ب«المعمرة»، ويتم عمل حساب للدين إلى جانب الحساب الائتماني للمقترض، حتى يتم سداد قيمة القرض بالكامل بحسب الفائدة التي يحددها البنك في بداية تنفيذ العملية.
وهناك بنوك تتوسع في منح القروض الاستهلاكية للأفراد بتسهيلات كبيرة، للتغلب على فائض السيولة لديها، والقروض لا شك أنها تمثل هموماً حياتية بين الضرورات والمحظورات، وبعض الضرورات تبيح المحظورات إلا أن المسألة يوماً بعد آخر، يتعرض خلالها الكثيرون لمشكلات عدة لا ينتهي أغلبها إلا بمأساة.
وتعج معظم السجون بضحايا الاقتراض والديون. وهناك بعض الدول التي تعتبر القرض الاستهلاكي خطراً يحدق بطالبه وتحاول منعه من نيله، ودول أخرى تسهل أمر الحصول عليه بالكم والكيف معاً، وتروج لسهولة التعامل مع أخذه وطول فترة تسديده دون التحذير من فوائده الكثيرة قاصمة الظهر ونهايته بالحرمان والقهر. وفي ثنايا القضية تفاصيل وحكايات فيها المضحكات المبكيات.
معاناة العراقيين تستفحل تحت انهيار الدينار
اعتاد العراقيون في العهود السابقة، وحتى أواسط أو نهايات الثمانينيات، على الاستلاف من المصارف، أو الشراء من أصحاب المحال التجارية، بالتقسيط، لبناء وتأثيث منازلهم، وحتى شراء الأشياء الكمالية، والملابس وحتى ابسط الاحتياجات، ولم يكن صعباً تأثيث بيت كامل، من خلال الشراء بالتقسيط، والدفع المريح، وهناك اتفاقات بين موظفين، أو أصدقاء، لتأسيس شراكة بمبلغ محدد من كل منهم شهرياً، ويكون المجموع لاحدهم من دون فوائد.
وبحسب المحلل الاقتصادي حسان الساموك، إن عملية الشراء بالتقسيط، ودفع فارق سعر، أشبه ما يكون بعملية «ربوية»، يحرمها العديد من المتدينين «المتشددين»، إلا أنها في واقع الحال، ومن منظور علمي، فالبائع الذي يفرض زيادة على السعر للعملية، ربما يكون مستدين أيضاً، وهو يبيع بالآجل، ما يعني أنه «يجمد» المبلغ، الذي بإمكانه توظيفه ليدر عليه أرباحاً موازية أو أكثر.
و«الربا»عند بعض الفقهاء، هو استغلال حاجة الشخص، وفرض فوائد مالية عليه، والمنظور الاقتصادي يؤشر حالة تحريك السوق بقوة من خلال العملية، وازدهار حركة البيع والشراء، وإيجاد فرص عمل أكثر، إلا أن هناك رأياً مقابلاً، لا يتعلق بمدى شرعية أو عدم شرعية عمليات البيع بالتقسيط، وكثير من العائلات تشجعها لسهولة الاقتناء على شراء ما لا تحتاج إليه بشكل ضروري، أو لمجرد الترف و«التباهي»، ثم تجد نفسها عند تسلم الراتب الشهري أنه لا يكفي تسديد فواتير الأقساط، ناهيك عن المتطلبات المعيشية.
تقول الموظفة مي عدنان، أنها كانت مولعة باقتناء كل ما هو جديد وجميل، ولذلك أثقلت ميزانيتها بأشياء ليست بحاجة لها، حتى جاءت الأيام السوداء، ولم تجد من يشتري منها أغراضها، فالناس في وقت الضائقة المالية، يبحثون عن الخبز، ولا تهمهم الكماليات، وترى أن انفتاح السوق على البيع السهل يشجع على الإسراف، وعلى ما لا يحمد عقباه.
وضع مختلف
ويؤكد الدكتور رائد السعيدي، أن الوضع في العراق يختلف عن أي مكان بالعالم، ولا يصح فيه أي تداول نقدي بالآجل، بسبب الانهيار السريع لسعر صرف الدينار العراقي، والتذبذب المستمر في العملة.
