كثير من المتابعين لشؤون صندوق الرعاية الاجتماعية لفتت انتباههم زيارة الصندوق الأخيرة من قبل الأخ المناضل عبد ربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية النائب الأول والأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي العام "الحاكم في اليمن" وليست الزيارة بحد ذاتها هي الغريبة، إذ أن نائب الرئيس رجل دولة ورجل تنمية، وكثيراً ما يتابع عن بعد وعن قرب مؤسسات الدولة المختلفة وأنشطتها والتحولات التنموية التي تشهدها، لكن الغريب هو أن يقوم الأخ النائب بافتتاح الإدارة العامة لتقنية المعلومات، وهي إدارة تم تجهيزها ودخلت الخدمة منذ عام 1999م.. وكذلك تدشين مشروع الربط الشبكي بين المحافظات، وهو مشروع قديم ايضا ودخل الخدمة الحقيقية قبل ما يزيد عن ثلاث سنوات تقريباً.. * الرقم الذي أعلن في التغطية الإعلامية لزيارة النائب "440 مليون ريال" تكلفة مشروع الربط الشبكي، ربما كان هذا الرقم أحد المفردات التي أقنع بها القائمون على الصندوق سيادة النائب الذي نعلم حرصه على دعم ومتابعة المشاريع التنموية الكبيرة وتشجيع القائمين عليها، وخاصة منها المشاريع ذات الأهداف الإنسانية والاجتماعية، التي تخدم الإنسان والمجتمع كما هو بالنسبة لأهداف صندوق الرعاية الاجتماعية.. لكن الذين أقنعوا سيادة النائب بتلك الزيارة لم يكونوا أمناء معه.. وهو الأمر الذي أثار كثيراً من الاستغراب لدى كثير ممن يعرفون صدق نوايا ومصداقية اندفاع سيادة النائب تجاه كلما يتصل بقضايا التنمية، ويعرفون بالمقابل أن مبرر الزيارة المعلن "افتتاح إدارة المعلومات وشبكة الربط" مبرر يكاد يكون وهمياً إذا لم يكن تدليساً على الأخ النائب وعلى وسائل الإعلام والرأي العام من جهة.. أما من جهة ثانية فإن مصادرنا الخاصة تفيد بأن توقيت هذه الزيارة ربما أنهم لم يكن موفقاً.. إذ تزامنت هذه الزيارة مع جدل شبه معلن حول مخالفات مالية بمليارات الريالات، كشفتها تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وتحقق فيها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والأجهزة المختصة، وهي في طريقها إلى نيابة الأموال العامة والقضاء.. وقد يكون التخطيط والترتيب لزيارة نائب الرئيس والفعالية التي أقيمت في تلك الزيارة واحدة من الوسائل التي يريد عتاولة فساد الصندوق أن يحبطوا بها جهود أجهزة الرقابة ومكافحة الفساد، التي تؤكد تقاريرها ومراسلاتها أنها عازمة مساءلة ومحاكمة فسدة الصندوق في مخالفات مالية تجاوزت اثنين مليار ريال خلال عام 2008م وحده. "الجمهور" تابعت تفاصيل ووثائق ما يدور لتطرحه أمام الرأي العام والجهات المعنية، وقبل الجميع نائب رئيس الجمهورية الذي نثق أنه يحمل من قيم النزاهة والوطنية والمصداقية ما يدحض أية شكوك أو شبهات بأنه على استعداد لحماية فاسد أو السماح لعابث أن يستقوي به أو يحتمي خلفه.. وحتى يكون الجميع وأول الجميع نائب الرئيس على بينة من تفاصيل ما وراء الحدث.. تنشر "الجمهور" خلاصة أحد التقارير الرقابية التي تدور حولها المعركة الحقيقية، التي أراد أحد أطرافها الاستقواء بنائب الرئيس والاحتماء بوجاهته ومكانته ورصيده الوطني. قام الجهاز بمراجعة النفقات المتعلقة بتنفيذ مشروع المسح الميداني للحالات الضمانية لصندوق الرعاية الاجتماعية لعام 2008م وفقا لمعايير المراجعة المتعارف عليها ومنهاج الجهاز الرقابي، ومن خلال عملية المراجعة تبين وجود العديد من المخالفات والملاحظات أهمها: 1 - عدم قيام اللجنة الإشرافية العليا واللجنة الفنية بإقفال واختتام نتائج عملية المسح الميداني للحالات الضمانية لعام 2008م، وعمل تقرير مالي للمسح وتوريد وفر الموازنة والبالغ (322.873.465) ريالاً إلى ح/ الحكومة العام، كون الفترة الزمنية للمسح انتهت بالإضافة إلى انتهاء الفترة الخاصة بالمسح ومحددة بموجب محضر اجتماع اللجنة الوزارية العليا والمشكلة بموجب أمر مجلس الوزراء رقم (30) لسنة 2008م. 2 - تم تمديد فترة المشاركة لعملية المسح الميداني للحالات الضمانية لمدة ثلاثة شهور إضافية إلى الفترة الزمنية المحددة بموازنة المسح، بحيث تصبح فترة تنفيذ عملية المسح لمدة أحد عشر شهراً تبدأ من 1/4/2008م حتى 28/2/2009م، وتمت عملية التمديد بدون موافقة اللجنة الوزارية العليا المشكلة برئاسة نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير التخطيط والتعاون الدولي، وبعضوية كل من وزير المالية ووزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ووزير حقوق الإنسان ووزير الإدارة المحلية ووزير الصناعة والتجارة والمدير التنفيذي لصندوق الرعاية الاجتماعية. 3 - عدم الوقوف على التقرير النهائي لعملية المسح الميداني للحالات الضمانية لعام 2008م، موضحاً الإجراءات المتخذة على ضوء نتائج عملية المسح، وذلك بحجة عدم اعتماد التقرير الخاص بالمسح من قبل اللجنة الوزارية العليا المشكلة بموجب أمر مجلس الوزراء رقم (30) لسنة 2008م، موضحاً الإجراءات المتخذة حيال تلك النتائج. 4 - تم صرف مبلغ (1.045.451.217) ريالاً من ح/ موازنة المسح الشامل بموجب توجيهات من قبل قيادات صندوق الرعاية الاجتماعية، وبدون اعتمادها من ممثلي وزارة المالية في اللجان، علما أنهم مكلفون رسمياً بموجب مذكرة وزارة المالية برقم (392) بتاريخ 19/5/2008م. 5 - قيام قيادات الصندوق (بالمركز الرئيسي) بصرف مبلغ (74.289.182) ريالاً من مخصصات مستحقات المراجعة الفنية والإدخال الآلي، والترميز الخاص بفروع الصندوق للمحافظات، وتجنيب ذلك المبلغ لدى أمين الصندوق وصُرف منه مبلغ (42.554.078) ريالاً بالتكرار مقابل مستحقات لإشراف اللجنة العليا الإشرافية بالمركز الرئيسي على عملية المراجعة الفنية والإدخال الآلي للفترة من 30/7/2008م حتى 28/2/2009م، وكذا مقابل مستحقات الأخوة موظفي إدارة تقنية المعلومات رغم أنه قد تم صرف مستحقات لتلك اللجان بشكل مستحقات يومية خلال فترة المشاركة بعملية المسح من تاريخ 1/4/2008م حتى 28/2/2009م مما يعتبر عملية الصرف بدون وجه حق. 6 - القيام بصرف مبلغ (83.493.474) ريالاً خلال فترة المسح، وذلك مقابل مستحقات اللجنة الفنية واللجنة المالية وسكرتاريتها واللجنة الرقابية والتقييم، وكذا مقابل مستحقات موظفي إدارة تقنية المعلومات بالصندوق بدون إرفاق الوثائق والمستندات المؤيدة لصحة الاستحقاق والصرف. 7 - صرف مبلغ (176.504.000) ريال مقابل مستحقات أجور السيارات المستخدمة من قبل مساعدي مشرفي المحافظات ورؤساء الفرق (المجموعات) وعلى مستوى فروع الصندوق بالمحافظات ولصالح شركة ديترمنيتن للمقاولات العامة والخدمات النفطية وتمت عملية الصرف بموجب عرض سعر فقط، رغم أنه لم يتوجب إجراء مناقصة عامة وتحت صلاحية واختصاصات اللجنة العليا للمناقصات، كما لم يتم خصم الضرائب المستحقة على الشركة وبمبلغ (8.825.200) ريال وتوريدها إلى ح/ الضرائب، علماً أنه تم صرف مستحقات تلك الشركة بدون إرفاق الوثائق والمستندات المؤكدة لصحة الاستحقاق والصرف، كما أن مدير الشركة عضو من أعضاء اللجنة الإشرافية العليا للمسح. 