يقال: "إن إرادة الشعب من إرادة الله"، وبعيداً عن مدى صحة هذه العبارة وشرعيتها نجد أنه من النادر جداً أن تتوحد إرادة الشعب تجاه أمر ما أو شخص ما، لذلك كانت إرادة الشعب المرجحة هي إرادة الأغلبية، وهو ما اعتمدته المجتمعات الديمقراطية منذ عقود طويلة، ونجحت في بناء ذاتها وفق هذا المنهج. ومنذ بدأت "ثورة الشباب" في بلادنا -كما سماها البعض، ومنهم فخامة الرئيس علي عبدالله صالح في إحدى خطاباته- كان واضحاً تماماً أن الأغلبية تقف وراء الرئيس صالح، وتصر على بقائه حتى انتهاء فترته الرئاسية لعام 2013م، في حين إتجهت الأقلية نحو المطالبة برحيله، وكان يفترض بالأقلية -وقد أوصلت صوتها- أن تحترم إرادة الأغلبية، وترتضي بها، ليس لأن أصحاب إرادة البقاء والاستمرار أغلبية وحسب، بل ولأن مصلحة الوطن تفرض الانحياز لرأي وإرادة الأغلبية. ولكن إصرار الأقلية على رفض رأي الأغلبية، ورفض الإنقياد إلى مصلحة الوطن، بتشبثها -الأقلية- برأيها ومحاولة فرضه على الأغلبية، قاد الوطن إلى منزلقات خطيرة، ووضعه على شفير الهاوية.. مهدداً إياه بالانهيار. وهي نتيجة لا تخدم الأقلية ولا الأغلبية معاً، ولا تخدم الوطن حتماً. ومع أنني لا أتهم الأقلية أبداً بالضلوع في محاولة اغتيال الرئيس صالح في العملية الإرهابية التي تعرض لها في جامع النهدين إلاَّ أنه مما لا شك فيه، أن الأوضاع التي وصلت إليها البلاد جراء تشبث الأقلية برأيها، ساهمت كثيراً في تنفيذ هذه االعملية الإرهابية، والتي ربما قدمت صورة لحقيقة ما وصلت إليها حالة البلاد. والمستغرب أنه ومنذ مغادرة فخامة الرئيس البلاد لتلقي العلاج في الخارج -وهو ما اعتبرته الأقلية انتصاراً لها معلنة عزمها على عدم السماح للرئيس بالعودة إلى الوطن- منذ ذلك الحين وأوضاع البلاد تشهد تدهوراً كبيراً، وانهياراً بات قاب قوسين أو أدنى من الإكتمال، الأمر الذي لا يعني سوى أن ما اعتبرته الأقلية نصراً كان في حقيقته هزيمة وانتكاسة للوطن والمواطن..، وبات مما لا اختلاف عليه بلغة الوطن ومصالحه وأمن واستقرار مواطنيه، إلاَّ أنه لا سبيل لإنقاذ الوطن عبر تغليب رأي الأقلية، إذ أن طوق النجاة الأخير للوطن هو في عودة الرئيس صالح، والإلتفاف حوله وتغليب لغة اليمن على أحاديث المصالح والأهواء، ليس لأن الرئيس صالح هو صانع المعجزات، ولا يستطيع غيره قيادة اليمن، وإنما لأن حكم اليمن وقيادتها حتى العام 2013م هو حق لصالح، حق منحته إياه الأغلبية عام 2006م، وارتضت بذلك الأقلية في حينه، ولا يمكن لليمن أن يبدأ مرحلة جديدة بسلب الناس حقوقهم، وإنما باحترام هذا الحق واحترام أصحابه هذا ما يجعل صالح هو طوق النجاة الأخير للوطن بعيداً عن العواطف والأهواء والرغبات.