مواضيع ذات صلة واشنطن توفي الجنرال الاميركي المتقاعد نورمان شوارزكوف الذي قاد في 1991 جيوش التحالف لاخراج قوات صدام حسين من الكويت عن 78 عاما في منزله في تامبا في ولاية فلوريدا. وقال مسؤول اميركي طالبا عدم ذكر اسمه ان الجنرال شوارزكوف، المعروف بلقبيه «ستورمن نورمان» (نورمان العاصف) و«الدب»، توفي في مدينة تامبا حيث عاش آخر سنوات حياته بعد تقاعده من الجيش. وبين اغسطس 1990 ومارس 1991 غالبا ما ظهر الجنرال شوارزكوف على شاشات التلفزة الاميركية وفي انحاء العالم والى جانبه رئيس هيئة اركان الجيوش انذاك الجنرال كولن بول الذي كان ابرز مستشار عسكري ايضا للرئيس الاسبق جورج بوش. ولم تتضح في الحال ظروف وفاة الجنرال ذي الاربعة نجوم والذي قاد عملية «عاصفة الصحراء» بصفته قائد القيادة الاميركية الوسطى وتحت امرة رئيس اركان الجيوش الاميركية في حينه باول، في حرب ارتبطت باسميهما وارتبط اسماهما بها. واضاف المصدر ان الجنرال شوارزكوف كان مريضا منذ اشهر وتوفي في ظروف لم تعرف بدقة في الحال. ومن غرفة العناية المركزة في مستشفى في هيوستون في ولاية تكساس، كان الرئيس السابق جورج بوش الاب، الذي كان يتولى الرئاسة خلال تلك الحقبة، اول من نعى الجنرال الراحل مشيدا ب«احد اكبر القادة العسكريين في جيله». وقال بوش في بيانه ان زوجته «باربرة وانا نبكي فقدان اميركي وطني حقيقي، احد اكبر القادة العسكريين في جيله»، لافتا خصوصا الى ان الراحل كان ايضا «رجلا طيبا ونزيها». بدوره نعى وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا الجنرال شوارزكوف، وقال بانيتا إن شوارزكوف وهو أشهر الضباط العسكريين في الولاياتالمتحدة كان «خبيرا استراتيجيا بارزا وزعيما ملهما»، مشيداً بشوارزكوف لما قام به خلال 35 عاما من الخدمة التي تركت «بصمة لا تمحى في الجيش الاميركي وفي البلاد». وفي إشارة إلى خدمة شوارزكوف في ثلاثة صراعات - حرب فيتنام وغرناطة وحرب الخليج الاولى - قال بانيتا إن «قيادة شوارزكوف الماهرة في تلك الحملة حررت شعب الكويت وحققت فوزا حاسما لقوات التحالف». ووصف كولين باول، الذي كان شوارزكوف يعمل تحت قيادته باعتباره رئيسا لهيئة الأركان الاميركية المشتركة خلال «عاصفة الصحراء»، الرجل بأنه كان «وطنيا عظيما وجنديا عظيما». وأضاف: «لقد كان صديقا مقربا لي... سأفتقده». ولد هيربرت نورمان شوارزكوف في 22 اغسطس 1934 وتخرج من كلية «ويست بوينت» العسكرية وارسل مرتين الى فيتنام (1965 و1970)، وتقاعد في اغسطس 1991 بعد اشهر من انتهاء حرب الخليج. وبين اغسطس 1990 ومارس 1991 احتلت قامته الضخمة (طوله 195 سنتم ووزنه 120 كلغ) شاشات التلفزة في العالم اجمع حين قاد جيوش التحالف الدولي التي نجحت في تحرير الكويت من قوات صدام حسين، في حرب كانت الاولى التي يتابعها المشاهدون حول العالم على الهواء مباشرة. وحين احتل صدام جارته الجنوبية الصغيرة، كان شوارزكوف قائدا للقيادة الاميركية الوسطى التي تغطي المنطقة «الوسطى» في