ومعظم التجار وأصحاب رؤوس الأموال، يحوّلون مداخيلهم اليومية من العملة العراقية إلى الدولار، وفي إحدى المرات حدث انخفاض كبير ومفاجئ في سعر الدولار، ما تسبب بدخول عشرات التجار إلى المستشفيات لإصاباتهم بأزمات قلبية.
ويؤكد مهند محمد حسن صاحب متجر في بغداد، أن عمليات البيع بالتقسيط انهارت منذ نهاية الثمانينيات، وتلاشت عند سقوط العملة العراقية في زمن الحصار، فلو كان التاجر باع بالآجل بضاعة قيمتها 100 دينار مثلاً.
وكانت تعادل 333 دولاراً، ثم أصبح سعر الدولار 3000 دينار، فإن ال100 دينار أصبحت999 ألف دينار «مليون»، ما يعني أن نسبة التضخم النقدي تقارب المليون في المئة، في زمن الحصار، ولم تحسم النسبة حتى الآن إلا بمعدل النصف، ما يضطر المواطن إلى التعامل بالدينار العراقي والدولار معاً، تحسباً للتقلبات.
ويرى الموظف في مصرف الرافدين، طارق الحسني، أن الحكومة أصبحت مضطرة لمنح القروض، وبنسبة فوائد ضئيلة، لتسديد رواتب الموظفين والنفقات الأخرى، وهي تدخل في تقديمها الوساطة والولاءات السياسية.
اقتراض النساء ثقافة مجتمعية في الأردن
«أم سمير» ربة منزل أردنية وجدت في استعداد احدى المؤسسات المالية الخاصة ضالتها لكي تقرضها شيئا من المال من اجل جامعة ابنتها. بالفعل أقنعت صديقتها بالذهاب إلى المؤسسة للاقتراض بكفالة صديقتها على أن تنال الأخرى القرض بكفالة أم سمير.
وبعد أشهر قليلة طلبت أم سمير وصديقتها للمركز الامني بعد شكوى من المؤسسة ضدهما لعجزهما عن السداد. ما لجأت إليه أم سمير هربا من ظرفها المالي وحاجتها أوقعت نفسها بالكارثة، والفرق في التوقيت فقط.
ولا توجد احصاءات رسمية إلا ان القروض الاستهلاكية بالمملكة تتركز على نوعين: السلع المعمرة مثل السيارات والاثاث وما شابههما والسلع غير المعمرة وذلك لتغطية نفقات وخدمات استهلاكية عاجلة، يدخل من ضمنها قروض البطاقات الائتمانية.
يقول المحلل المالي والاقتصادي فائق حجازين لا توجد أرقام دقيقة حول حجم القروض الاستهلاكية كونها تدخل تحت تصنيف حساب القروض الشخصية.والتي وصلت الى نحو ملياري دينار، وتشكل نسبة 20% من القروض الشخصية.
وأشار إلى انه في الآونة الأخيرة لوحظ إقبال كبير عليها بسبب تشجيع البنوك المحلية لها كونها تقدم تسهيلات بغض النظر عن الملاءة المالية للاشخاص، ومن هنا يقع المواطنون في مشاكل مالية، بعد عجز رب الاسرة عن سداد قرضه.ولجوء المواطنين للقروض الاستهلاكية لتلبية الاحتياجات الكمالية مابات يفرز ازمات اقتصادية وخيمة تتبعهاأخرى اجتماعية تحمل في طياتها آثارا اسرية مدمرة.
خطورة مدمرة
وحذر استاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي من خطورة القروض ،فالعجز عن سدادها ينتج مشكلات اجتماعية واقتصادية وأخلاقية وأمنية.
والمؤسسات الاقتصادية التي تقدم الديون الشخصية أو الاستهلاكية تعتبرها فرصة للكسب.ومن أجل ذلك بدأنا نلاحظ تشجيع البنوك للاقتراض حتى من دون البحث في ملاءة الشخص المالية.
