بعد فشلهم في اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر، شكل الاخوان التنظيم السري لتصفية رموز الثورة المصرية استغل اخوان اليمن القوى القبلية لإثارة فتنة أغسطس 68م وتصفية الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي الاسلاميون استغلوا الرئيس لتحقيق مصالحهم الأنانية واستغلوا خصوم الوطن للانقلاب عليه وعليه الشرعية الدستورية بهدف الوصول إلى السلطة بعد صيف 94 غنم الاسلاميون ميراث الاشتراكي سياسياً ومعنوياً ثم ضاعفوا من ابتزازهم السياسي وانتهجوا مبدأ التخريب من الداخل ليضمنوا ديمومة مشاركتهم في السلطة عقب سقوط الدولة العثمانية مطلع عشرينات القرن الماضي ظهرت على الساحة العربية حركات دينية وقومية ولكل منها مبادئ وأهداف، ومن هذه الحركات حركة القوميين العرب وحركة الإخوان المسلمين.. الأولى هدفت إلى إحياء روح القومية العربية ومقارعة المستعمر الجاثم على أجزاء واسعة من المنطقة العربية، والتي أُحتلت بموجب اتفاقية "سايكس بيكو"، أما الأخرى فهدفت إلى إحياء قيم الدين الإسلامي ومواجهة حركات التخريب في المنطقة ومواجهة ثقافة المستعمر. وإن كانت الحركتان متناقضتين في الأهداف والمبادئ إلا أن كلاً منهما سعى إلى إلغاء الآخر وفرض سياسته في المنطقة، ونتيجة لحاجة المنطقة لقيادة شجاعة من أجل مقاومة المستعمر فقد تنادت كلا الحركتين لتشكيل كيان موحد يهدف إلى تحرير المنطقة العربية من الاستعمار، فكان تشكيل تنظيم الضباط الأحرار في مصر باكورة العمل السياسي الموحد في المنطقة، خاصة بعد أن خاض كل من الحركتين صراعاً مع المستعمر وحلفائه. ففي حين فشلت ثورة أحمد زغلول لإسقاط حلفاء الاستعمار في مصر فشل الإخوان في الوصول إلى السلطة بمصر إبان اغتيال النقراش باشا رئيس وزراء مصر في عهد الملك فاروق، واتهم الإخوان في هذه العملية، مما وطد علاقة الإخوان بالقوميين.. وفعلا تمكن الضباط الأحرار من إسقاط الحكم الملكي في مصر وتحريرها من الهيمنة الاستعمارية. وبنجاح ثورة 23 يوليو 52م في مصر تنفس العرب الصعداء، وتمكنوا من إحداث ثورة عارمة في كافة أرجاء المنطقة العربية، وفعلاً قدمت الثورة المصرية الدعم الكامل للثورات العربية.. بيد أن الإسلاميين في مصر أظهروا مدى سعيهم الحثيث للاستيلاء على الحكم وإقصاء الآخرين، ظهر ذلك جلياً من خلال تمردهم على تنظيم الضباط الأحرار وزرع الفتنة بين صفوف قياداته. وفي محاولة يائسة لقتل قائد الثورة العربية جمال عبدالناصر فيما عرف ب"حادثة المنشية" سعى الإخوان لتشكيل ما عرف بالتنظيم الخاص أو التنظيم السري وإعداده وتدريبه لتصفية رموز الثورة، وحدث ما حدث من صراع سياسي بين القوميين والإخوان امتد إلى بعض الأقطار العربية، بيد أن الإخوان استغلوا الإعلام لإسقاط خصومهم سياسياً وتحت يافطة الدين تارة بدعوى مواجهة "الفكر الدخيل" وتارة بدعوى مواجهة "الصهيونية" وغيرها.. ونجح إعلام الإخوان في المعركة لكنهم فشلوا في الوصول إلى السلطة، والنتيجة نجاحهم في تمزيق أواصر القوميين وإحداث الصراع فيما بينهم كما حدث للحركة الناصرية والبعث والذي تحول إلى بعثين سوري وعراقي. الإسلاميون واليمن استغل الإسلاميون سياسة "الفرصة السانحة" لتحقيق أهدافهم.. فبعد أن نجحوا في إحداث الصراع بين مختلف طوائف الحركة القومية، استغلوا الصراعات الأقليمية أو حتى الداخلية لتحقيق أهدافهم، فقبل ثورة الدستور في اليمن عام 48م أرسل إخوان مصر الفضيل الورتلاني إلى اليمن بدعوى دعم ثورة الدستوريين ومساندة اليمنيين في بناء دولة دستورية وفشل الورتلاني في ذلك. بيد أن القوميين في مصر والعراق قدموا الدعم والمساندة للثوار اليمنيين من أجل إسقاط نظام