الكرة الأرضية اي الشرق الاوسط وجنوب غربي آسيا. وبصفته قائدا لهذه المنطقة، قاد الجنرال شوارزكوف نصف مليون جندي اميركي احتشدوا في السعودية ونحو 200 الف جندي من قوات التحالف الدولي، في عمليتي «درع الصحراء» و«عاصفة الصحراء». وادى الانتصار العسكري الذي حققه على القوات العراقية، بتمكنه من طرد القوات العراقية من الكويت والسيطرة عليها في غضون اربعة ايام فقط بعد شهرين من الغارات الجوية، الى تكريسه بطل حرب وكذلك ايضا الى رفع معنويات الجيش الاميركي الذي كانت اذهان جنوده لا تزال مثقلة بذكريات المستنقع الفيتنامي. لكن بعض المؤرخين العسكريين يأخذون عليه السماح للعراقيين باستخدام مروحياتهم عند نهاية الاعمال الحربية ما اتاح لهم قمع التمرد الشيعي في الجنوب والكردي في الشمال. ولم يكن الجنرال شوارزكوف يعتبر لا من الصقور ولا من الحمائم، وكان يرى انه يتحلى بالحكمة «الكافية لادراك انه يجب القيام بكل شيء لتجنب الحرب، لكن اذا كان لا مفر منها فيجب ان تكون قوية بما فيه الكفاية للوصول في اسرع وقت ممكن الى النصر». وقبل بدء الاجتياح قال «ساقوم بكل ما بوسعي للقضاء على العدو بقوة وفي اسرع وقت ممكن». وكان الجنرال شوارزكوف يحرص على التذكير بانه خلال حرب فيتنام وحين كان ضابطا برتبة كابتن، اخذ على عاتقه مسؤولية الغاء مهمة كان يفترض ان يقوم بها رجاله بعدما علم ان الاسناد الجوي والدعم المدفعي الذي كان موعودا به لم يعد متوافرا. وفسر امام الضباط الكبار المسؤولين عنه انه لم يكن يعتزم تعريض حياة جنود للخطر مجانا. ولدى شوارزكوف وزوجته بريندا ثلاثة أبناء. 43 يوماً من الحملة الجوية و100 ساعة من الحرب البرية شوارزكوف بعدما قاد عملية تحرير الكويت: حرصنا على الفوز في كتب التاريخ ... العربي قاد الجنرال الراحل نورمان شوارزكوف الحرب التي شنتها قوات التحالف المكونة من 34 دولة ضد العراق بعد أخذ الإذن من الأممالمتحدة لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي. ولشوارزكوف تصريح شهير عشية انتصار قوات التحالف في حرب عاصفة الصحراء، اذ قال ان بامكانه «اقتحام بغداد بجيوشه في يوم أو بعض يوم، وإطاحة نظام صدام حسين، إلا أن الأوامر بالمنع أتت من فوق!» ويقول شوارزكوف في مذكراته: «كنت احرص حرصا مطلقا على اننا اذا هجمنا على صدام حسين فيجب ان نفوز لا في ميدان المعركة وحده، بل في كتب التاريخ ايضا وهذا يشمل كتب التاريخ العربي». وبدأت عملية تحرير الكويت من القوات العراقية في 17 يناير سنة 1991 وتركز الهجوم البري والجوي على الكويتوالعراق وأجزاء من المناطق الحدودية مع السعودية. وقامت القوات العراقية بالرد عن طريق إطلاق عدد من صواريخ «سكود» على إسرائيل والرياض. وأطلق على هذه الحرب اسم حرب الخليج الثانية، ولكن يُطلق عليها في بعض الأحيان اسم حرب الخليج أو حرب الخليج الأولى للتفريق بينها وبين غزو العراق. وتسمي الولاياتالمتحدة هذه الحرب باسم «عاصفة الصحراء». الحملة الجوية في مطلع فجر 16 