تتفق أو تختلف معه في الأخير أنت أمام إنسان ينسى التباين وينتقل إلى ماهو حميمي هكذا عرفته لزمن غير قصير شاعرا مجيدا يهز الحرف ليثمر وكاتبا له قناعاته التي يطرحها بوضوح دونما مراوغة أو مغالطة وبهذه الشفافية كانت علاقته بأصدقائه وكل من يعرفهم .ولعل هذا السلوك الجميل يندر أن نجده اليوم عند كثير لكنه ماثل بقوة في شخصية المتوفى المرحوم محمد عبد الإله العصار الذي غادرنا لنقع أمام حدث هز وجداننا وجعلنا ندرك تعب رحيله علينا ونشعر بالفقد ومعنى أن يغادرنا محمد الإنسان البسيط والعفوي والطيب ، لنجد أنفسنا غير قادرين على شيء أمام هذا الرحيل المؤلم سوى ما نخطه من القلب لصديق إلفناه كما الصباح يسأل عن الغائب بشوق وعن الحاضر بوفاء ،ويحاول جاهدا أن يساعد الآخرين ما استطاع إلى ذلك سبيلا بعفوية وطيب خاطر وشعور يغمره بالسعادة حينما يقدر على المساعد. ولاغرابة أن كان كذلك فتعلقه بالحرف وجمالياته وتحسسه نبض الوطن ومعناه يبقى توقه على الدوام .هكذا محمد مليء بالحب والجمال فتح قلبه لكل الذين عرفهم وعاش بينهم واتفق واختلف معهم ولاشيء يفسد للود قضية لديهوهو العنوان الأبرز الذي لم يتخلى عنه .ولعلني أذكر هنا مقيله في التسعينات كيف كان عامرا بمرتاديه من الكتاب ومفتوحا لمن تعسرت ظروفهم فيجدون المأوى هناك بكرم وحب لايمكن لمن عرفه إبان تلك الفترة أن ينسى صنائعه لكثير من الزملاء الذين يجيئونه من عوز فيجدونه سخيا ما استطاع إلى ذلك سبيلا ،وتبقى هذه من مفردات شمائله كإنسان صادق المشاعر إزاء الآخرين .ويبقى كإنسان في مستوى النبل الذي نريده اليوم وأدركنا معناه حين غادرنا كنجم قد أضاء وليس له بد من أن يتوارى ولكن بسيرة عطرة وطيبة وحروف خطهاقلم كانت له طلعاته الشجاعة والتي تميز بها وطنيا وفي أعقد الظروف وأكثرها تحديا. .هكذا هو محمد عبد الإله العصار الصديق الذي تركنا لنعيش هذا الفقد ونتحسس نبضنا في رحيله ولا نقوى إلا على تذكره واستحضار مواقفه وتمثل ماكان متميزا به شاعرا وصحفيا أكان في الغربة أو في وطنه .رحم الله الفقيد العزيز وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه وصحبه وكل من عرفه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون ومضة إفتقدناك ياصاحبي أيها المتأمل : في دهشة وطنا لايقوم افتقدنا عذوبة صوتك مساء تطل علينا به لنرى مانريد وها إننا الآن نرثي الحياة ونرثي القصيدة والحرف