مقتل "أربعة عمّال يمنيين" بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    مركبة مرسيدس بنز ذاتية القيادة من المستوى 3    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    اليوم السبت : سيئون مع شبام والوحدة مع البرق في الدور الثاني للبطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت    مقاتلو المغرب على موعد مع التاريخ في "صالات الرياض الخضراء"    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    جماعة الحوثي توجه تحذيرات للبنوك الخاصة بصنعاء من الأقدام على هذه الخطوة !    تقرير مروع يكشف عن عدد ضحايا " القات" في اليمن سنويا ويطلق تحذيرا !    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    لماذا يخوض الجميع في الكتابة عن الافلام والمسلسلات؟    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    مقتل وإصابة أربعة جنود في اشتباكات مع مسلحين خلال مداهمة مخزن أسلحة شرقي اليمن    حادث مروع .. ارتطام دراجة نارية وسيارة ''هليوكس'' مسرعة بشاحنة ومقتل وإصابة كافة الركاب    كان يرتدي ملابس الإحرام.. حادث مروري مروع ينهي حياة شاب يمني في مكة خلال ذهابه لأداء العمرة    قتلوه برصاصة في الرأس.. العثور على جثة منتفخة في مجرى السيول بحضرموت والقبض على عدد من المتورطين في الجريمة    بعد القبض على الجناة.. الرواية الحوثية بشأن مقتل طفل في أحد فنادق إب    مأرب تقيم عزاءً في رحيل الشيخ الزنداني وكبار القيادات والمشايخ في مقدمة المعزين    السلفيون في وفاة الشيخ الزنداني    تعرف على آخر تحديث لأسعار صرف العملات في اليمن    أمطار غزيرة على صنعاء في الأثناء    عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية على وسط وجنوب قطاع غزة    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    رفض قاطع لقرارات حيدان بإعادة الصراع إلى شبوة    قوات دفاع شبوة تحبط عملية تهريب كمية من الاسلحة    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    قذارة الميراث الذي خلفه الزنداني هي هذه التعليقات التكفيرية (توثيق)    ما الذي كان يفعله "عبدالمجيد الزنداني" في آخر أيّامه    لا يجوز الذهاب إلى الحج في هذه الحالة.. بيان لهيئة كبار العلماء بالسعودية    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    توني كروس: انشيلوتي دائما ما يكذب علينا    وزارة الحج والعمرة السعودية تكشف عن اشتراطات الحج لهذا العام.. وتحذيرات مهمة (تعرف عليها)    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إيران والثورات العربية..الصحوة الإسلامية في مواجهة تقاسم النفوذ الإقليمي
نشر في الخبر يوم 09 - 09 - 2012

يناقش الباحث في مقاربته التنافس بين الدول الإقليمية المجاورة للعالم العربي دون أن يتجاهل الكيان الصهيوني المزروع في أرض فلسطين، وذلك إثر انهيار النظام العربي في أعقاب حرب الخليج الثانية واحتلال العراق وتجميد الدور المصري.
التقرير المقدم من الباحث والمنشور على موقع روسيا اليوم الإخباري جزء من دراسة لم تُحدَد الجهة الراعية له، عنون ب»الربيع العربي وتأثيراته في العلاقة مع القوى الإقليمية»، فالدراسة بدورها تركّز بالأساس على تأثير الربيع العربي على القوى الإقليمية والصعود المصري المحتمل والذي يتطابق مع التراجع المحتمل للنفوذ الأمريكي في المنطقة.
في حين تمتاز المقاربة التي بين أيدينا بتركيزها على الدور الإيراني في المنطقة العربية، والذي ارتبك في أعقاب اندلاع الثورات العربية، سواء على الصعيد الداخلي أو على صعيد الدور الإقليمي الذي كانت تطمح للعبه في المنطقة في أعقاب الفراغ الناشئ عن انهيار النظام العربي واحتلال العراق.
