مع حلول شهر ديسمبر عام 1963م كانت العمليات المسلحة التي يشنها الثوار ضد الوجود الاستعماري في الجنوب اليمني المحتل آخذة في التصاعد في إطار المشروع التحرري، لكن عملية القاء قنبلة على موكب الحاكم البريطاني في مطار عدن في العاشر من ديسمبر 1963م الذي كان في طريقه لركوب الطائرة مثل حدثاً مهماً في حد ذاته تسلطت حوله الأضواء لأنه استهدف مباشرة قلب الاحتلال ممثلاً بأركان الاحتلال في عدن ومسؤولي وزارة المستعمرات في لندن. كادت هذه القنبلة الشهيرة التي ألقاها المناضل خليفة عبدالله حسن خليفة التي أصابت المندوب السامي البريطاني بجروح، ان تودي بحياته لولا ان رئيس المخابرات البريطانية حمى المندوب السامي بأن غطى جسمه بجسمه، فكان القتل من نصيبه، كما قتل في هذا الحادث نائب المندوب السامي (هندرسن). جاءت عملية قنبلة المطار قبل يوم واحد من صدور قرارات الأممالمتحدة في 11 ديسمبر 1963م التي جاءت إدانة لموقف بريطانيا وتأكيداً لمطالب الشعب في الحرية والاستقلال. وقد استغلت بريطانيا العملية الفدائية الجسورة في مطار عدن للتنكيل بالوطنيين من أجل التغطية على هزيمتها السياسية في الأممالمتحدة، والتخلص من المعارضين لسياستها الاستعمارية.. وعزمت على الانتقام بمحاولة اعدام معظم قيادات الحركة الوطنية الناشطة في عدن الذين تم اعتقالهم والزج بهم في سجون زنجبار وجعار وأحور بمحافظة أبين تمهيداً لتصفيتهم جسدياً، لكن الضغط الشعبي والفعاليات الوطنية التي انطلقت من أجل انقاذ حياة المعتقلين السياسيين والامتعاض الذي ساد صفوف الضباط والجنود العرب في قوات الجيش والأمن والذي كاد ان يتحول إلى تمرد، بالإضافة إلى الضغوط العربية والدولية المطالبة باطلاق سراح القادة السياسيين، كل ذلك أجبر وزارة المستعمرات البريطانية على التراجع عن خطتها واطلاق سراح المعتقلين بعد ان تعرض بعضهم للتعذيب الوحشي. وبهذا الصدد كتب الكاتب البريطاني "توم ليتل" يقول: "في أواخر عام 1963م كان ثمة حادثان لهما دلالتهما المؤثرتان، وأعني بهما انتخاب خليفة عبدالله حسن خليفة الذي كان مداناً بالقتل الذي لم يكن من السهل التبرؤ منه، والحادث الثاني هو بزوغ الجبهة القومية.. لقد استثنت الانتخابات المحدودة المتطرفين من دخول المجلس التشريعي ولكنه لم يكن في الامكان (الطعن) في انتخاب خليفة عبدالله حسن خليفة، فقد كان فوزه صرخة مرعبة ضد حالة الطوارئ وصرخة ضد اعتقاله بعد (التبرئة) وضد السياسة البريطانية الفيدرالية بصورة عامة".