فاجأ رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون الجميع باتجاهه نحو تقنين زواج المثليين، فأثار عواصف غاضبة. لكنه يجد الآن سندا شعبيا طاغيا له إذ قالت أغلبية البريطانيين إنها تؤيد خطوته هذه. صلاح أحمد من لندن: أوضح استطلاع للرأي وسط البريطانيين أن أغلبيتهم (ثلاثة من كل خمسة أشخاص) يؤيدون تقنين زواج المثليين والمثليات. الاستطلاع، الذي تناقلت نتائجه وسائل الإعلام البريطانية، أجرته مؤسسة «آي سي إم» (وهي جزء من «مجلس الاستطلاعات البريطاني») وسط عينة من 1002 شخص فوق سن الثامنة عشرة في الفترة 19 – 23 من الشهر الحالي. وهو يكتسب أهمية خاصة لأنه يأتي في غمار «معركة» طرفاها حكومة المحاظين والليبراليين الديمقراطيين الائتلافية من جهة، والكنيسة الكاثوليكية البريطانية من جهة أخرى. يذكر أن الحكومة تسعى لتقنين زواج المثليين «دينيا في دور العبادة إذا وافقت هذه الأخيرة على ذلك». لكن الكنيسة الكاثوليكية تقول إن القانون – في حال إجازته المتوقعة – «يخالف شرائع السماء وطبائع المجتمعات». ولكن، كما يتضح من الاستطلاع، فإن أغلبية البريطانيين تنحاز الى جانب الحكومة ضد الكنيسة. واستغل كبير أساقفة ويستمنستر ورئيس أساقفة الكنيسة الكاثوليكية في انكلترا وويلز، فينسينت نيكولاس، مناسبة خطابه التقليدي في أعياد الكريسماس ليشن هجوما شرسا على ما سمّاه «نهج الحكومة الفوضوي الذي سيقود الي تقنين زواج المثليين». وقال إن هذا التوجه «لم يُضمّن في أي بيان انتخابي لأي من الأحزاب الرئيسية، ولم يطرح كمسودة مشروع، ولم يأت ذكر له في خطاب الملكة السنوي (الذي تكتبه الحكومة وتقرأه هي نيابة عنها)». وقال في حوار مع «بي بي سي»: «مع كل ذلك فإننا نقف على عتبة هذا القانون الذي يقلب الدنيا رأسا على عقب». والواقع أن جهات عديدة أخرى انتقدت ايضا التوجه الحكومي. فقال السير بول كوليريدج، وهو قاض بالمحكمة العليا، إن على الحكومة أن تشغل نفسها بقضايا أهم من زواج المثليين، مثل تصدع الحياة الأسرية وتشرذم المجتمع. وقال إن الحكومة صرفت مجهودا ووقتا كبيرين في قضية لا تمس الا 0.1 في المائة (نسبة عدد المثليين) من عدد السكان. وكانت استطلاعات مماثلة للرأي قد أوضحت ميل البريطانيين نحو منح المثليين الحق في الزواج بقوة القانون. لكن هذه هي المرة الأولى التي تصل فيها نسبة المؤيدين الى هذا المستوى. فقد قال 62 في المائة إنهم مع تقنين هذا الزواج، بينما قال نصفهم بالضبط (31 في المائة) إنهم يعارضونه. وبالطبع فإن إحدى أهم المضامين المتصلة بهذا الأمر هو أن تقود حكومة المحافظين برئاسة ديفيد كامرون هذا التوجه، لأن حزبه تقليديا هو «حزب الأسرة والحفاظ على التقاليد الاجتماعية». ومن المحتم الآن أن يؤدي هذا الموقف الى صداع حاد لكامرون يُعمل مطارقه اولئك الذين يستنكرون هذا التغيّر الحاد من داخل الحزب نفسه.