برزت خلال العقود الماضية ثلاث قوى وإستراتيجيات إقليمية تتصارع للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط هي تركيا وإيران و»إسرائيل»، ولحقبة طويلة فقدت الدول العربية أيّ دور مؤثر في العلاقات الدولية سابقاً، بينما كان التأثير في المنطقة صادراً عن تلك الدول الثلاث.
تنافس على وراثة النظام العربي القديم
وازداد مأزق النظام العربي بدخول عوامل أجنبية سعت إلى إضعاف الدور العربي، بسياسات تفتيت المنطقة، وإغراقها في أزمات من داخلها ومن حولها، ممتدة من العراق وحتى إفريقيا في السودان والصومال، وأيضاً تطبيق إدارة جورج بوش الابن ما سمي بسياسة «إعادة توزيع الوزن الإقليمي لدول المنطقة»، بالمحافظة على دور وظيفي محجّم لمصر والدول العربية المركزية الأخرى، وإبقائها فاقدة للقدرة على الفعل والمبادرة.
ومع تداعي النظام العربي ودخوله في حالة موت سريري بعد غزو العراق، واحتلاله من قبل القوات الأطلسية بقيادة الولايات المتحدة برزت حقبة سمتها الأهم الدخول القوي لتركيا وإيران على خط «وراثة» النظام العربي، جنباً إلى جنب، أو بالأحرى بالتنافس مع القوة الإقليمية الثالثة، «إسرائيل»، ورغم الفارق بالإمكانات وحجم تأثير كل من هذه القوى، وحتى طريقة المنافسة فقد تحرّك كل منها وِفق مشروعه الخاص، واشتركت في السعي إلى تقاسُم النفوذ في العديد من الدول العربية، لكن هذه المعادلة، في المسرح السياسي الجديد، باتت اليوم مفتوحة على تغيرات جدية في قواعد اللعبة، وربما تكون جذرية على المدى المتوسط.
هل تقود مصر ربيع العرب؟
ولا يختلف إثنان في أنّ الدور القائد في أيّ تغيرات في المنطقة يجب أن تقوده مصر، وهو ما يفسر الاهتمام الكبير لمجريات الأحداث في أرض الكنانة لأنها لا بد وأن تؤثر في مسيرة الثورات العربية الناجزة أو تلك المتواصلة، كما أنّ مسار الأمور في القاهرة يحدد طبيعة العلاقات العربية العربية وعلاقات العرب مع القوى الإقليمية، فمصر، كما هو معروف تاريخياً بما لها من ثِقَل إقليمي، يمكن لها أن تلعب دور قاطرة للدول العربية على المسرح الإقليمي بأبعاده الدولية، حتى وإن كان مجرى عمليات التغيير في الدول العربية ونتائجها مفتوحاً على كل الاحتمالات، لأنه بات يتضح نسبياً في الوقت الراهن كيف ستغيّر هذه الأحداث توزيع القوى الجيوسياسي والإقليمي. وهكذا قد تستردّ مصر تدريجياً، على الأقل، دورها الطبيعي في العالم العربي من جديد، بعد أن انعكس انعدام أفقها السياسي داخلياً في خسارة نفوذها على صعيد السياسة الخارجية بشكل متزايد في السابق. وليس بالضرورة أن يتمثل هذا الدور الجديد في قيادة مهيمنة للغاية، وإنّما يمكن أن يتمثل بدور الموجِّه لدول عربية أخرى. (للمزيد راجع مقالة لفولكر بيرتيس مدير مؤسسة العلوم والسياسة في العاصمة الألمانية برلين والخبير المعروف في شؤون الشرق الأوسط تحت عنوان «تداعيات الثورات العربية..معادلات إقليمية تؤسس لنظام عالمي جديد»، www.dw.de/dw/article/0،،15031491،00.html)
وهكذا؛ تجمع التقديرات على أنّه حين تكتمل مراحل الثورة، فإنّ مصر ستكون محور صياغة المرحلة الثالثة من علاقات القوى الإقليمية، ومركز التغيير المستقبلي، وذلك حين تلحق بها بقية حلقات التغيير، بنجاح الثورات التي ما زالت مشتعلة، أو مرشحة للاشتعال، في بعض الدول العربية.
