القاهرة - "الخليج": أصدرت الهيئة العامة لقصور الثقافة مختارات شعرية للشاعر المصري محمد سليمان تحت عنوان "لم أبن كخوفو هرما"، وهو يعد من أبرز الأصوات الشعرية في جيل السبعينات، وقد تضمنت المختارات قصائد من دواوينه "سليمان الملك"، "بالأصابع التي كالمشط"، "هواء قديم"، "أوراق شخصية" وغيرها من الدواوين . بعد أكثر من أربعين عاما كيف ترى رحلتك مع الشعر؟ أعتبر نفسي لم أكن مؤهلا لشيء غير الشعر، ففي أوائل السبعينات عرضت عليّ فرص كثيرة للعمل في شركات أدوية خارج مصر، لكنني رفضت، لأن متعة الكتابة كانت تشغلني أكثر من غيرها، كان صلاح عبد الصبور قد طلب مني في السبعينات ترك مهنة الصيدلة، والعمل في هيئة الكتاب فرفضت، لأنني كنت أريد أن أحافظ على استقلالي الثقافي، كنت أعتقد أنه لا بد للشاعر من تجربة حياتية عريضة، وأنا بطبيعتي ريفي، فعملت بالصيدلة، لأكون قريباً من الناس، واكتشفت أن لهم "وهم بسطاء"، بلاغة خاصة . هل تغني هذه المختارات عن قراءة الدواوين؟ رغم ما اخترته إلا أن ذلك لا يغني عن قراءة الديوان الأصلي . وماذا يعني صدور مختارات شعرية لك الآن؟ أردت أن أتيح للقارئ العادي ما تيسر من قصائدي، وفوجئت بقراء يحدثونني عن المختارات، وكانوا من قبل غير متعاطفين مع تجربة جيل السبعينات، لكنهم بعد قراءة المختارات تغيرت نظرتهم لتجربة جيلي . هل تعتقد أن الحدة التي كان يتعامل بها جيل السبعينات الشعري في مصر صرفت النقاد عن متابعة تجربتهم؟ البعض كان يرانا جيلا شاردا، يعلن الحرب على الآخرين دائماً، فانصرف النقاد عن متابعة تجربتنا، وأظن أنه لو كانت الحركة الشعرية المصرية توبعت نقديا بشكل جيد، لكان لها أن تطور نفسها، وتجدد آلياتها، نحن نعيش في زمن الشاشة، وقد استفادت الرواية من اللغة البصرية، لكن القصيدة أزيحت بفعل فاعل، وأظن أن المختارات فكرة جيدة لإتاحة الشعر، وهذا مهم للشاعر والناقد . هل يمكن تطبيق هذه الرؤية على أبناء جيلك؟ هناك شعراء في جيلنا لا وجوه لهم ولا تأثير، بعد قراءة دواوينهم لا تجد شيئاً فتنساهم، فالاهتمام بأشيائك الخاصة ومجمل خبراتك الشخصية، وعناصرك الحياتية، وكل الظروف التي تعيشها، يجب أن تتكئ على تجربة حقيقية، البعض يكتب تجربته الثقافية، وينسى تجربته الذاتية، فيكتب كلاماً جميلاً، لكنه يمر، لأنه لا توجد به خصوصية . تعتمد في نصوصك على بنية درامية . . إلى أي مدى تأثرت بالموروث الشعبي؟ عشت في القرى منذ أن كنت طفلا، وكان هناك الشعراء الشعبيون، ولا تنس أن السرد يتصدر اللغة الشعرية المصرية الآن، وأن شعر أحمد شوقي للأطفال يعتمد على الحكاية، وتجد الحكاية في شعر صلاح عبد الصبور وحجازي والشعراء الذين أتوا من القرى، إذن السرد علامة أساسية من علامات الشعرية المصرية، ولذلك يعد ملمحاً من ملامح قصيدتي، السرد في الشعر ليس خطياً متصلاً، بل هو سرد متقطع، يصنع فجوات، لكي يخرج من حالة إلى أخرى، ويشكل بعدا تشكيليا في القصيدة، مستمدا قوته من روح الذاكرة . الخليج الامارتية