يناير من سنة 1991، أي بعد يوم واحد من انتهاء المهلة النهائية التي منحها مجلس الأمن للعراق لسحب قواته من الكويت، شنت طائرات قوات التحالف حملة جوية مكثفة وواسعة النطاق شملت العراق كله من الشمال إلى الجنوب حيث قامت بقرابة 109867 غارة جوية خلال 43 يوما بمعدل 2555 غارة يومياً. استخدم خلالها 60624 طنا من القنابل، الأمر الذي أدى إلى تدمير الكثير من البنى التحتية. وفي 17 يناير من نفس السنة، قام صدام حسين بإصدار بيان من على شبكة الإذاعة العراقية معلنا فيه أن «أم المعارك قد بدأت». استعمل في هذه الحملة الجوية من القنابل ما يسمى بالقنابل الذكية والقنابل العنقودية وصواريخ كروز. وقام العراق بالرد على هذه الحملات الجوية بتوجيه 7 من صواريخ سكود إلى أهداف داخل إسرائيل في 17 يناير 1991 في محاولة لجر إسرائيل إلى الحرب، بالإضافة إلى إطلاق صواريخ سكود على كل من مدينتي الظهرانوالرياض في السعودية، ومن ضمن أبرز الأهداف التي اصابتها الصواريخ العراقية داخل الأراضي السعودية إصابة منطقة عسكرية أميركية في الظهران أدت إلى مقتل 28 جنديا أميركيا، ما أدى إلى عملية انتقامية بعد انسحاب القوات العراقية وقصف القوات المنسحبة في عملية سميت بطريق الموت. وفي الرياض أصابت الصواريخ العراقية مبنى الأحوال المدنية ومبنى مدارس نجد الأهلية الذي كان خاليا وقتها. كان الهدف الأول لقوات الائتلاف هو تدمير قوات الدفاع الجوي العراقي لتتمكن بعد ذلك من القيام بغاراتها بسهولة وقد تم تحقيق هذا الهدف بسرعة وبسلاسة، حيث تم إسقاط طائرة واحدة فقط من طائرات قوات التحالف في الأيام الأولى من الحملة الجوية. كانت معظم الطائرات تنطلق من الأراضي السعودية وحاملات الطائرات الست المتمركزة في الخليج العربي. شكلت القوة الجوية العراقية في بداية الحملة الجوية خطرا على قوات التحالف. فقد كانت القوة الجوية العراقية مكونة من 750 طائرة قتالية و 200 طائرة مساندة موزعة على 24 مطارا عسكريا رئيسيا، إضافة إلى دفاعات جوية متطورة و9000 مدفعية مضادة للطائرات. بعد تدمير معظم قوات الدفاع الجوي العراقي أصبحت مراكز الاتصال القيادية الهدف الثاني للغارات الجوية وتم إلحاق أضرار كبيرة بمراكز الاتصال ما جعل الاتصال يكاد يكون معدوما بين القيادة العسكرية العراقية وقطعات الجيش. قامت الطائرات الحربية العراقية بطلعات جوية متفرقة أدت إلى إسقاط 38 طائرة ميج منها من قبل الدفاعات الجوية لقوات التحالف، وأدرك العراق أن طائراته السوفياتية الصنع ليس بإمكانها اختراق الدفاعات الجوية لقوات التحالف فقامت بإرسال المتبقي من طائراتها، والبالغ عددها 122 طائرة، إلى إيران، كما تم تدمير 141 طائرة في ثكناتها العسكرية. وبدأ العراق في 23 يناير سنة 1991 بعملية سكب متعمدة لما يقارب من مليون طن من النفط الخام إلى مياه الخليج العربي. بعد تدمير الدفاعات الجوية ومراكز الاتصال العراقية، بدأت الغارات تستهدف قواعد إطلاق صواريخ سكود العراقية ومراكز الأبحاث