ونتج عن ذلك تعثر الكثيرين ، ما يعني في حال عدم تدارك الأسر وضعها المالي أن يسفر عن تفككها .وأصبح الاقتراض ثقافة تسيطرعلى المشهد الاجتماعي لتوفير حاجات في معظمها كمالية، يمكن الاستغناء عنها بسهولة.
فتوى واضحة
وكانت دائرة الافتاء الاردنية قد ردت على سؤال مستفت يقول: معي بطاقة ائتمانية من أحد البنوك، واستخدمتها وترتَّب عليَّ دَيْنٌ يقارب 300دينار، ولم أتمكن من سداد المبلغ نقدًا، وأبلغني البنك أنه سيستوفي 1% بدل خدمات، بحيث يُقسَّط المبلغ لمدة 12 شهرًا ليصبح 336 دينارًا، فما حكم ذلك؟
فأجابت الفتوى، يحرم استعمال البطاقة الائتمانية في الشراء على المكشوف من غير تغطية الرصيد، إذا كان المشتري يعلم أنه سيترتب على ذلك زيادة ربوية بسبب الشراء.
ويحرم كذلك تقسيط المبلغ أو إعادة جدولته إذا ترتبت عليه زيادة ربوية، سواء سُمِّيتْ بدل خدمات، أو فائدة، فالعبرة بالمسميات وليس بالأسماء.وبدل الخدمات لا يجوز إلا إذا كان على قدر الخدمة الحقيقية، وذلك يقتضي من البنك سياسة خاصة في احتساب التكلفة الحقيقية لإصدار البطاقة واستعمالها، وهو أمر لا تسلكه سوى بعض البنوك الإسلامية.
والظاهرة الاخطر المنتشرة محليا وخاصة بين النساء هي الاقتراض على أساس ان القرض استثماري وهو في حقيقته استهلاكي.
ويحذر الدكتور الخزاعي من الظاهرة ويقول: انها من القضايا المسكوت عنها بل وتدخل ضمن أسباب العنف النفسي ضد النساء وذلك باقتراضهن من مؤسسات اقراض تمارس أعمال البنوك وتقرض المرأة 1000 دولار ضمن فترة سماح،وعندما يحين موعد السداد تعجز السيدة وأسرتها فيقع المحظور، فتتلقفها مراكز الأمن.
الجزائريون مصابون بأعراض «المرض الهولندي»
أجمع خبراء الاقتصاد وفاعلون بالقطاع المالي بالجزائر على سلبية الاعتماد الكبير على القروض الاستهلاكية في دولة، تعتمد بشكل شبه مطلق على البترول، مؤكدين ضرورة حرص الحكومة على وضع إجراءات تشريعية بشكل يحد من نزيف الثروات وهجرتها إلى الخارج.
وكشف الخبير الاقتصادي، مراد برور، أن القروض الاستهلاكية جعلت المواطن يعيش فوق إمكاناته المادية بالنظر للتفاوت الكبير بين مستوى مداخيل الأسر والقدرة على الاستدانة، ومخاطر الاستدانة المفرطة على الأسر من ناحية ثانية، فالقروض الاستهلاكية زادت المخاطر التي تواجه الاقتصاد الوطني وعلى رأسها زيادة الارتباط بالأسواق الخارجية لتلبية الطلب المحلي نتيجة ضعف إنتاجية المؤسسات الجزائرية وانهيار مساهمة القطاع الصناعي في الناتج القومي.
والحالة الجزائرية ينطبق عليها ما يسمى بمصطلح «المرض الهولندي» الذي ظهر في القاموس الاقتصادي بعد اكتشاف النفط في بحر الشمال.
ويعني حالة الكسل والتراخي التي أصابت هولندا بعد نفط بحر الشمال، فترافق معه انتشار نمط المجتمع الاستهلاكي ومظاهر البذخ وتراجع ثقافة الإنتاج والعمل وتوجيه الاستثمارات والعائدات النفطية لقطاعات خدمية على حساب الإنتاجية.
وحذر برور من عواقب عدم تصحيح الوضع الخطر جداً على مستقبل البلاد، إذ لا يمكن الاستمرار بالطريقة الحالية والواردات تجاوزت 65 مليار دولار العام الماضي، فقوة الدول بقوة شركاتها الوطنية، وليس بفتح أسواقها المحلية لمن هب ودب ليحوّلها إلى مزابل لإلقاء كل أنواع السلع الرديئة.
