بات من الواضح أن مراسلي وسائل الإعلام الخارجي قد تخلوا عن ولائهم وانتمائهم للوطن بولائهم الضيق للقنوات الإعلامية الذين يعملون معها ، ذلك الولاء الذي يجعل المرء يتنازل عن أخلاق العمل الصحفي والمبادئ والقيم الإعلامية النبيلة مقابل المال الذي يجعلهم يوظفون المشاكل والأحداث التي تجري في اليمن وبصورة سيئة تخدم توجه تلك الوسائل الإعلامية المتمثل بالتركيز على عنصر الإثارة، حتى ولو كان مختلقاً وليس له أساس من الصحة أو تناول الأحداث والقضايا بشيء من التهويل المبالغ فيه. فعندما تفتري فضائية عربية عبر مراسلها في اليمن وتبث تقارير مغلوطة مشفوعة بصور من الأرشيف، فإن ذلك يؤكد مدى السقوط التي انحدرت منه هذه القناة وغيرها ممن نحا منحاها. فالإعلام مسؤولية والصحفي محاسب عما يقول وعما يخطه قلمه ، وعليه أن يكون عند هذه المسؤولية وألا يكون عبداً للمال يصيره كيفما يشاء . والوطن ملك الجميع، وأمنه واستقراره يجب أن يحرص عليها الجميع.. وعندما يشتعل فتيل الفوضى والعنف في البلاد لا يستثني أحداً صغيراً كان أو كبيراً.. غنياً او فقيراً، فالكل في مركب واحد وبالطبع سيكون المصير واحداً . وليس من مصلحة هذا الصحفي أو ذاك أن يكون وسيلة بيد الآخرين للتحريض على العنف والفتنة والتشجيع على الفوضى ، وليس من مصلحته أيضاً أن يكون أداة طيعة في أيادي من لا يرجون لهذا البلد الأمن والاستقرار تحت مبرر حرية الرأي والتعبير. الأصح أن على مراسلي وسائل الإعلام الخارجي بأنواعه المختلفة أن يغلبوا مصلحة الوطن فوق مصالحهم ومصالح قنواتهم، لأنها مصالح زائلة وفانية بينما الوطن هو الباقي الذي لا يزول إلى أن تقوم القيامة ودون ذلك لن يستقيم الوضع ، وستدخل البلاد في فتن وحروب أهلية بسبب كلمة تحريض في أولها.. فكما قيل "الحرب تبدأ من الكلمة وبالكلمة تنتهي"، وكلمة "بداية الحرب" ليست أية كلمة وإنما كلمة تدعو إلى الفتنة وتشجع على الاقتتال وتحرض على العنف. فهل يتنبأ مراسلو القنوات الفضائية خطورة هذه الكلمة التي قد لا يأبهون لها عندما يتفوهون بها في أحد تقاريرهم المصورة أو المكتوبة ... ما يجب التأكيد عليه أن الإعلام مسؤولية وأمانة وشرف وعلينا أن نرتقي به إلى مستويات أعلى، من خلاله نتعهد على أنفسنا تحمل مسؤولية أمن واستقرار البلاد وخلق أجيال واعدة طموحة لا يصيبها يأس أو قنوط، كما هو الحال مع التقارير الإعلامية التي بثتها الفضائيات الخارجية عن اليمن ومشاكله وحاضره ومستقبله . لا ريب إذن أن يتحلى مراسلو وسائل الإعلام الخارجي بقدر معقول من المسؤولية تجاه وطنهم ، فيعملون لما فيه مصلحته ويتجنبون ما يبعث على التحريض على الكراهية وإشعال فتيل الفتنة بين الأخوة . أملٌ ما زلنا نرتقبه وحلمُ ليس عصي علينا تحقيقه ، وإنا لواثقون بأن الوطن أغلى وأبقى من كل مغريات الدنيا الفانية .