العسكرية والسفن الحربية والقطاعات العسكرية المتواجدة في الكويت ومراكز توليد الطاقة الكهربائية ومراكز الاتصال الهاتفي ومراكز تكرير وتوزيع النفط والموانئ العراقية والجسور وسكك الحديد ومراكز تصفية المياه. وأدى هذا الاستهداف الشامل للبنية التحتية العراقية إلى عواقب لا تزال آثارها شاخصة إلى حد هذا اليوم. وحاولت قوات التحالف أثناء حملتها الجوية تفادي وقوع أضرار في صفوف المدنيين، ولكن في 13 فبراير سنة 1991 دمر «صاروخان ذكيان» ملجأ العامرية الذي أثير حوله جدل كثير، الأمر الذي أدى إلى مقتل أكثر من 315 عراقيا معظمهم من النساء والأطفال. الحملة البرية وشكل الهجوم البري لتحرير الكويت نهاية حرب الخليج الثانية. فقد اعتمدت استراتيجية التحالف على حرب الاستنزاف، حيث تم اضعاف الجيش العراقي بالحرب الجوية على مدى 43 يوماً. وتعتبر هذه المواجهة الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، حيث تواجه نحو مليون جندي تصاحبهم الآليات المدرعة وقطع المدفعية مسنودةً بالقوة الجوية. وحاول العراق في اللحظات الأخيرة تجنب الحرب، ففي 22 فبراير سنة 1991 وافق العراق على مقترح سوفييتي بوقف إطلاق النار والانسحاب من الأراضي الكويتية خلال فترة قدرها 3 أسابيع على أن يتم الإشراف على الانسحاب من قبل مجلس الأمن. لم توافق الولاياتالمتحدة على هذا المقترح ولكنها «تعهدت» أنها لن تقوم بمهاجمة القطاعات العراقية المنسحبة وأعطت مهلة 24 ساعة فقط للقوات العراقية بإكمال انسحابها من الكويت بالكامل. طريق الموت في الرابعة فجراً من 24 فبراير 1991 بدأت قوات التحالف توغلها في الأراضي الكويتيةوالعراقية. وتم تقسيم الجيش البري إلى ثلاثة مجاميع رئيسية بحيث تتوجه المجموعة الأولى لتحرير مدينة الكويت بينما تقوم الثانية بمحاصرة جناح الجيش العراقي في غرب الكويت. وتقوم المجموعة الثالثة بالتحرك في أقصى الغرب وتدخل جنوب الأراضي العراقية لقطع كافة الإمدادات للجيش العراقي. وفي اليوم الأول للحرب البرية استطاعت قوات التحالف للوصول إلى نصف المسافة لمدينة الكويت بينما لم تلق المجموعتان الأخريان أي صعوبات في التقدم. وفي اليوم الثاني قامت قوات التحالف بقطع جميع الطرق لإمداد للجيش العراقي. في 26 فبراير سنة 1991 بدأ الجيش العراقي بالانسحاب بعد أن أشعل النار في حقول النفط الكويتية وتشكل خط طويل من الدبابات والمدرعات وناقلات الجنود على طول المعبر الحدودي الرئيسي بين العراقوالكويت، وقصفت قوات التحالف القطعات العسكرية المنسحبة من الكويت إلى العراق ما أدى إلى تدمير ما يزيد على 1500 عربة عسكرية عراقية، وبالرغم من ضخامة عدد الآليات المدمرة إلا أن عدد الجنود العراقيين الذين قتلوا على هذا الطريق لم يزد على 200 قتيل لأن معظمهم تركوا عرباتهم العسكرية ولاذوا بالفرار. وسُمي هذا الطريق في ما بعد بطريق الموت أو ممر الموت. وفي اليوم التالي، أي 27 فبراير، أعلن الرئيس الأميركي جورج بوش الأب عن تحرير الكويت بعد 100 ساعة