الالاف من السوريين في الاردن يعودون لسورية للمشاركة في معركة الحسم واخرون ينتظرون في برد الزعتريلندن 'القدس العربي': يقترب عام 2012 من نهايته والمعركة على سورية لم تحسم بعد ولكن ملامحها واضحة فالنهاية التي تحدث عنها الجميع قد اقتربت للرئيس بشار الاسد الذي يطل من قصره الرئاسي على جبل قاسيون على عاصمة باتت محاصرة ومهددة من قوات المعارضة لنظامه، وتعاني من مشاكل امدادات ونقص في المواد الغذائية، والاسئلة التي تطرح الآن ان كان الاسد نفسه يدرك ان معركته مع المتظاهرين السلميين التي تحولت الى عسكرية لا مجال له فيها بالانتصار. دبلوماسي مطلع على كيفية عمل المؤسسة المتداعية للاسد قال ان الاخير يعرف انه يجب ان يبحث عن مخرج له، اما بالهروب من البلاد او الرحيل الى مناطق العلويين والتمترس فيها او ان يظل في العاصمة يقاتل حتى النهاية. ويتفق الجميع ان الاسد وحده يعرف ما يجب عليه فعله، لكن الدبلوماسي العارف بالامور يقول ان ما يمنع الاسد عن اتخاذ القرارات هي القيادات المتشددة التي ورثها عن والده العنيد، الرئيس السابق والتي لا تزال تعتقد ان النصر ممكن. لا يزال امام الرئيس فرصة للرحيل او الهروب من البلاد، فالمطار الواقع شرق القصر، والذي بات هدفا شرعيا للمقاتلين قد يوفر له الطريق الذي يعتقد ان والدته واخته قد مرتا به للمنفى، هذا ان كان الاسد قادرا على تخطي قوات المعارضة والرؤوس العنيدة في قيادته. يوم الاثنين التقى المبعوث الدولي لسورية، الاخضر الابراهيمي الاسد في القصر الرئاسي، ولم يتفوه الابراهيمي بكلمة حول ما دار في اللقاء والتقى ببعض ممثلي التنسيقيات في الداخل التي تحدثت عن ملامح 'ايجابية' في المحادثات. وبحسب الدبلوماسي الذي نقلت عنه صحيفة 'نيويورك تايمز' فالاسد 'يعرف ان عليه الخروج' من السلطة ويبحث عن طرق للخروج منها، مع ان احدا لا يعرف كيف ومتى سيخرج منها. ويقول الدبلوماسي ان القيادات في النخبة الحاكمة تعي انه يجب ايجاد عن مخرج للرئيس. ومع ذلك فهذه الرغبات تتصادم مع نظرة الرئيس لنفسه واحساسه بالمواجهة حتى النهاية وكذا مع 'الرؤوس العنيدة' من القيادة، فالاسد من جهة ينظر لنفسه على انه يدافع عن شعبه وبلده ونظامه ونفسه من تهديد الاسلاميين. مزاج من الذعر وتنقل عن محللين روس قولهم انه مع احكام المقاتلين الخناق على العاصمة فالمزاج العام في القصر يتسم بالذعر وهذا واضح من لجوء النظام لاستخدام صواريخ 'سكود' بين الفينة والاخرى. ولو افترضنا ان الاسد يرغب بالهروب من البلاد فليس من الواضح ان كان اعضاء الدائرة الضيقة حوله سيسمحون له بالهروب، لاعتقادهم ان تسليمهم للسلاح سيعرضهم وعائلاتهم للانتقام، خاصة ان النخبة المحيطة بالاسد هي في غالبيتها من الطائفة العلوية. وبحسب محلل روسي نقلت عنه الصحيفة، فهناك عامل المسؤولية فان خرج الاسد وبطانته من دمشق يعني خيانتهم للمسؤولية عن حماية من دعموهم ووقفوا الى جانبهم من ابناء الطائفة والطوائف الاخرى. وهناك الكثير من السوريين من يؤمنون بدعاوى الاسد انه يحمي سورية، ففي حفل غداء خارج بيروت ضم علويين وسنة ومسيحيين في بداية الخريف اكد فيه الحاضرون على ان الاسد هو حام للتعددية الثقافية في سورية الحديثة، لكن صديقا للاسد همس وبعيدا عن سمع الحاضرين قائلا ان 'اصحاب الرؤوس العنيدة' الذين يهمسون في اذنه 'انك ضعيف ويجب ان تظهر قوتك' وينصحونه بضرب المقاتلين بالطائرات وبأية وسيلة متوفرة لديه. وقال الصديق ان الاسد عندما يتحدث عن الحوار فهو يتحدث عن رغبته بان يكون بطلا يحقق الانتصار للبلاد. اصلاحي ام كاذب