ابتداءً يُستحسن التأكيد على أن كاتب هذا المقال يتمنى من أعماق قلبه أن تكون الجولة السادسة من حرب الدولة في مواجهة التمرد الحوثي هي الأخيرة، وأن يسود الأمن والسلام والاستقرار كل ربوع اليمن، بحيث يتجه الجميع إلى البناء والتعمير تحت مظلة الوحدة والديمقراطية والثوابت الوطنية.. وبعد هذه التوطئة فإن من الأهمية بمكان التساؤل عما إذا كان ثمة التزامات تتوجب على أحزاب اللقاء المشترك تجاه الوطن – الأرض والإنسان – جراء اختيار هذه الأحزاب الشراكة مع الحوثيين وتبني الدفاع عنهم!!. وحتى لا يستشكل على أحد دوافع مثل هكذا تساؤل أرى ضرورة التأكيد أيضاً على أنني لست معنياً بتصويب تحالف المشترك مع المتمردين الحوثيين أو تخطيئه، فهذا شأن هذه الأحزاب، ولست في موطن الاعتراض أو القبول، فالأيام كفيلة بالحكم على هذه الشراكة سلباً أو إيجاباً، وما إذا كانت على صلة بثوابت الوطن ومصالح أبنائه، أم على النقيض منها.. إذاً فقد اختارت أحزاب اللقاء المشترك جانب الحوثيين، وأدرجتهم ضمن شركائها، وسواء كان المشترك بتجمع أحزابه الستة هو السباق إلى خطب ود الحوثيين وطلب الشراكة معهم، أو كانت جماعة الحوثي هي التي عمدت إلى وضع أسس هذه الشراكة وتثبيتها، فالمهم أن الشراكة الآن بين الجانبين على أتمّها.. وعليه أليس لكل من الفريقين على الآخر سلطة معنوية في حال طلب منه - فضلاً لا أمراً - التوقف عن أمرٍ ما أو إتيان أمرٍ ما؛ أن يستجيب له بحق الصداقة والشراكة؟!!. قد يقول قائل: إلى أين تريد أن تصل.. بمعنى "هات من الآخر"؟!.. وأقول له: إن الحوثيين في صعدة ومديرية حرف سفيان بمحافظة عمران وبعض القرى في محافظة الجوف، يحدثون كل يوم أعمالاً غير مطمئنة على أنهم سينحازون إلى الخيار السلمي والعمل المدني، بل إن مسلكهم يؤكد نزعة التوسع لديهم، ومضيهم في الاستحواذ على تلك المناطق وتطويق ساكنيها بالقوة والغلبة والقهر والاستعلاء.. فهل أحزاب المشترك راضية بهذا النهج ومباركة له؟!.. وفي حال عدم رضاها ونفي مباركتها لهذه الممارسات من قبل شريكها الحوثي ألا تستطيع أحزاب المشترك الأخذ على أيدي الحوثيين، أو على الأقل نصحهم بالتخلي عن انتهاك مقومات السلم؟!.. ثم لماذا لم يسبق الإعلان عن مثل هذا من قبل المشترك تجاه سلوكيات شريكهم الحوثي وجماعته المخلة بالسلم والأمن وحقوق الإنسان ومتطلبات العدل الاجتماعي الشامل؟!.. قد يكون موقف أحزاب المشترك من الحكومة والحزب الحاكم دافعاً لغض طرفها عن افتئات الحوثيين على الدولة، وسعيهم المتكرر للفت في عضدها.. وبصرف النظر عن خطورة هذا المنحى من المناكفة السياسية التي تتمترس خلفها أحزاب المشترك، أليس من الأولى أن يكون للمجتمع اعتبار لدى هذه الأحزاب، ومن ثم الضغط على شريكها الحوثي حتى يخفف من حدّة وطأة عناصره وحاكميتهم الظالمة على المواطنين في تلك المناطق؟!. على اعتبار أن أحزاب المشترك تولي المواطنين الذين يقعون تحت ضغط جماعة الحوثي أهمية ولو بسيطة في مقابل الأهمية التي توليها هذه الأحزاب للحوثي فما رأي زعماء المشترك، أو بالأصح ما هو موقفهم من استمرار شريكهم الحوثي عبر عناصره في إرغام المواطنين على دفع الزكاة للحوثيين، بل وفرض مبالغ معينة يقتطعها الحوثيون من محاصيل المواطنين تحت مسمى السبيل؟!.. وما هو رأي زعماء المشترك في استمرار تنصيب الحوثي من قبله حكاماً وولاة على مناطق عديدة في صعدة وحرف سفيان، وتشكيل شرطة ضبط مهمتها سوق المواطنين بالإجبار إلى محاكم هي الأخرى من تشكيل الحوثي، والذين يقومون فيها تحت مسمى القضاء بين الناس هم كذلك معينون من قبله، مع أن بينهم وبين شروط الحكم بالعدل والقضاء بالحق بعد المشرق والمغرب..؟!. كل تلك الإشكالات وغيرها الكثير فضلاً عن استمرار احتلال عناصر الحوثي لما تبقى من المدارس واتخاذها ثكنات لهم ومقرات، ومضايقة من لم يزالوا على شيء من الولاء للدولة وثوابتها الوطنية.. ما هو موقف قادة أحزاب اللقاء المشترك حيالها؟!.. وأليس من حق الذين يعانون ظلم الحوثي وجماعته من المواطنين على أحزاب المشترك أن يسمعوا من قادتها ولو حتى استنكاراً ورفضاً معلناً لاستمرار الحوثيين على هذا المسلك العدواني الظالم..؟! هذه مجرد تساؤلات إن لم تكن أحزاب المشترك معنية بها فالشعب لن ينسى.