هيكلة المؤسسات
وانتقد الخبير الاقتصادي والأمين العام لفيدرالية البنوك والمؤسسات المالية عيسى عنو، تأخر الحكومة الجزائرية في هيكلة الساحة المالية وتوجيه الادخار نحو تمويل الاقتصاد المنتج على حساب القروض الاستهلاكية التي استفادت منها الشركات الأجنبية.
والحكومة تأخرت في إدراج إجراءات محفزة على خلق الثروة محلياً، وتشجيع المستثمرين الفعليين الجادين وتوجيه الاقتصاد نحو الوجهة الصحيحة بمساعدة البنوك والمؤسسات المالية، لا سيما البنوك التي لديها سيولة كبيرة جداً، فالاقتصاد الوطني لم يستفد بالقدر الكافي من البنوك الأجنبية بالبلاد، وغياب استراتيجية وطنية واضحة في التعامل مع البنوك والمؤسسات المالية الدولية المتواجدة في السوق المحلية.
أزمات حادة
ويرى نائب رئيس الفيدرالية الوطنية للمستهلكين الدكتور منور حسان، في تصريحات ل«البيان»، أن قطاع القروض الاستهلاكية تسبب في أزمات حادة ليس على مستوى بعض الأسر التي تضررت كثيراً من فرط الاستدانة، بل أيضاً سبب أزمات نتيجة الاستهلاك المرتفع لبعض المنتجات على غرار السيارات وانعكاسها على تسيير حركة المرور في المدن الكبرى وارتفاع عدد القتلى في حوادث السير وعدد الإعاقات سنوياً،
وتساءل كيف لأسرة لا يتجاوز متوسط دخلها 500 دولار شهرياً، الوفاء بقرض شراء سيارة وقروض أخرى لأجهزة إلكترومنزلية وفي الأخير تنعدم الملاءة المالية لتوفير الحد الأدنى لتوفير الطعام ودفع فواتير الماء والكهرباء، وهناك 45% من الأسر الشابة التي تحصلت على قروض استهلاكية عجزت عن تسديدها في الأخير، بسبب ارتفاع معدلات الفائدة وغياب ثقافة التعامل مع تلك القروض وتأخر البنك المركزي في إعداد مركزية مخاطر تسمح بوضع نظام إخطار بين البنوك لمنع الاستدانة المفرطة للأسر وحتى للمؤسسات.
85% من التونسيين مدينون للبنوك
أكّدت إحصائيات حديثة أن 85% من التونسيين مدينون للبنوك و32% للأقارب ،وبلغت قيمة القروض المقدمة للأسر من البنوك حتى منتصف 2013 ما قيمته 15374 مليون دينار «10 مليارات دولار» ويشمل مليون أسرة أي 30.7 بالمائة من مجمل الأسر و يشمل التداين 22.8 بالمائة من اليد العاملة النشيطة.
وتوجه حوالي 80 بالمائة من تلك القروض لشراء مسكن أو تحسين مسكن بما يساوي حوالي 13 مليار دينار. وتوجه البقية إلى اقتناء سيارة (335 مليون دينار)، و2058 مليون دينار استهلاكية .
ويرى الخبير الاقتصادي معز الجودي أن ارتفاع الأسعار مع تجميد الأجور كان الدافع الأساسي وراء استسهال اللجوء إلى البنوك لتغطية الاحتياجات الاستهلاكية محذرا من خطورة المعاملات على المقدرة الشرائية للمواطن و على الوضع الاقتصادي عموما ،فالقروض مكلفة للطرفين المواطن و البنك وفق قوله.
وسرية المعاملات البنكية لا تسمح بالكشف أو القيام بإحصائيات حول حجم التداين لدى العائلات. وللنهوض بالاقتصاد لابد من دفع الاستثمار و مقاومة التجارة الموازية و التهريب كحل وحيد لتحسين مستوى الدخل الفردي و الحد من الاقتراض .