محترف ومهما يكن الامر ففي حكومة سرية لا يمكن معرفة بالضبط الطريقة التي يفكر فيها النظام وان كان الاسد يعني حقيقة الاصلاح عندما يتحدث عنه ولكن الجنرالات التي ورثهم من عهد والده هم من يمنعونه، اضافة لوالدته التي اقنعته ان اي اصلاح سيجلب النهاية على آل الاسد. وبحسب الصحافي الالماني يورغن تودنيفور الذي قابل الاسد في الصيف الماضي فهناك وجهان اثنان لبشار الاول الهادىء الذي لا يحب منصبه والثاني الذي يرغب باثبات نفسه وقوته امام عائلته. ويرى اخرون ان الاصلاح الذي سعى اليه الاسد هو ذلك الذي كان يفتح امامه ونظامه الثروة والتعامل مع الغرب، وتنقل عن الباحثة السورية رنا قباني قولها ان ابناء الاسد رباهم والدهم وعائلته على النظر لانفسهم على انهم انصاف آلهة وان سورية ملعبهم'. وبحسب مسؤولين اتراك كانوا على اتصال مع الاسد في الاشهر الاولى من الانتفاضة قالوا انه استمع اليهم بهدوء وعبر عن تحمل للمسؤولية ووعد بالاصلاح وعليه فهو اما 'كاذب محترف للكذب او ضعيف لا يمكنه الوفاء بتعهداته'. وفي الوقت الحالي يواجه الاسد البالغ من العمر 47 عاما خيارات صعبة، وحيدا خاصة ان من كانوا يؤثرون عليه تركوه، فوالدته يقال انها خرجت من سورية، وآصف شوكت زوج اخته قتل في تفجير الامن القومي، وشقيقه ماهر قائد الفرقة الرابعة يقال انه فقد رجله في نفس التفجير. ويقال ايضا ان آل شوكت يخرجون اموالهم من البلاد. ويبقى مع الاسد زوجته اسماء التي يرى كثيرون انها القادرة على التأثير عليه، ولم يكن لها اي دور في الازمة، ولكن لا يعرف مكانها فهي اما غادرت البلاد مع اولادها او منعت من المغادرة. يلبون النداء مع اقتراب ساعة الحسم غادر عشرات الالاف من السوريين الذين يعيشون في الاردن للانضمام الى المقاتلين، حيث ترك الراحلون البيوت الآمنة والمستأجرة والخيام في مخيم الزعتري قرب المفرقة فارغة. ونقلت صحيفة 'واشنطن بوست' عن مسؤولين امنيين اردنيين قولهم ان ما يزيد عن 8 الاف لاجىء سوري عبروا الحدود الاردنية الى سورية خلال العشرة الايام الاخيرة. وبحسب ناشطين سوريين في الاردن فالرحيل المفاجىء جاء استجابة للنداء الذي وجهه المجلس العسكري بداية الشهر الحالي لتعزيز المقاتلين في الداخل. ويقول الناشطون ان الرد من السوريين في الاردن كان كبيرا لان الجماعات الموالية للنظام السوري في لبنان منعت رحيلا مثل هذا للاجئين في لبنان فيما يشارك السوريون في تركيا بالمعارك في الشمال. ويقول الناشطون ان الدعوة للسلاح جاءت في مرحلة حرجة وصلت فيها المعارضة لابواب دمشق، واحتلت فيها قواعد عسكرية في حلب ودرعا جنوب سورية. ونقلت عن ابو هاني الدرعاوي، منسق الجيش الحر في درعا قوله ان الاردن اصبح المورد الرئيسي للقوات البشرية، ففي وقت تدخل فيه الحرب مرحلتها الاخيرة فالمعارضة تحتاج الى كل مقاتل. وبحسب احصائيات وزارة الداخلية الاردنية فالدعوة للسلاح ادت الى عودة طوعية لمن هم في سن القتال من مخيم الزعتري، حيث يغادر يوميا 150 شخصا. ويقول لاجئون ان الانجازات التي حققها المقاتلون في درعا ادت به الطلب لمغادرة المخيم والعودة لسورية. ويقول احمد الرفاعي انه وابنه عمه قررا العودة لان ايام الاسد اقتربت من النهاية و 'نريد المشاركة في التحرير ووضع اقدامنا على رقبة النظام لا القعود في المخيم'. التحضير للمرحلة الانتقالية ولا تقتصر العودة على الراغبين بالقتال ولكن هناك مئات من الاطباء والممرضين والممرضات والمحامين والمهندسين ممن يريدون الاسهام في بناء سورية بعد نهاية نظام الاسد. ونقلت عن ممرض هرب من دوما بعد ان عذبه