يترقب الجميع نتائج التحقيقات بشأن ملابسات حادثة تحطم الطائرة الانتينوف (AN21) التي سقطت في حي الحصبة بالعاصمة صنعاء في وقت مبكر من صباح الأربعاء. وذكرت مصادر مطلعة انه تم تشكيل لجنة من الخبراء الروس العاملين لدى الجيش اليمني لتحليل بيانات الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة بحضور لجنة التحقيق الفنية التي شكلتها وزارة الدفاع.. مشيرة إلى ان الخبراء الروس سيقومون أيضاً بفحص حطام الطائرة في ضوء النتائج والمعلومات التي سيفصح عنها الصندوق الأسود، والمضي قدماً في عملية التحقيق التي ستجيب على السؤال الذي يطرحه الجميع: هل سقطت الطائرة بسبب خلل فني أم أسقطت بفعل فاعل؟.. خصوصاً وأنها المرة الأولى التي تسقط فيها طائرة عسكرية على حي سكني في مدينة يمنية وفي العاصمة صنعاء تحديداً والتي نجت في غضون ايام من ثاني كارثة محققة كانت ستحصد أرواح الآلاف من سكانها بعد نجاتها من كارثة عسكرية حين تساقطت صواريخ منطلقة من الفرقة الأولى مدرع على عدد من أحيائها. قيادة وزارة الدفاع التي لم تهرع إلى مكان الحادث بعد وقوعه وفضلت الذهاب إلى القاعدة الجوية، شوهدوا على كاميرات التلفزيون وهم يشيعون جثامين الضباط العشرة الذين استشهدوا في الحادث المؤسف، في حين كان العميد مطهر الشدادي قائد الشرطة الجوية- المحسوب على الجناح العسكري لحزب الاخوان المسلمين بقيادة المتمرد علي محسن- في مقدمة من ذهبوا إلى مكان الحادث في مهمة هدفها الرئيسي- غير المعلن- هو التقاط الصندوق الأسود للطائرة والذهاب به إلى مقر قيادة الشرطة الجوية. وبالعودة إلى التفاصيل الأولية للحادث فإن الطائرة كانت في مهمة تدريبية إلى قاعدة العند.. وتواترت شهادات شهود عيان بأنهم شاهدوا النيران تحترق في المحرك الأيمن للطائرة أثناء تحليقها على حي مذبح قبل تحطمها بقليل، وهو ما أكده أيضاً وزير النقل واعد باذيب والذي أفاد باحتراق المحرك رقم (2) للطائرة. وفيما سارع موقع وزارة الدفاع بعد دقائق من الحادث إلى ارجاع أسباب الحادث ل"خلل فني بحت" قبل اعلانه تشكيل لجنة للتحقيق ودون انتظار نتائجه، روجت وسائل اعلام الاخوان المسلمين لتقادم هذا النوع من الطائرات وأن معظم الدول قد حظرت استخدامها، وزعمت بأن هذه الطائرة لم يعد لها قطع غيار كما استغلت هذه الوسائل العاطفة الشعبية إزاء الدور البطولي لقائد الطائرة العميد ركن طيار علي صالح عبيد الخواجة للزعم بأنه كان من أوائل القادة العسكريين الذين انضموا إلى "الثورة الشبابية"، وهي ذات وسائل الاعلام التي ظلت تغطي أخبار مطالبات من تسميهم "أحرار الجوية" لإقالة العميد الخواجة أركان حرب اللواء الرابع طيران كونه من "بقايا النظام السابق" حد تعبيرها. وفي سياق متصل قلل خبراء عسكريون من صحة فرضية احتراق المحرك كسبب رئيسي للحادث.. موضحين ان هذا النوع من الطائرات مخصص للنقل العسكري الثقيل وتستطيع بمحرك واحد الوصول لأقرب قاعدة جوية او أي أرض منبسطة، اذا تعرض المحرك الآخر للاحتراق او لأي عطل مفاجئ أثناء طيرانها. منوهين بأن الانتينوف هي طائرة تستخدم للنقل العسكري ولا تستخدم للتدريب، مستغربين ما ورد في بيان وزارة الدفاع بأن الطائرة كانت في مهمة تدريبية، خصوصاً وأن قاعدة الديلمي الجوية تمتلك العديد من الطائرات المخصصة للتدريب. ولم يستبعد الخبراء ان تكون هناك نية متعمدة لتدمير سلاح الجو اليمني وهذا النوع من الطائرات، مذكرين بأنه كان قد سبق تفجير طائرتي انتينوف بعبوتين ناسفتين أثناء محاولات اقتحام معسكر الحرس الجمهوري بجبل الصمع العام الماضي من قبل المليشيات الارهابية المدعومة من عناصر الفرقة الأولى مدرع. طائرة الانتينوف (AN21) لم تفصح عن أسرارها بعد لكن مؤشرات تلك الأسرار تتجلي في مشهد لسوق الحصبة بعد ساعة من الحادثة، عندما اصطف جنود على جانب من السوق ومجاميع مسلحة تابعة لأولاد الشيخ في الجانب الآخر وفي قلب السوق طائرة تحترق ومواطنون يحاولون إطفاء سعيرها.. وصندوق أسود التقط قبل أوانه، وقد يدفن في مكان ما قريباً أو بعيداً عن "الشرطة الجوية" دافناً معه لغز الطائرة المنكوبة وأبطالها العشرة.