لقد نبهنا في كتابات سابقة إلى عدم مصداقية أحزاب اللقاء المشترك في التعاطي مع القضايا الوطنية بروح المسؤولية، وذلك انطلاقا من تجربتنا مع هذه الأحزاب التي لا تستطيع التعايش خارج إطار الفوضى والقلاقل والأزمات، حتى صار مصطلح "الأحزاب المأزومة" ينطبق عليها قولا ومعنى، وذلك لوجود قاسم مشترك تحالفت عليه هذه المتناقضات بالعمل سوياً من أجل إسقاط النظام تحت زعم أو وهم أنها البديل للنظام القائم. مع قناعتنا هذه في أحزاب اللقاء المشترك إلا أننا إزاء القضايا الوطنية نضطر أحيانا إلى الضغط على أنفسنا وترك قناعاتنا جانباً تغليبا للمصلحة الوطنية العليا، وحتى لا يقال أننا نصطاد في المياه العكرة أو أن المناخ مسمم ولا يسمح بأي نشاط طبيعي بل ومعيق له. ولقد افترضنا حسن النية في اتفاق المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك بشأن تأجيل الانتخابات لمدة عامين، رغم كل شكوكنا في مصداقية أحزاب المشترك من هذا الاتفاق، متعشمين أن هذا الاتفاق سيجنب الوطن حالة الاحتقان السياسي الذي يعيشه والأزمات التي تعصف به جراء هذه السلوكيات الرعناء، ولكن الذي تأكد أن أحزاب المشترك استطاعت أن تتجنب مأزق الانتخابات التي كانت تحسب حسابها وتنصلت من كلما عداها. فبعد مرور أكثر من خمسة أشهر على اتفاق تأجيل الانتخابات ما يزال الحوار مشلولاً ومتوقفاً بين الحزب الحاكم وأحزاب المشترك الممثلة في مجلس النواب بشأن تعديل قانون الانتخابات وما يتفرع عنها، رغم المناشدات والدعوات المتكررة من الحزب الحاكم لبدء هذا الحوار، والتي تقابل بالتسويف والمماطلة ورفع سقف المطالب الذرائعية من قبل أحزاب المشترك، مما يعري حقيقة نوايا المشترك إلى أنه لم يكن يهدف من ذلك الاتفاق سوى تأجيل الانتخابات لا غير.. وأن بقية مزاعمه حول إصلاح النظام الانتخابي لم تكن سوى مبررات لتعطيل الانتخابات. لقد كان ولا يزال اللقاء المشترك يتوهم أن هناك مؤامرة تستهدف الوطن، ربما تطيح بالنظام في حالة نجاحها وأنه البديل المفترض للحكم، وظل وما زال يعيش تحت هذا الوهم والذي بسببه يتحاشى ويتجنب استئناف الحوار مع الحزب الحاكم. إن اللقاء المشترك وضع نفسه في خندق الأعداء والمتآمرين والخونة بعد أن أدمن إشعال الحرائق وتغذية الفتن ودعم التمرد في صعدة، وما يسمى ب "الحراك الجنوبي" بشكل أو بآخر متجاهلاً أن من يشعل النار يحرق أصابعه بها وأنه يكون أول المحترقين.