النظام لمساعدته المقاتلين. واعتقد بهربه للاردن انه سيساعد المقاتلين الا انه تحول والاخرون لمراقبين. وعلى الرغم من العودة الا ان المقاتلين المحترفين في الداخل يشكون في امكانية هؤلاء من حرف مسار الحرب لنقص خبرتهم القتالية ولانهم بحاجة الى اسابيع بل شهر على الاقل لتعلم الاساليب القتالية. ويؤكد الدرعاوي ان ما سيسحم المعركة هو الدعم العسكري لا المتطوعون. فحرس الحدود الاردنيون وان غضوا الطرف عن عودة اللاجئين الا انهم يمنعون دخول الاسلحة غير تلك الخفيفة، كما يسمحون بكميات قليلة من المواد الطبية للدخول معهم. ونقلت الصحيفة عن مصدر امني اردني قوله ان الاردن لن يحرم السوريين من حق العودة لبلادهم لكنه لن يتسامح مع تهريب الاسلحة عبر حدوده. ولا تقتصر النشاطات على التطوع للقتال، بل يقوم اللاجئون في الاردن بالتحضير لمرحلة ما بعد الاسد عبر انشاء منظمات وتحالفات مدنية للاسهام في ادارة البلاد في المرحلة القادمة، فلم يعد اللاجئون ينتظرون سقوط الاسد بل هم يحضرون للمرحلة الانتقالية. ومن ضمن الجمعيات التي اعلن عن تأسيسها اول فرقة لسلاح الجو السوري والتي اعلن عنها 150 طيارا انشقوا عن النظام. وتظل اعداد الذين قرروا الرحيل قليلة مقارنة مع عدد اللاجئين في الاردن، ولكنهم خلفوا وراءهم خياما فارغة ولاجئين بقوا يواجهون بردا شديدا ومعاناة. معاناة في الزعتري ففي تقرير من مخيم الزعتري في المفرق اشارت صحيفة' لوس انجليس تايمز' الى الاوضاع التي يواجهها المقيمون فيه على الرغم من محاولات السلطات تحسين الاوضاع، ولم يمنع هذا من انتشار شائعات الشهر الماضي عن اختفاء اربعة اطفال بسبب البرد، حيث القى المقيمون الحجارة على مستشفى ميداني في المخيم قيل ان الاطفال اختفوا فيه وهو ما نفاه الاطباء. وتظل هذه اشارة عن المصاعب التي يواجهها المقيمون في الزعتري ومواجهتهم البرد القارس، اضافة الى الضغوط التي تواجهها الدول التي فر اليها السوريون والاثار التي تتركها الحرب الاهلية هناك على هذه الدول. وتقول منظمات الاممالمتحدة التي تساعد اللاجئين ان برد الشتاء يعتبر تهديدا خطيرا خاصة على الاطفال الذين عانوا اصلا من رحلة طويلة اضعفتهم،حيث يصلون مبتلين بالمطر، واحذيتهم مغطاة بالوحل، ويرتجفون من البرد اضافة لشعورهم بالغربة والرضوض النفسية. وتقول الصحيفة ان المخيم الذي يسكن فيه 40 الف لاجىء تعمل السلطات مع الدول المانحة على توفير المواد والفرش التي تقي سكانه البرد، خيم واقية من البرد. وعلى الرغم من ذلك يشكو اللاجئون في المخيم من الخدمات حيث تسخر ام من الاغطية التي قدمت اليها لتغطية طفليها وتقول كيف يمكن ان توفر اغطية مثل الورق الدفء. الخوف والجوع وفي تقرير عن الوضع في مدينة حلب جاء فيه ان اهاليها يعانون من الخوف والجوع، ونقلت عن عمر ابو محمد واحد من القلة الذين بقوا في الاحياء التي تتعرض للقصف اليومي انه وعائلته يقضون الوقت تحت الاغطية طلبا للدفء بدون مال لشراء الطعام او عمل او حياة كما يقول. وتقول الصحيفة ان الجوع والبرد والمرض هي تهديد آخر للحياة اليومية في المدينة التي يعاني اهلها من تهديد القصف والطائرات المحملة بالقنابل. وهذا هو الشتاء الثاني الذي يمر على السوريين منذ ان اندلعت الانتفاضة قبل 22 شهرا. ويقول مواطن في حلب 'يمكنك الاختباء من القصف ولكن ان كان ولدك يصرخ من الجوع فماذا تفعل؟'. وحلب ليست الوحيدة من يعاني اهلها من الجوع فهناك قصص عن مشردين في مدن اخرى يبحثون في القمامة، ويقومون باخذ خشب البيوت المنهارة ومحتوياته كي يشعلوا منها نارا للتدفئة.