يبدو أن ثقافة النقد غير مرحب بها في مجتمعنا اليمني !! حيث تُبين المؤشرات أن بعض المسؤولين ( وأتمنى ألا تكون الغالبية ) لا يؤمنون أصلاً بهذه الثقافة، ولا تروق لهم بعض الأعمدة الصحفية الجريئة, وتثور ثائرتهم عندما يقرأون مقالاً يشخص السلبيات والإهمال في إداراتهم , وقد يتخذ البعض منهم إجراءات تعسفية ضد الكاتب!! والبعض الآخر يصف النقاد ب "أصوات النشاز" وأنهم حملٌ زائد على الوطن وليس لهم هدف سوى تحقيق مصالح شخصية بحته!!! وأنهم لا يتمتعون بالمواطنة الحقيقية!! كل هذا لأن الكاتب طرق نقاط الضعف والإهمال وربما الفساد والإضرار بمصالح الوطن والمواطن, ورش الملح على الجرح الملتهب. ويجب أن نعلم أن النقد قبل كل شيء ثقافة تتبعها المجتمعات المتحضرة والمتقدمة، التي تفهم وتعي دور النقد في عملية التطور الحضاري للوطن، وفق أصول وأخلاقيات ومنهج البحث العلمي في كل المجالات والاختصاصات, وللأسف الشديد فإننا لا نجد شيوع ثقافة النقد في مجتمعنا، وقد يُفهم النقد على أنه إساءة للشخص المُنتَقَد!. إن العمل الصحفي في الأصل هو عمل تحرٍ, يقوم على أساس الكشف والنقد , ويقوم على تقديم الإنسان على أي شي آخر, والصحافة المهنية يجب أن تقف إلى جانب المواطن أمام المسؤول.. والنقد من العادات الحسنة, وممارسته لا يعني بالضرورة أننا نعيش في أزمة, وإنما هي عملية نقد خالصة, موجهة تجاه سلوك معين أو قصور في الإطلاع وعدم المعرفة, والهدف من النقد هو معرفة الحقيقة وليس الانتقاص من الأشخاص لذاتهم أو تغييب الجوانب المشرقة , والنقد ليس معركة نخوضها, وإنما هو عملية إصلاح بحته. ونتساءل: ما الذي يمنع المسؤول من الرد على الكاتب والناقد في الصحف المحلية؟!!.. هل لديهم ما يخافون عليه؟!!.. فليس هناك أغلى من الوطن والمواطن بالنسبة لنا جميعاً. الخلاصة: نحن نقدم النقد الصحفي في قالب نقي كهدية ثمينة للمسؤول أياً كان موقعه, ونهدف إلى الرقي بمستوى الخدمات المقدمة للمواطن, وقد اعتبر الإسلام النقد والمؤاخذة على الخطأ هدية، وترحَّم على مهديها (رحم الله امرءاً أهدى إلي عيوبي ) والهدية تجلب المحبة كما قال صلى الله عليه وسلم ( تهادوا تحابوا). ومن هنا نوجه دعوة مفتوحة لكل المسؤولين: دعونا نعقد صفقة مربحة معكم تهدف إلى خلق فكر واعٍ , وبِناء علاقة حميمة يسودها الود والتناصح. وهديتنا منكم هي قبول النقد والتفاعل معه وتصحيح الأخطاء خدمة لهذا الوطن الكبير "والإنسان اليمني " الذي ربما يفتقد إلى الكثير من الخدمات الأساسية لحياةٍ كريمة... فهل نتفق؟!!. [email protected]