أسباب الضعف العربي ومؤهلات الصعود
وتشكّل الثورات العربية، والنتائج التي ستتمخض عنها، فرصة تاريخية ذهبية للعرب لوقف الحالة التي سادت خلال العقدين الأخيرين، والمتمثلة بتهاوي الدور الإقليمي العربي في الوقت نفسه الذي تصعد فيها إيران وتركيا و"إسرائيل" بوصفها قوى إقليمية تتصارع لتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط على حساب العرب، وبالطبع، هذا التطور في الإطار الأوسع نطاقاً سيتطابق في نتائجه ومحصِّلاته مع الخارطة العالمية قيد التشكل مع مؤشرات بداية انحسار الهيمنة الأمريكية في العالم.
وممّا لا شك فيه أنّ ما آلت إليه الحالة العربية في العقود الماضية من حالة انعدام وزن شكّلت محصلة منطقية لسببين:
السبب الأول: فشل العرب في مشروع تأسيس الدولة – الأمّة الموحّدة، وبالمقابل نجاح الإيرانيين والأتراك، وإلى حدّ ما اليهود، في ذلك، هذا ما يعطي الآن القوى الإقليمية الثلاث، إيران وتركيا و"إسرائيل"، القدرة على صياغة مشاريعها الخارجية الخاصة لمستقبل الشرق الأوسط، فيما الأمة العربية عاجزة حتى عن ضبط سياساتها الداخلية.
السبب الثاني: فشل العرب في تعويض عجزهم عن إقامة الدولة – الأمة العربية عبر بلورة سيناريوهات أخرى تستبدل الوحدة بحدٍّ أدنى من التنسيق والتضامن، وتستبدل الدولة – الأمة المحاربة بأمّة في سلام مع نفسها داخل أطرها الكيانية.
كل هذه الوقائع، مضافاً إليها عوامل ذاتية عدّة، أسفرت عمّا شهدناه من انحسار كبير للدور العربي ومن تقدّم أكبر للأدوار الإيرانية والتركية والإسرائيلية في صياغة مستقبل الشرق الأوسط، لكن هذه لم تكن، ولن تكون، بالضرورة نهاية المطاف بالنسبة إلى العرب، خاصة بعد الثورات العربية، لأسباب عدة:
أولاً: في المدى المنظور على الأقل، لن يكون وارداً أن تتفق القوى الإقليمية الأخرى، خاصة إيران و"إسرائيل"، لا بل وحتى تركيا وإيران، على تقاسم النفوذ في نظام إقليمي شرق أوسطي جديد، وهذا ما يجعل العرب، موضوعياً، قادرين على تجنّب أن يُوضعوا على لائحة طعام الولِيمة الإقليمية الجديدة.
ثانياً: الديموغرافيا سبب آخر، فالعرب سيصبحون قريباً 350 مليوناً، أيّ ضعف عدد الشعوب الإيرانية والتركية واليهودية مجتمعة. وبالطبع، لن يكون في الوسع إقامة نظام إقليمي جديد مع شطب هذه الكتلة السكانية الضخمة من مكوناته. لكن، وعلى الرغم من هذه المعطيات الإيجابية، ينبغي على العرب الاعتراف بأنّ نظامهم الإقليمي قد انهار، وأنّ أفضل ما يُمكن أنْ يقوموا به الآن، ليس الرفض أو الاستسلام، بل بلورة أفكار جديدة حول نظام إقليمي جديد يكون أكثر تنوّعاً وشمولاً.
