لم يعد الأمر بحاجة إلى تأكيدات أو حتى الدخول في أبواب المزايدات السياسية فالمشهد أصبح أكثر وضوحاً، فالاستماع إلى شهادات النازحين من النساء والأطفال من أبناء صعدة الذين شردتهم عناصر التمرد والإرهاب من منازلهم وقراهم بممارساتها وأفعالها اللا إنسانية والإجرامية، وما احدثوه من دمار وتخريب لممتلكات الآمنين، كل ذلك كان كافياً لأن يحسم الأمر وبشكل جلي أمام المواطنين الشرفاء من أبناء الوطن ليقفوا على حقيقة هذه العصابة الباغية ونزعتها العدوانية، وما صارت عليه من شر وخطر كبيرين على كل الوطن وعلى جميع أبنائه. بجانب ذلك إذا ما وقفنا أمام الصمود البطولي لأبناء صعدة الشرفاء، في وجه هذه الشرذمة المدحورة، ورفضهم الكامل لأية وساطات أو هدنة وتمسكهم التام باستمرار عمليات المواجهة والحسم كطريق وحيد لا ثاني له، فإننا ندرك أيضاً حقيقة الروح البطولية لأبناء صعدة والتي لا تدعو أبداً للتعجب والاستغراب، لأن أبناء صعدة وحدهم ودون غيرهم هم الذين اكتووا بنيران عصابة الحوثة ويعرفون تماماً تاريخها وأهدافها وأساليبها. وعلى العكس تماماً فإن المشهد عند أولئك الجالسين على مقاعد المتفرجين، يبدو غريباً بل وشاذاً، وهو في حالة انفصام تام عن الواقع والحقيقة.. عندما نرى تجار الحروب وانتهازيي السياسة وإن كانت انتهازيتهم على حساب وطن ثمنه دماء الأبرياء وخراب كل شيء، ليكشفوا بذلك عن وجوههم البشعة ومقاصدهم المنحطة، عندما يعملون ضد الوطن وضد أبنائه، رغم علمهم وتأكدهم من عين الحقيقة.. لكنها الانتهازية السياسية والمواقف المنحطة، هكذا هي تعمي البصر والبصيرة. إن المصيبة جد لخطيرة، أن نجد أهل الخارج من عرب وعجم يضعون أيديهم على قلوبهم جراء ما يجري في اليمن ويحذرون من خطورته وأهواله حاضراً ومستقبلاً، ليس على اليمن وحدها بل على جيرانها وأقليمها المحيط بها، في وقت نجد فيه البعض من "أهل الداخل" يعمدون على السير في الاتجاه المعاكس، ويظنون في ذلك ويتهيأ لهم انها فرصة لمنافحة الدولة ومقارعتها، رغم علمهم أن ذلك كله ما هو إلا مزايدة ومكايدة ومحاولة ابتزاز للسلطة حتى وإن كان ذلك على ظهور المتمردين والمجرمين والمخربين. لكن الأمر برمته يتلخص ببساطة ان المشهد له زاويتان واحدة تحمل حالة " عصابة الحوثية" وجرائمها وأفعالها التخريبية، والثانية -أي الوجه الآخر - حالة المواقف الكيدية التآمرية على الدولة بالانتهازية السياسية وتشجيع التخريب والارهاب.. لتكون النتيجة هي أن العملة واحدة وإن كان لها وجهان كل منهما له صورة، لكنها تؤدي نفس القيمة والثمن.