الإمام احمد في صنعاء وعبر عدد من الضباط الأحرار في صفوف الجيش، ونجح الضباط الأحرار في اليمن في القضاء على عهد الأئمة ومطاردة فلوله.. وهنا تحول مسار الإخوان من دعم الثوار الدستوريين إلى مساندة ودعم مؤيدي النظام الإمامي، والذين فروا إلى إحدى الدول المجاورة. ومع نجاح الإخوان في استعطاف عدد من القبائل اليمنية حتى المؤيدة للثورة فقد نجحت عدد من القبائل في إحداث الصراع بين الثوار أنفسهم كما حدث في أغسطس عام 68م، ولم ينته الصراع في اليمن إلا بالمصالحة الوطنية عام 70م، وعاد الكثير من إخوان اليمن من الخارج بعد أن وطدوا علاقتهم بإخوان مصر المنفيين إلى إحدى دول الجوار، وفي اليمن بدأ نشاط الإخوان رغم عدم تمكنهم من الوصول إلى السلطة، في حين أن رموز الضباط الأحرار في اليمن خرجوا من الوطن مكرهين.. وقد أدى تحالف القبائل مع البعثيين جناح العراق إلى إحداث نوع من الاستقرار السياسي في اليمن لكن هذا التحالف فشل نتيجة تدخل الإسلاميين في اليمن وحلفائهم، وأمام هذا الفشل قدم القاضي عبدالرحمن الإرياني استقالته مكرهاً من المجلس الجمهوري في انقلاب أبيض قاده الرئيس إبراهيم الحمدي المتحالف مع القبائل. بيد أن تدخل أكبر القبائل اليمنية في فرض حقيقة الأمر الواقع أدى بالرئيس الحمدي إلى إعلان حالة الطلاق بين السلطة والقبيلة المؤيدة للإسلاميين، وفي المؤتمر التأسيسي للتنظيم الناصري والذي عقد في الحديدة عام 77م أعلن الحمدي انضمامه إلى التنظيم والتخلي عن تحالفه مع القبيلة، وفي ذلك العام نفسه تمكنت بعض القوى القبلية من تصفية الشهيد الحمدي في حادثة اغتيال لم تكشف تفاصيلها حتى اليوم. وحاول الحمدي إبان توليه السلطة جذب الإسلاميين إليه من خلال تأسيس رئاسة المعاهد العلمية والتي بدأت بسبعة معاهد في كل من صنعاءوالحديدة وخولان وتعز وجبلة وغيرها، واستغل الإخوان هذه الفرصة لنشر مبادئهم واستقطاب أنصارهم، لكن اغتيال الحمدي أعاد لحمة التحالف بين الإخوان والقبائل، بيد أن الوطن مر بظروف سياسية صعبة عقب اغتيال الشهيد الرئيس احمد حسين الغشمي على يد حكام الشطر الجنوبي سابقاً، مما أتاح الفرصة للإسلاميين في استغلال هذه الحادثة خلال مواجهة نظام صنعاء لخصومه وخصوم حلفائه في المنطقة لتحقيق المزيد من المكاسب.. وفعلا وبعد فراغ دستوري عاشته البلاد خلال ثلاثة أشهر كان لزاماً على الإسلاميين إظهار نوع من الولاء الوطني، فكان إعلان دعمهم للرئيس القادم خير وسيلة للوصول إلى غاية سعوا لها منذ عقود. الرئيس والإسلاميون مع انتخاب الرئيس علي عبدالله صالح رئيساً للوطن في ال17 من يوليو 78م، كان الوطن يعيش أوضاعاً سياسية صعبة في ظل صراع سياسي شهده الوطن آنذاك، خاصة تلك الأحداث التي شهدتها المناطق الوسطى المؤيدة لحركة القوميين العرب، فكان لزاماً على الإسلاميين استغلال الموقف وعبر الوسيط القبلي والذي لعب دوراً أساسياً فيما شهده الوطن من أحداث وانقلابات، وذلك من خلال تقديم الدعم والمساندة للقيادة الجديدة في مواجهة خصومها من اليساريين. وفعلا ساهم الإسلاميون بقوافل من "المجاهدين" للقضاء على التغلغل اليساري والزحف الأحمر المدعوم من الجنوب، لكن - وكما هي العادة- لا بد لكل تضحيات من ثمن، وبالتالي استلم الإسلاميون ثمرة مواقفهم سياسياً ومعنوياً، حيث أدى ذلك إلى تغلغلهم في مفاصل الدولة واستغلال المناخ السياسي لتنفيذ مخططاتهم، ولم يكتف الإسلاميون في اليمن بهذه المكاسب بل تغلغلوا في الجيش والأمن والسلطة ما مكنهم من استقطاب إخوانهم المضطهدين في الخارج إلى اليمن، والتي أصبحت مأوى ومركز تدريب وتمويل للإسلاميين، واستغل إسلاميو اليمن حاجة النظام آنذاك لمواقفهم فاستغلوا النظام