استقبل سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية في ديوان عام الوزارة الشيخ أحمد الخطيب رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية واستعرض معه المستجدات على الساحة السورية. وقال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إن الإمارات وقفت داعماً ومسانداً لمطالب الشعب السوري ودعت النظام هناك منذ بداية الأزمة إلى الحكمة ووقف أعمال القتل والتدمير. وأثنى سموه على الجهد الذي بذلها رئيس الائتلاف خلال وقت قصير من توليه موقعه في توحيد المعارضة السورية ..لافتا إلى الاتصالات والجهود الدولية وجهود الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي في هذا الصدد. وتمت خلال اللقاء مناقشة الوضع في سوريا ودور دولة الإمارات العربية المتحدة في توفير الدعم اللازم للشعب السوري في المرحلة الحالية من خلال العمل مع رئاسة الائتلاف. وأكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان عزم دولة الإمارات على دعم تحول حكومي مستقبلي غير طائفي في سوريا لتأسيس مستقبلها على أرضية اقتصاد صلبة وقاعدة إنتاجية. ونوه سموه إلى دعم الإمارات للجهود التي تبذلها الأممالمتحدة خاصة المبعوث الخاص المشترك الأخضر الإبراهيمي لوقف العنف الدائر في سوريا وإيجاد التسوية السلمية الشاملة لهذه الأزمة وفقا لتطلعات الشعب السوري وإدارة المرحلة الانتقالية القادمة بنجاح والعمل مع المجتمع بكافة فئاته ومكوناته لبناء سوريا الحديثة التي تستوعب جميع أبنائها دون استثناء أو تمييز بعيدا عن روح الكراهية والانتقام. إلى ذلك، أجرى الأخضر الإبراهيمي الموفد العربي الدولي في دمشق أمس، مباحثات مع وفد من معارضة الداخل المسموح بنشاطاتها من النظام الحاكم ممثلة ب"هيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير الديمقراطي"، التي تحدثت عن "ايجابيات" في لقاءات الموفد السورية، قائلة على لسان حسن عبد العظيم المنسق العام للهيئة ، إن الدبلوماسي الجزائري المخضرم، يعمل على إيجاد "توافق" بين واشنطن وموسكو تمهيداً لإنهاء الأزمة السورية. في حين رفضت لجان التنسيق المحلية التي تضم شبكة واسعة من الناشطين الميدانيين أي مبادرة تقوم على "تسويات جائرة أو استمرار جرائم النظام ومنح الفرص مجدداً له للاستمرار بالقتل والتدمير"، مؤكدة أن "رحيل الأسد وجميع مسؤولي نظامه عسكريين وأمنيين وسياسيين، شرط لازم لنجاح أي مبادرة للحل"، وأن أي خطة تمنح أركانه حصانة "مرفوضة". وكانت صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية نقلت أن الإبراهيمي يحمل معه مقترحاً بتأليف حكومة انتقالية بصلاحيات واسعة، مع استمرار الرئيس بشار الأسد في منصبه حتى انتهاء ولايته الرئاسية عام 2014، دون أن يحق له الترشح مجدداً. من جهة أخرى، قال دبلوماسيون في الأممالمتحدة إن محادثات الموفد المشترك مع الأسد لم تنتج عنها أي إشارة إلى رغبة بالتفاوض وهناك تحذيرات متزايدة من أن الانتفاضة ضد النظام تأخذ منحى حرب طائفية. وبحسب دبلوماسي في مجلس الأمن فإنه "يبدو أن الأسد لم يتجاوب مجدداً مع الإبراهيمي، فيما مجلس الأمن بعيد عن أن يقدم له الدعم اللازم وفي وقت لم يعد المعارضون المسلحون يرغبون فيه الآن بتسوية". بالتوازي، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الإبراهيمي لم يفصح عما دار خلال اجتماعه مع الأسد لكنه كان حذر في الأسابيع الأخيرة من أنه دون التوصل إلى حل سياسي، تواجه سوريا خطر الانهيار كدولة، واندلاع حرب أهلية طويلة قد تفاقم من الدمار الذي تسبب فيه الصراع بالفعل، حيث أودى بحياة 40 ألف شخص، مبينة أن الكيفية التي سيرد بها الرئيس السوري على مناشدات الإبراهيمي تتوقف على تركيبته النفسية التي تشكلت نتيجة إحساس قوي بالمهمة التي ورثها عن أبيه ذي القبضة الحديدية حافظ الأسد. والتقى الإبراهيمي في اليوم الثالث من زيارته لدمشق وفداً تقدمه المنسق العام لهيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير الديموقراطي حسن عبد العظيم، الذي قال إن الموفد المشترك باق في سوريا حتى الأحد المقبل "وسيعمل على تأكيد التوافق الدولي" لحل الأزمة، ولا سيما توافق "روسي أميركي". لكن رجاء الناصر، أمين سر المكتب التنفيذي للهيئة التي تغض السلطات السورية النظر عن نشاطاتها، كان أكثر وضوحاً في حديثه عن "آمال كبيرة" بأن تثمر اللقاءات الإضافية للإبراهيمي عن "اتفاقات أو ايجابيات"، علماً أن الإبراهيمي غادر بعد الظهر مقر إقامته في فندق شيراتون إلى وجهة لم يكشف عنها، بحسب صحفية في فرانس برس. أضاف الناصر أنه "لا يمكن الآن البت في الانطباع العام" قبل نهاية اللقاءات. وتضم هيئة التنسيق أحزاباً قومية عربية وأكراداً واشتراكيين وماركسيين، وهي قريبة من روسيا وترفض أي تدخل خارجي في سوريا. واعتبر الناصر أن لا مخرج للأزمة سوى بتأليف "حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة تقود البلاد إلى بر الامان"، إضافة إلى "الحل السياسي..هو حل يقوم على إقامة نظام ديمقراطي جديد وعدم بقاء النظام الراهن". وكان الإبراهيمي اعتبر بعد لقائه الرئيس السوري أمس الأول، أن الوضع "ما زال مقلقاً"، بينما أكد مضيفه حرصه على إنجاح جهود الحل طالما أنها "تحفظ سيادة الوطن واستقلاله". من ناحيتها، رفضت "لجان التنسيق المحلية" التي تمثل مجموعة واسعة من الناشطين الميدانيين، "أي مبادرة تحاول وضع السوريين أمام خيارات تبتز الشعب وتخيره بين قبول تسويات جائرة أو استمرار جرائم النظام بحقه وبحق ممتلكاته وبنية دولته". وحذرت من "منح الفرص مجدداً للنظام"، مؤكدة أن "رحيل الأسد وجميع مسؤولي نظامه العسكريين والأمنيين والسياسيين عن السلطة، شرط لازم لنجاح أي مبادرة للحل"، رافضة أي خطة تمنحهم حصانة. ونحت جماعة الإخوان المسلمين المعارضة في الاتجاه نفسه، متمسكة بحق الشعب "في محاسبة كل مرتكبات نظام الاستبداد والفساد وأدواته"، معتبرة أنه "لن يكون للقتلة والمجرمين مكان في سوريا المستقبل"، وذلك بحسب بيان حصلت فرانس برس على نسخة منه. وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لم يخف شكوكه إزاء فرص نجاح مهمة الإبراهيمي قبل توجه الموفد الدولي إلى دمشق. وقال كي مون "لا نرى أفقاً لنهاية العنف أو بداية حوار سياسي". وبحسب دبلوماسي في مجلس الأمن، فإنه "يبدو أن الأسد لم يتجاوب مجدداً مع الإبراهيمي، فيما مجلس الأمن بعيد عن أن يقدم له الدعم اللازم وفي وقت لم يعد المعارضون المسلحون يرغبون فيه بتسوية". وحذر كي مون من أن تفاقم النزاع قد يؤدي إلى تطور الوضع إلى "فظاعات طائفية". اما اداما ديينج ممثل اللأمم المتحدة الخاص لمنع عمليات الإبادة، فرأى أن "هناك خطراً متزايداً بأن تعتبر الأقليات، وبينها العلوية قريبة من النظام وأن تكون قواتها الأمنية وعناصرها المسلحة هدفاً لأعمال انتقامية". من جهته اعتبر ريتشارد جوان عضو مركز التعاون الدولي في جامعة نيويورك أنه نظراً لوصول المحادثات إلى طريق مسدود، سيكون على الإبراهيمي التفكير في خطط بديلة. وقال إن "السيناريو الأفضل لكن غير المرجح حصوله" هو اعتراف الأسد بهزيمته وتفاوض الإبراهيمي على رحيله مضيفاً أن الأممالمتحدة وضعت خطط طوارئ لنشر قوة حفظ سلام في حال حصول ذلك. وتابع "إذا قاتل الأسد والمقربون منه حتى الموت، وهو ما يبدو الأكثر ترجيحاً" سيكون على الإبراهيمي اقناع قوى المعارضة بابداء ضبط نفس في السعي للانتصار والعمل على سرعة إطلاق محادثات سياسية وتنظيم الدعم الإنساني كما حصل في افغانستان بعد 2001. وأضاف أن الاحتمال الأخير هو "السيناريو الصومالي" موضحاً "إذا حصل انهيار تام، فإن أولويات الإبراهيمي ستكون إقناع كل القوى المتواجدة بقبول المساعدة الإنسانية عبر الحد في الوقت نفسه من المخاطر المرتبطة بالأسلحة الكيماوية وعبر خلق قنوات اتصال بهدف التوصل إلى اتفاق سلام محتمل".