قبل أن تتثبت أقدام المحتل البريطاني على أرض الجنوب بدأت المقاومة الوطنية له, طبعاً اختلال موازين القوة حينها لصالح الغزاة القادمين من وراء البحار فرض بالقوة واقع الاحتلال, لم يستسلم الشعب لواقع الهزيمة بل استمرت روح المقاومة الوطنية تتواصل بأشكال متعددة على طول الوطن وعرضه, ومن تراكمات نضالات الشعب بدأت تلوح في الأفق بشائر نصر توافرت له عوامله الذاتية والموضوعية, حالة حركت روح "الفيد" الانتهازية للنخب السياسية لركوب الموجة الثورية على ظهر مسميات لا يتسع هنا المجال لذكرها.. ما يؤسف له أكثر أن النزغ اليساري (للرفاق) حينها تخوفاً من تفيد نضالاته من قبل تلك (الأكشاك) و(الدكاكين) ذهب منفرداً للحوار في جنيف موقعاً الجنوب في مطب لا نزال نعاني منه حتى اللحظة. في ظروف مشابهه اليوم بعض النخب من ذات القوى السياسية الماضوية تحاول إعادة تكرار ذات أدوارها في المشهد السياسي المعاصر, مواجهة جديدة تتطلب تجنب أخطاء (الرفاق) من خلال عملية إعادة بناء نضالية للمجلس الأعلى للحراك لمواجهة استحقاق المرحلة بجدارة واقتدار, افشالاً لمراهنات تجار السياسة الجدد بالقفز على حقيقة أن (الحراك) الحامل السياسي للقضية الجنوبية, على اعتبار ان الجماهير الثائرة في الشارع الجنوبي قد خبرت جيداً خذلان تلك الأحزاب ونخبها الانتهازية لمشروعها النضالي, حيث رغم التضحيات العظيمة التي قدمها الشعب عجزت تلك النخب السياسية والعسكرية الجنوبية من التماهي معه محدثة هزيمة تجرع تبعاتها شعب الجنوب.. مرارة التجربة –أيضاً- رفضا لهزيمة 94م وحل حركة (موج) ضمن اشتراطات اتفاقية جدة الحدودية عام 2000م، اطلق الشعب حراكه التحرري الرائع كحامل نضالي وسياسي للقضية الجنوبية, في رفض واعٍ لأية مراهنة مستقبلية على مثل تلك القوى السياسية الرثة.. تلك القوى تعي مسبقاً انها منبوذة جماهيريا، لذلك قيادة الفيد السياسي فيها المتواجدة في الفنادق والقاعات المكيفة يتسابقون حالياً على تشكيل (بقالات) تسوق بضاعة للبيع بطاولة حوار صنعاء, محاولة بائسة لمقايضة نضالات الحراك التحرري الجنوبي ببازار المبادرة الخليجية, بتأكيد عملية عبثية بل سلبية مضره، الاكتفاء فقط بمشاهدات التعري الهابط لتلك المومياء المتخشبة, حيث لا بد من فعل ثوري ميداني يخرس نعيق تلك الضفادع القادمة من متاحف التاريخ الطبيعي, بما يجسد حقيقة ان الحامل السياسي للقضية الجنوبية الذي خبرته الجماهير بمعمعان النضال اسمه: (المجلس الاعلى للحراك السلمي الجنوبي), وجود بعض الاختلالات البنيوية فيه لا يلغي شرعية تمثيله أو يبرر تطاول البعض عليه باستخدام كلمة حق لتمرير أباطيل أن (الحراك) فصيل من قوى سياسية أخرى تمثل الثورة السلمية الجنوبية. حمى تشكيل (بقالات) للحوار تفرض عبئاً آخر على الحراك الجنوبي لإبداع وسائل نضالية جديدة تحصن الجبهة الداخلية من الاختراق, توازياً معها يجب إحكام السيطرة الميدانية على ان ترافقها حملة علاقات عامة موجهة للخارج الدولي والاقليمي، توضح حقيقة أن (الحراك) الحامل السياسي الوحيد للقضية الجنوبية, مفنداً حقيقة طفح تلك التشكيلات الجديدة التي تحاول جاهدة "تفيد" نضالات الحراك الجنوبي والمساومة بها ببازار طاولة حوار صنعاء المرتقب للفوز ببعض الغنائم الشخصية لها. * منسق ملتقى أبين للتصالح والتسامح والتضامن [email protected]