8 - قيام الصندوق بتعزيز فروعه وعلى مستوى عموم محافظات الجمهورية وبمبلغ (978.773.002) ريال مقابل تنفيذ عملية المسح للحالات الضمانية لعام 2008م وقد لوحظ الآتي: أ - عدم إثبات وقيد تلك المبالغ كعهد في سجل العهد (الحسابات المساعدة المدينة) حتى يتم إخلاؤها وتسويتها بموجب الوثائق والمستندات المؤيدة لعملية الصرف. ب- صرف مستحقات مشرفي المحافظات (مدراء فروع الصندوق) بمبلغ (8.080.000) ريال، ولفترة (95) يوماً في حين تم اعتماد وصرف مستحقات لهم بالموازنة التقديرية للمسح، والمتمثلة في مستحقات الاستلام والمراجعة الفنية والإدخال الآلي وبمبلغ (10.808.546) ريالاً مما تعتبر عملية صرف بالتكرار وبدون وجه حق. ج- صرف مستحقات مختلفة بلغت (178.950.851) ريالاً بدون خصم الضرائب المستحقة، والبالغ قيمتها (26.844.127) ريالاً والواجب توريدها إلى ح/ مصلحة الضرائب. د- عدم قيام اللجنة الإشرافية العليا بالصندوق بالتوجيه للجنة المالية المشاركة في عملية المسح الميداني بمتابعة وإخلاء وتسوية العهد الخاصة بفروع الصندوق على مستوى عموم محافظات الجمهورية، والتي لم تتم تسويتها حتى تاريخ المراجعة في 30/9/2009م، والبالغ إجماليها (426.024.570) ريالاً، علما أن من ذلك عهد مبلغ (235.160.030) ريال تم إخلاؤه وتسويته عبر موظفي إدارة الحسابات بالصندوق، وليس من قبل اللجنة المالية المشاركة بعملية المسح، رغم أنهم مكلفون رسمياً بالمشاركة، وقد تم صرف مستحقاتهم كاملة وللفترة من 1/4/2008م حتى 28/2/2009م. 9 - تم صرف مبلغ (14.209.001) ريال بالاستمارتين رقم (14.1) مقابل بدل سفر لأعضاء اللجنة الإشرافية واللجنة الفنية والمالية وسكرتاريتها إلى فروع الصندوق بالمحافظات، وذلك بالمخالفة لقرار مجلس الوزراء رقم (201) لسنة 2007م بشأن اللائحة الخاصة ببدل السفر الداخلي والخارجي. 10 - تم صرف مبلغ (119.385.883) ريالاً بالاستمارات رقم (18، 13، 76) وبتواريخ 14/7-29/6-14/7/2008م مقابل شراء وتوريد قرطاسية ومطبوعات لعملية المسح الميداني للحالات الضمانية لعام 2008م، وذلك بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية رقم (23) لسنة 2007م ولائحته التنفيذية المعمول بها. 11 - عدم قيام اللجنة الإشرافية العليا بالصندوق بالتوجيه بإلزام أمين الصندوق بتوريد المبلغ المتبقي لديه والبالغ (2.014.862) ريالاً إلى ح/ الحكومة العام. 12 - تم تسوية مبلغ (6.043.300) ريال من ضمن العهدة المنصرفة لأمين الصندوق مقابل نفقات مختلفة بدون وجه حق. 13 - تم اعتماد صرف مبلغ (90.080.201) ريال مقابل تنفيذ بعض عمليات المسح الميداني (مستحقات اللجنة الإشرافية والفنية والمالية وسكرتاريتها بالتجاوز عن المبلغ المخصص بالموازنة الخاصة بالمسح لعام 2008م حيث تمت تغطية ذلك التجاوز من مخصصات بنود أخرى حققت وفورات. وعليه وإزاء ما تم ذكره فالجهاز يؤكد على مسؤولية صندوق الرعاية الاجتماعية بتوريد مبالغ الوفورات من الموازنة المعتمدة لعملية المسح الشامل للحالات الضمانية لعام 2008م، مع ضرورة استعادة المبالغ المالية التي تم صرفها بدون وجه حق وتوريدها إلى ح/ الحكومة العام، واتخاذ الإجراءات القانونية حيال ذلك، ومساءلة المتسببين بعملية صرف تلك المبالغ. ويعتبر التقرير التفصيلي المرفق جزءاً لا يتجزأ من هذا الخطاب. د. منصور البطاني وكيل الجهاز للقطاع الإداري.