وفي دراسة حول إعادة هيكلة النظام المصرفي والمالي بالبلاد تبين ان تونس أكثر دولة بالشرق الاوسط وشمال افريقيا، تمنح قروضا، بمعدل 62.5% ، مقابل هيكلة ضعيفة للايداعات، لا تتجاوز نسبتها 56%» ، وأكد تقرير للبنك الدولي انها كدولة غير قادرة حاليا على تعبئة موارد مالية من المصادر التقليدية بأسواق رؤوس الاموال بعد ان قامت وكالات بتخفيض تصنيفها السيادى عدة مرات منذ الثورة ، ولن تتحصل على القسط الثانى من قرض صندوق النقد الدولي و المقدر ب 500 مليون دولار إلا بعد تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي.
واعتمدت البنوك المحلية منذ سنة 2000 طرقا مبسطة للتشجيع على نيل القروض ما دفع مئات الألاف إلى التداين وصل حدّ الإفراط بين سنتي 2004 و 2006 ليصل حجم القروض معدلات قياسية وصلت إلى 4 مليارات دينار والقروض غير المسددة 10 ٪ ماجعل العديد من المختصين يدقون ناقوس الخطر محذرين من تنامي الظاهرة وانعكاساتها الاجتماعية والنفسية.
وتبيّن الاحصائيات أن 70 ٪ من المواطنين لا يملكون فعليّا مساكنهم لأنها مرهونة لدى البنوك وكذلك الحال بالنسبة للسيارات وفي الحالتين لا يمكن التصرف بالبيع بالمساكن أو السيارات لحين تسديد القروض. وبلغ عدد المساكن المرهونة للبنوك مليونا وأربعمائة ألف شقة وفيلا ومنزل وعقارات أخرى ما يعني أن مليونا ونصف المليون مدينون للبنوك.
تطوربالإستهلاك
وقوائم القروض تنمو شهريا بمعدل 2% أي تقترب من300 ألف دينار، ووصلت إلى 17 بالمائة خلال السنوات الخمس الأخيرة ، وتمثل القروض 31 بالمائة من مجمل عمليات البنوك للاقتصاد الوطني .
وكان البنك المركزي قد طالب المصارف المحلية بترشيد قروض الاستهلاك بحيث لا تتجاوز مدة سداد القرض الاستهلاكي ثلاث سنوات عندما يكون مُوجها لاقتناء حاجيات استهلاكية او لتسديد نفقات عادية .
ووضع 3 استثناءات يمكن تجاوز مدة السداد ،وهي أن يكون القرض موجها لاقتناء تجهيزات أو منتوجات في إطار البرامج الاجتماعية الوطنية على غرار الحاسوب العائلي والسخان الشمسي،لتصبح 5 سنوات ،ولقرض سيارة تصل مدة السداد 7 سنوات شريطة ان لا يتجاوز مبلغ القرض 60 بالمائة من ثمن السيارة. والقرض لتحسين المسكن فتبلغ الفترة 7 سنوات
إجراءات وقتية
ودعا البنك المركزي لضرورة اتخاذ اجراءات مؤقتة في إطار خطة تهدف للحد من تداعيات المرحلة الصعبة التي يمر بها الاقتصاد الوطني،
ومنها الحد من قروض الاستهلاك التي لا تنفع قطاع التنمية والاستثمار بالبلاد.
ووفق تصريحات لمحافظ البنك المركزي الشاذلي العياري فالاجراءات ظرفية وسيتم التخلي عنها بمجرد ارتفاع الاحتياطي من العملة الصعبة إلى أكثر من 110 أيام توريد.
عادات جديدة
يعود ارتفاع نسبة التداين لغياب الوعي ،في ظل الانفتاح الاقتصادي على الأسواق الخارجية ما ساهم في ترسيخ عادات جديدة للأسرالتي أصبحت تنفق أكثر من إمكانياتها ، ماعجّل بسرعة سقوط المواطن بدائرة الديون ،
والمجتمع اصبح استهلاكيا بامتياز ،له متطلبات الدول المتقدمة وهو ما يتنافى ومعدل إنتاج البلاد التي تستورد أغلب حاجياتها.
البيان الاماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.