قال باتريك ديزني مدير عام مجموعة خدمات الشركات في أوروبا لدى شركة إدارة الأصول العالمية "إس إي آي" إن هناك رغبة متنامية للاستثمار في سندات الإمارات وإصدارات الدولة ودول مجلس التعاون من الدين لما تتمتع به اقتصادات هذه الدول من أمن واستقرار . وأكد في حوار مع "الخليج" أن المستثمر العالمي بصفة عامة بات يفضل بعد الأزمة الاستثمارات الأكثر استقراراً المتمثلة في أدوات الدخل الثابت، بيد أنه لفت إلى عودة الاهتمام مؤخراً بالاستثمار في الأسهم . ويرى ديزني أن هناك نوعاً من الانتعاش في مؤشرات الاقتصاد العالمي تعكسها البيانات الأخيرة، ورجح في حوار مع "الخليج" تحقق سيناريو التعافي عالمياً مع ارتفاع في مستويات التضخم . وقال ديزني إن ثقة المستثمر في الاقتصاد العالمي بدأت تعود تدريجياً في ظل القرارات الأمريكية والأوروبية الرامية لدعم أداء القطاعات المصرفية . وفي ما يلي نص الحوار: ما رؤيتكم لوضع الاقتصاد العالمي في ظل التطورات الأخيرة؟ - يمر الاقتصاد العالمي بفترة من التعافي على الرغم من بعض العقبات، فقد تحقق نمو معقول في الولاياتالمتحدة، أما أوروبا فشهدت ركوداً بعد فترة قصيرة من التحسن . وفي الأسواق الناشئة تباطأ النمو، لكنه ما يزال موجوداً بشكل ملحوظ، فعلى سبيل المثال، انخفض النمو في ا لصين من 10 إلى 8 في المئة وفي الهند من 8 إلى 6 في المئة، بينما كان النمو في أوروبا مستقراً بشكل عام، وارتفعت الأرقام السنوية في الولاياتالمتحدةالأمريكية من 2 إلى 3 في المئة . ولهذا فإنني أقول نعم هناك قدر من الانتعاش والتعافي، لكنه يعتمد بشكل كبير على تدخلات البنوك المركزية . برأيك ما السيناريوهات المتوقعة للاقتصاد العالمي في المستقبل القريب؟ - هناك مشهدان محتملان للاقتصاد العالمي، الأول هو أن المناطق التي تشهد النمو حالياً ستواجه انخفاضاً، بينما تواصل أوروبا حالة الثبات على خلفية ارتفاع الديون السيادية التي تسبب مصاعب حقيقية مع تأجيل الناس للمشتريات في أجواء يسودها الانكماش . أما السيناريو الآخر الذي أعتقد أنه الأكثر احتمالية فهو أن يستمر التعافي لكن مع بدء تبعات التضخم بالظهور والتأثير في النظام المالي العالمي، هذا هو تماماً ما قاله بن برنانكي أنه سيفعله، على الرغم من التعبير عنه بشكل ضمني غير مباشر في خطابه السنوي الأخير حول دعم الاقتصاد من خلال التسهيلات الكمية . إذاً هذان هما المشهدان المتوقعان: المرور في فترة من التضخم أو الانكماش، ولكنني أتوقع أن تكون هناك فترة من التضخم وليس ازدياد الانكماش، وهو ما ترغب به البنوك المركزية . وكيف تؤثر تلك السيناريوهات في قطاع إدارة الأصول على المستوى العالمي والإقليمي؟ - يعتمد قطاع إدارة الأصول على النمو العالمي لمساعدة أسواق المال وبالتالي تعزيز الإيرادات . وفي بيئة يسودها الانكماش يصبح ذلك صعباً للغاية، على الرغم من كون قطاع الدخل الثابت يبلي بلاءً حسناً في تلك الظروف . وفي ظل التضخم فإن ذلك قد يؤدي في النهاية إلى ارتفاع أسعار الفائدة في قطاعي الأسهم والدخل الثابت، ما يفيد أسواق الأسهم، وبالتالي يصبح التضخم أفضل بالنسبة إلى قطاع إدارة الأصول . أين ترون القدر الأكبر من نمو رغبة المستثمرين العالميين بالاستثمار؟ هل هناك طلب على الأدوات الاستثمارية ذات الدخل الثابت كالسندات؟ - بالنظر إلى الاحتمالين المذكورين، فإن حالة الانكماش ستشهد ازدياد الرغبة بالاستثمار في السندات، بينما يميل المستثمرون إلى الأسهم في حال التضخم . إلا أن ما حدث في السنوات الأخيرة هو وجود رغبة متزايدة بالاستثمار في السندات نظراً لاعتبارها أكثر أماناً، وخاصة سندات خزينة الولاياتالمتحدةالأمريكية، كما أنها تمثل الوسيلة المفضلة لصناديق التقاعد والمبالغ الهائلة التي تقدر بتريليونات الدولارات التي تمتلكها الصناديق التقاعدية حول العالم، ولمواكبة الأصول مع الالتزامات يكون على هذه الصناديق في الأغلب الاستثمار في مزيد من وسائل الدخل الثابت . وعلى الرغم من أن الصعوبة حالياً تكمن في انخفاض حصيلة وسائل الدخل الثابت، وهي قد أصبحت منخفضة بسبب إجراءات التسهيلات الكمية حول العالم . وبدأ الاهتمام بالأسهم منذ فترة قصيرة فقط، بينما كانت وسائل الدخل الثابت محور الاهتمام على مدى السنوات الثلاث إلى الأربع الماضية . هل تعتقد أن المستثمرين العالميين يتطلعون إلى إصدارات السندات الإقليمية في المنطقة، خصوصاً في الإمارات العربية المتحدة؟ هناك رغبة متزايدة من قبل المستثمرين تجاه السندات، كما أن هناك رغبة في الاستثمار في السندات خارج أسواق الديون السيادية التي تحمل تصنيفاً من الدرجة الأولى AAA . يعود ذلك إلى قدرة المستثمرين على تحقيق الحصيلة في الاقتصادات الصغيرة الأكثر أماناً، ومنها قطروالإمارات على سبيل المثال، ولهذا فإنني أعتقد بوجود رغبة متنامية بالاستثمار في السندات الإقليمية المرتبطة بالديون، خصوصاً في الأسواق ذات الأمن الاقتصادي الأكبر . هل ترى أن ثقة المستثمرين في الاقتصاد العالمي قد عادت؟ ليس تماماً، لكننا بدأنا نشهد بعض الدلائل عليها . أعتقد أن السبب يكمن في وجود بعض القرارات التي تدعم القطاع المصرفي في الوقت الذي تستمر فيه المشكلات الكبرى في منطقة اليورو (حيث مصدر المخاطر الكبرى خلال العامين الماضيين)، إلى جانب تحول البنك المركزي الأوروبي بقيادة ماريو دراغي إلى "الملجأ الأخير للاقتراض"، وهوتعبير لا يوافق عليه الألمان . أعتقد أننا بدأنا نرى إمكانية ظهور حل لأزمة منطقة اليورو، ما يمنح المستثمرين بعض الثقة . ما القطاعات التي تتمتع بالقدرة على استقطاب المستثمرين حالياً؟ وما القطاعات التي تستقطب المستثمرين في المنطقة؟ إن كنا نتحدث عن القطاعات في سوق الأسهم فإن المشكلة الحالية هي صعوبة تحقيق عائدات الاستثمار، بسبب انخفاض أسعار الفائدة كثيراً، سواء بالنسبة للنقد أو للديون السيادية . ولهذا السبب يتطلع المستثمرون إلى المجالات التي ستمنحهم العائدات، ما يعني أن الإجابة عن السؤال ترتبط بإصدارات الديون الإقليمية، حيث تحصل على عائدات أعلى من خلال إصدارات آمنة . وينطبق الأمر ذاته على أسواق الأسهم، كونها تضمن التوجه إلى القطاعات التي تقدم عائدات أعلى . على سبيل المثال: السلع الاستهلاكية الأساسية والدورية وغيرها . هل يمكنكم تقديم فكرة أوضح عن شركتكم وعن قاعدة عملائها في الإمارات والمنطقة؟ تركز شركة "إس إي آي" على العمل مع ثلاثة قطاعات من العملاء في منطقة الخليج . القطاع الأول هو صناديق الثروات السيادية، حيث يتشابه توجهنا فيها مع عمل تلك الصناديق من حيث طريقة اختيار المديرين، ونحن نعمل في مجموعة من الفرص المثيرة للاهتمام في القطاع . أما القطاع الثاني فهو العمل مع صناديق التقاعد سواء صناديق الدول الكبرى أو برامج مستحقات نهاية الخدمة، التي تعد أقرب إلى برامج التقاعد الخاص، نشهد في ذلك المجال ارتفاعاً كبيراً في حجم أعمالنا العالمية، خصوصاً في أوروبا والمملكة المتحدة وهولندا . والقطاع الثالث هو قاعدة الشركات العائلية، وهو مجال يناسب تماماً توجهنا الاستثماري طويل الأمد والقائم على إدارة المخاطر . هل تشهدون ارتفاعاً في مستويات الطلب على خدماتكم محلياً وإقليمياً؟ نعم بالتأكيد . فقد ارتفعت وتيرة النقاشات مع المستثمرين، وازدادت أعداد العملاء بشكل جيد . ما الذي يميز شركة "إس إي آي" عن منافسيها الآخرين في السوق؟ لا تقوم "إس إي آي" ببيع المنتجات، وذلك على عكس الكثير من المؤسسات التي تركز عادة على بيع المنتجات، فتوجه الشركة يقوم على تقديم المشورة الاستراتيجية المناسبة بالشراكة والتعاون مع العملاء . نمضي وقتاً كبيراً مع عملائنا بهدف فهم أهدافهم، بحيث تتماشى محافظهم التي يشكلونها مع تلك الأهداف بدلاً من بيع المنتجات التي تهدف إلى تحقيق الأرباح في هذا الشهر أو ذاك الفصل . ما مزايا برامج مستحقات نهاية الخدمات بالنسبة للشركات والموظفين؟ الهدف الأساسي للشركات هو تقليل تكلفة تمويل المستحقات، ما يمنحها القدرة على تخفيض التكاليف بشكل مطلق . وكما ذكرت فإن توجهنا في إدارة الأصول يقوم على أسس محافظة وحذرة، فنحن نساعد الشركات التي تعمل معنا على تحقيق الأرباح النقدية بشكل يفوق ما هو مرصود في موازنتها من نقد، بحيث تكون النتيجة النهائية تخفيض التكاليف . أما بالنسبة للموظفين فالأمر يتعلق بضمان الحصول على المستحقات وزيادتها . كانت بعض المؤسسات التي نعمل معها تقدم خطط الادخار إلى جانب خطة للمستحقات، بحيث تمكنت من منح موظفيها عائدات استثمار مؤسسية بفضل تعاملها على نطاق واسع مع شركة "إس إي آي" . وهكذا تتاح الفرصة أمام الموظفين للادخار من خلال الحلول المؤسسية والعائدات المؤسسية . أما الشركات فيصبح بإمكانها تحقيق المزيد من العائدات، وبالتالي تخفيض التكلفة الإجمالية لإدارة برامج المستحقات . وما الجوانب الإيجابية لتقديم تلك الخدمات في المنطقة؟ يتعلق الأمر بإيجاد بنية حوكمة وإدارة مالية رشيدة أكثر تميزاً تضمن حقوق ومزايا الموظفين . فهي تقوم على احترام المعايير المحاسبية الدولية وفصل التزامات الشركة عن تدفقاتها النقدية اليومية، ما يعني يعطي المزيد من الوضوح في جانب الإدارة الرشيدة للشركات . برأيكم ما المزايا التي يحصل عليها الموظفون والشركات من اعتماد نموذج إدارة الأصول بالوكالة؟ المبدأ الذي تطبقه "إس إي آي" حول العالم هو توفير نقطة اتصال موحدة للعملاء، ما يمكننا كشركة مزودة للخدمات من تقديم المشورة الاستراتيجية الموجهة، وتحقيق أهدافنا في التطبيق والإدارة، وإعداد التقارير الخاصة بالعميل . يتم الأمر بحيث لا تعمل صناديق التقاعد ضمن منهج انعزالي أو بوجود العديد من الأشخاص الذين يقدمون خدمات مختلفة . فالعمل يتم من منظور شمولي إلى صندوق التقاعد . ويعتبر ذلك واحداً من أبرز الجوانب المتعلقة بصناديق التقاعد وخاصة في المنطقة، فهي تقدم نموذج إدارة مالية رشيدة، لأنها تسمح برفع مستوى الاستباقية لدى العميل نظراً لكون المديرين والأمناء يوزعون المهام، ما يمنحهم قدرة استباقية في اتخاذ القرارات، الأمر الذي يحقق مزايا مالية وخاصة عند العمل مع "إس إي آي"، لأن صناديق التقاعد يمكنها أن تستفيد من قدراتنا الشرائية البالغة نحو 200 مليار دولار على المستوى العالمي . ما الخبرات التي تتمتع بها "إس إي آي" في مجال الإدارة الائتمانية؟ تعتبر شركة "إس إي آي" من أكبر وأقدم مديري الإدارة الائتمانية في العالم، فقد بدأنا العمل في الولاياتالمتحدة في منتصف التسعينات، وتوسعنا منذ ذلك الحين لنعمل في المملكة المتحدة وهولندا، والآن في الشرق الأوسط . تلتزم "إس إي آي" بشكل كبير تجاه منطقة الخليج، فلدينا مكتب في الشرق الأوسط منذ خمس سنوات، ونركز على تقديم الحلول المناسبة للعملاء في المنطقة . ونعتقد بأن تبني نموذج الإدارة الائتمانية وغيرها من التوجهات المبتكرة التي نقدمها يسهم بشكل فعال في تحقيق المنفعة لعملائنا .