(للمزيد راجع مقالة سعد محيو “ثلاث قوى إقليمية قد ترث الرجل العربي المريض" – الرابط: www.swissinfo.ch/ara/detail/content.html?cid=7227994 )
ويمدّ البعض نطاق الاحتمالات “عبر التذكّر أنّ إيران الحالية دولة إسلامية لا قوة قُورَشِية فارسية، وأنّ تركيا هي الأخرى دولة إسلامية ديمقراطية، لا إمبراطورية بيزَنطية أو حتى سلطنة عثمانية، وبالتالي، ثمة، برأي عدد من المحللين والمراقبين، فرصة حقيقية لتأسيس شرق أوسط عربي – إسلامي جديد، تنضم إليه الجمهوريات الإسلامية “التركية- الفارسية" الستّ في آسيا الوسطى وتُستعبد منه “إسرائيل" إذا لم تلب مستلزمات السلام، لكن هذا حديث الغد، أمّا أحاديث اليوم فتتعلق كلها بديناميات ومخططات ومستتعات وراثة “الرجل العربي المريض"، وما يقابلها من طموح عربي لوقف التدهور واستعادة زمام المبادرة التاريخية في مرحلة ما بعد الثورات العربية. (المصدر السابق)
الصحوة الإسلامية والتمدد الإيراني
خرجت إيران ما بعد الثورة بقيادة الإمام الخميني في العام 1979 من كونها لاعب “الوضع القائم" إلى لاعب يسعى بقوة ونشاط إلى توسيع نفوذه، حيث بدأ النظام الإيراني الجديد ينافس شرعية بعض الدول العربية في المنطقة، جنباً إلى جنب مع تعزيز الموقع الجيوسياسي للجمهورية الإسلامية، والحصول على إمكانية الدخول إلى مجالات كانت مقفلة على إيران بظل حكم الشاه.
وفي حين أنّ البعد الإيديولوجي أمر بارز وهام، نظراً لدعم إيران لجماعات شيعية في لبنان والعراق، فإنّ الإيديولوجية قد يتم إخضاعها للمصالح الأكثر تقليدية أو الأكثر براغماتية للدولة.
(للمزيد آرام نرغزيان/أنطوني ه.كوردسمان في تقرير مشترك منشور في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية.www.annabaa.org/malefatalsite/indexqzaya.htm)
ويؤيد المفكر اللبناني رضوان السيد الاستخلاص السابق بالقول: “إنّ هناك تأسيساً واحداً أو متقارباً للحركة العامة في عصر الصحوة بين الإسلاميين العرب والإيرانيين، لكن الخُطى افترقت بعد نجاح الثورة الإسلامية، ومقتل السادات. وما كانت علاقات النظام الثوري في إيران جيدةً بأكثر الأنظمة العربية خلال العقود الماضية، لكن إيران لم تسعَ لفرض نموذجها في إدارة السلطة أو المعارضة لتلك الأنظمة، وإنّما، ربما باستثناء حالة سوريا، دعمت الحركات الإسلامية المعارضة في العالم العربي في العقد الأخير على الخصوص، للنعْي على تلك الأنظمة بسبب علاقاتها الدونية بالولايات المتحدة، أو بسبب تخاذلها أمام إسرائيل. وقد أظهر المسؤولون بالجمهورية الإسلامية سروراً بإسقاط الثورات العربية للأنظمة، وقالوا إنّها سائرة نحو إقامة أنظمة حكمٍ إسلامية. لكنهم عادوا مؤخراً إلى الترتيب القديم، أيّ دعوة تلك الثورات لاستعادة أولوية مكافحة إسرائيل والولايات المتحدة". (محاضرة رضوان السيد، “الخطاب الديني والثورات العربية"، الرابط: www.albadee.net).