لتحقيق مآربهم. ومع تمكن السلطة من تثبيت دعائم الأمن والاستقرار والذي جاء عبر انتهاج سياسة الحوار مع كافة أطياف العمل السياسي، رأى الإسلاميون أن ذلك يعد إجحافاً لمواقفهم فبدأوا في إعلان تمردهم على السلطة، تارة بدعوى مكافحة الفساد وتارة بدعوى مواجهة العملاء وغيرها.. بيد أن الظروف السياسية التي شهدها العالم نهاية القرن الماضي بسقوط المنظومة الاشتراكية، أدت إلى توطد علاقة الشطرين ولقاءاتهما بهدف تحقيق الوحدة والتي تحققت فعلا عام 90م، مما أفقد الإسلاميين أهم مصدر لتنامي نشاطهم، وعبر دعوى مواجهة الدستور أعلنوا تصديهم لمشاركة الاشتراكي في السلطة وقادوا مسيرات تندد بجرائم الاشتراكي، بيد أن الأخير أعلن تمرده على الوحدة إبان أزمة 93م والتي انتهت بحرب 94م التي لعب فيها الإسلاميون دوراً بارزاً من خلال رفضهم لوثيقة العهد والاتفاق وإعلان استعدادهم للقضاء على تمرد الاشتراكي ولكن بحسابه. وفعلا وتحت يافطة "الغاية تبرر الوسيلة" قدموا قوافل المجاهدين المساندين للشرعية لاجتثاث بقايا المنظومة الاشتراكية، وغنم الإسلاميون ميراث الاشتراكي سياسياً ومعنوياً، لكن هذه المرة ضاعفوا من ابتزازهم السياسي بل والتخريب من الداخل حتى يضمنوا ديمومة مشاركتهم في السلطة وعبر حكومة ائتلاف ما بعد حرب 94م وكان الاقتصاد هو عصب البقاء وديمومة الحياة، فمن الدعوة إلى "خصخصة" قطاع الصحة والبنوك إلى إنشاء شركات توظيف المال إلى بناء مؤسسات للبناء الروحي إلى تشكيل فصائل مسلحة عبر مؤسسات عسكرية وأمنية. وأدرك الرئيس حجم وخطورة هذا الابتزاز السياسي فعمد إلى تجفيف منابع النمو والتكاثر للاخوان المسلمين، حيث سعى إلى توحيد الفكر والثقافة للشباب وأصدر قراره بتوحيد التعليم عام 2000م، مما أفقد الإسلاميين أهم مراكز تغلغلهم وبدأوا بالتالي إظهار معارضتهم للنظام في محاولة يائسة لتحقيق مزيد من المكاسب، بيد أن أحداث سبتمبر عام 2001م والتي هزت العالم وكشفت عما يواجهه العالم من إرهاب، شجع الرئيس على عدم الرضوخ لأي ابتزاز سياسي من الإسلاميين. "المشترك" تحالف مصالح وتنافر مبادئ لم يتمكن الإسلاميون وحلفاؤهم من القبائل من تحقيق أي نجاح سياسي آخر عبر الابتزاز السياسي للسلطة، فلجأوا إلى سياسة التأليب على النظام واستقطاب خصومه، وعبر ما يسمى ب"أحزاب اللقاء المشترك" حاول الإسلاميون تحقيق أهدافهم، ليس عبر الابتزاز وإنما هذه المرة عبر اللجوء إلى "إسقاط النظام"، فبعد أن رفضوا المشاركة في مواجهة حركة التمرد الحوثية قاموا بإثارة مشكلة "الحراك الجنوبي" عبر مطالب مشروعة للمتقاعدين والمسرحين من أفراد الجيش الجنوبي سابقاً، إضافة إلى إحياء ما يسمى ب"القضية الجنوبية"، وتواصلت مخططاتهم في إذكاء روح الفتنة في البلاد.. وبتفجر "الثورات العربية" حالياً، استغل إسلاميو اليمن هذه الأحداث في الدعوة لإسقاط النظام واستغلال الظروف الاقتصادية والمعيشية التي تمر بها البلاد، وفعلا حشد إسلاميو اليمن كافة خصوم النظام لإسقاطه، ودخلت البلاد في أتون فتنة نائمة أيقظها الإسلاميون ليس لتخليص الوطن من ظلم وفساد وإنما للانتقام من النظام، وخلال ما يقارب نصف عام من الأزمة نجح الإسلاميون في دعم عدد من الانقلابيين على النظام وشق صف الشعب والجيش والنظام. وكما استغل الإسلاميون الرئيس لتحقيق مصالحهم الأنانية استغل الإسلاميون أيضاً خصوم الوطن للانقلاب عليه وعلى الشرعية الدستورية.. فهل سينجح الإسلاميون في الوصول إلى السلطة من خلال إثارة الفتنة والانقلاب واستغلال هذه الأحداث، كما استغلوا الأحداث السابقة في تحقيق مآربهم في القضاء على خصومهم؟!!.. على كافة القوى السياسية والشباب المغرر بهم تدارك الأمر.