سواء أكان الناطق باسم أحزاب اللقاء المشترك قد علم بأمر استئناف الحوار الوطني مع الحزب الحاكم أو لم يعلم فالنتيجة واحدة، وهي محسومة مسبقا كما أشرنا إلى ذلك في العدد الماضي، والتي مؤداها - بحسب قراءة صحيحة ودقيقة لأوراق اللقاء المشترك -رفضه المطلق لإجراء أي حوار سواء مع الحزب الحاكم أو مع السلطة، رغم مناوراته وتكتيكاته وحديثه الممل عن الحوار، وذلك خشية وقوعه في فخ الالتزام لأية اتفاقات هو يتهرب منها، وأن تشكيك الناطق الرسمي باسم أحزاب اللقاء المشترك بأمر استئناف الحوار إنما يندرج في إطار التنصل والتهرب والتبريرات ليس إلا. فاللقاء المشترك ومنذ أن تخلى عن ممارسة قواعد العملية الديمقراطية والالتزام لها وانغماسه في عمليات الابتزاز والعداء والانتقام والثأر والانفصامية ولجوئه إلى رفع شعار "حراك من أجل التغيير" والعمل على تحقيقه بمختلف الوسائل غير الديمقراطية، إضافة إلى تحالفه الوثيق مع كل أعداء الوطن والوحدة من الحوثة والحراك والقاعدة ومرتزقة الخارج والمستترين والواقفين في الوسط وأصحاب المواقف المزدوجة، انطلاقاً من نظرية "ميكافيللي" الانتهازية الشهيرة "الغاية تبرر الوسيلة"، منذ ذلك الحين تنصل ويتنصل عن مبدأ إجراء أي حوار بناء وجاد مع الحزب الحاكم أو السلطة، أو أي طرف آخر من أطراف العملية السياسية، ويستمرئ تثوير الأوضاع، وتأزيم المواقف وإشعال الحرائق وإثارة الفتن في المجتمع. بل يكشف الواقع الآن أن اللقاء المشترك رهن استقلاله وقراره لهيمنة المال والسطوة التي تمارسها "لجنة التشاور الوطني" البعيدة كل البعد عن مسماها بحصرها التشاور على فئات وعناصر بعينها. فمنذ هيمنة "لجنة التشاور الوطني" على قرار اللقاء المشترك المستقل باعتبار اللجنة هي الممول لأنشطة اللقاء المشترك، وأن من يملك المال هو سيد الموقف، وصاحب اليد الطولى في اتخاذ القرار.. مذ ذاك لم يعد اللقاء المشترك سيد نفسه، وخضع لقرارات ومواقف فرضت عليه من خارجه، ونستشهد ونستدل هنا بفقرة من بيان الاستقالة لبعض قياديي لجنة التشاور الوطني من اللجنة لإثبات صحة أقوالنا. "التفرد في القرار والضيق الدائم من قبل الأمين العام من الرأي المغاير، فضلا عن كون اللجنة التحضيرية لم تجتمع منذ ستة أشهر وكل قراراتها لا ندري من يتخذها بالنيابة". علاوة على هذا، فقد وردت عبارات ذات صلة في نفس بيان الاستقالة مثل: "تحول اللجنة التحضيرية للحوار الوطني إلى كيان بديل لأحزاب اللقاء المشترك مسفرة عن مشروع شخصي صغير وكيان خليط غير مدني وغير سياسي". وطالما استمر الوضع على هذا المنوال فلا أمل في حوار جاد قريب بين اللقاء المشترك والحزب الحاكم، وسيظل الانفراج السياسي حلماً بعيد المنال.