"صادق" شاب يسكن مع أهله على مقربة من العمارة التي أقطنها.. كنت أصادفه شبه يومي عند المساء في مخبز والده المتواضع، وبعد انقطاع دام شهرين تقريباً، التقيته مساء 20 ابريل الجاري، في ذات المكان، صافحني بحرارة فباشرته بالسؤال: أين المغوبات يا صادق؟!.. أطرق برأسه هنيهة ثم قال: كنت مع المعتصمين في ساحة "التغيير" في كورنيش المكلا، ثم انسحبت هذا اليوم، قلت له: أفضل لك هذا.. ألا قل لي لماذا انسحبت بعد هذه المدة؟!.. أجابني: ما فيش فائدة.. المسألة فيها مغالطات ولف ودوران وتمييز.. وكان الاعتصام حقنا نحن الشباب في البداية، وكانت مطالبنا هي التوظيف والاستقرار، هنا تدخل والده الذي ناف على الستين من العمر، قائلاً: الحمد لله إللي هداه واعاده الينا ليساعد نحن في المخبز لمان يتوظف.. شهرين ونحن مشطونين – قلقين – عليه، واخوانه ما حد يساعدهم في الدراسة. سألت صادق: وماذا تقصد بالمغالطات والتمييز؟.. أجابني: أصحاب "المشترك" من المطاوعة انقلبوا علينا، وقالوا الثورة حقهم ووفدهم راح إلى الرياض وما أخذ معه احد من قيادتنا الشبابية، ثم هناك التمييز اللي زادوه حتى في الأكل، اللحم لهم، والدجاج لهم، ونحن لنا الصيد والرز الحاف.. وفي كل اسبوع يدفعون بنا لمحارشة – استفزاز- أصحاب ساحة "الحرية" عند جولة المكلا.. يعني أصحاب الحراك وتقع "هدة" – عراك- بيننا وبينهم والمطاوعة في الخيم يتفرجون، ونحن يقع لنا تكسير رؤوس وتشعيق شمزان إلى ان ضاق بنا الحال فانسحبنا أنا ومجموعة من أصحابي، وخلينا الساحة لهم. صمت برهة ثم حدق في عيني وقال: هل صحيح ما سمعناه ان هناك أملاً في توظيفنا نحن الجامعيين أم دعاية؟!.. أجبته هذي حقيقة والسلطة المحلية تستعد لاستقبال حصتها من معدلات التوظيف، وعليك ان تستعد بشهادتك وصورة من ايصال طلب التوظيف المعروف من الخدمة المدنية. تهللت أسارير وجهه وفغر فم ابيه من مفاجأة الخبر السعيد فرفع يديه بالدعاء.. قال صادق: شكراً على هذه البشارة عم علي، إذا صدقت الحكومة واسرعت والله ما حد با يبقى من الشباب في الساحات اللي با توظفه واللي با ينتظر.. المهم الوفاء من قبلها إذا تريد حل هذه الأزمات، قالها وهو يلج المخبز ليساعد أخاه في إخراج ما نضج من الروتي في الفرن، وغادرت بدوري مخبز والده بعد ان دفعت قيمة ما اشتريته من خبز وروتي، ولسان والده لا يزال يلهج بالدعاء. قال الشاعر: إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته على طرف الهجران إن كان يعقل (معن بن أوس)