وتعدّ إيران في المعادلة الإقليمية القائمة في الشرق الأوسط قوة رئيسية، بفضل قدراتها الاقتصادية والعسكرية والبشرية الكبيرة، وبفعل عوامل عديدة، مثل تراجع أهمية الخطاب الأيديولوجي داخلياً وخارجياً بعد وفاة الإمام الخميني، وانتهاء عصر الاستقطاب الدولي على خلفية انهيار الاتحاد السوفيتي، وتدشين ما يسمي ب"مرحلة التحول من حالة الثورة إلى حالة الدولة"، حيث استبعدت إيران سياسة “تصدير الثورة" في تعاملها مع تطورات الإقليم، واستعاضت عنها بأدوات أخرى، مثل تأسيس علاقات وثيقة مع قوى عربية رئيسية على غرار سوريا بهدف إكساب تمددها في الإقليم غطاء عربياً، وفتح قنوات تواصل مع العديد من المنظمات، مثل “حزب الله" اللبناني، وحركتي “حماس" و"الجهاد الإسلامي" الفلسطينيتين، فضلاً عن استثمار الأخطاء الإستراتيجية التي ارتكبتها العديد من القوى الإقليمية والدولية، لا سيما بعد بدء ما يسمى ب"الحرب الأمريكية على الإرهاب" التي انتهت باحتلال كل من أفغانستان والعراق، وذلك لدعم طموحاتها في أن تصبح رقماً مهماً في معظم الملفات الإقليمية، إن لم يكن مجملها.
لكن موجات التغيير والتحول الديمقراطي، التي تجتاح الدول العربية في الوقت الحالي، جاءت لتربك أوراق وحسابات إيران من جديد.
تعامل إيراني مرتبك مع الثورات العربية
ورغم أنّ الوقت لا يزال مبكراً للحديث عن تأثير هذه الثورات والاحتجاجات الشعبية في التوازن الإستراتيجي في المنطقة، فإنّه يمكن القول أنّ هذه التطورات تفرض تداعيات متباينة على مصالح إيران ودورها الإقليمي. وهو ما يفسّر حالة الارتباك الواضحة التي اتّسم بها تعامل طهران مع هذه التطورات، لدرجة لا يمكن الحديث معها عن “سياسة إيرانية واحدة"، وإنّما “سياسات متعددة"، وربما متناقضة في بعض الأحيان.
(المرجع محمد عباس ناجي، “مستقبل الدور الإقليمي لإيران بعد الثورات العربية"- مؤسسة الأهرام- مجلة السياسة الدولية، الرابط: www.siyassa.org.eg/NewsContent).
فقد بدت إيران مطمئنة إزاء التداعيات الأولية للتحركات الشعبية التي شهدتها المنطقة منذ كانون الأول 2010، خصوصاً مع نجاحها في الإطاحة بنظامي الرئيس التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك، اللذين كانا يعدان من أقرب حلفاء الغرب في المنطقة، بما يعني أنّ سقوطهما يقدم مؤشراً على فشل الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة الأمريكية لفرض عزلة على إيران لكبح طموحاتها النووية، ومحاصرة وتحجيم تحالفاتها الإقليمية.
وعلى ضوء هذه التداعيات الإيجابية الأولية، اندفعت إيران إلى الحديث عن ولادة شرق أوسط جديد في المنطقة على أنقاض الأنظمة التي سقطت، واستدعت في هذه اللحظة مشروعها لإقامة “شرق أوسط إسلامي" الذي تبنّته في مواجهة المشروعات التي طرحتها الولايات المتحدة، عقب احتلال العراق عام 2003، مثل مشروع “الشرق الأوسط الكبير"، و"الشرق الأوسط الجديد". ويعتمد هذا المشروع الإيراني على محورين، الأول: أيديولوجي يتمثل في إيمان النظام الإيراني بحتمية قيام الحكومة العالمية للإسلام، وبضرورة اضطلاع إيران بدور قوي في التمهيد لذلك. والثاني: إستراتيجي يتصل بمحاولات إيران تكوين حزام أمني، يكون بمثابة حائط صد لكل المحاولات التي يبذلها خصومها لاختراقها من الداخل، أو إحكام محاصرتها عبر دول الجوار. (للمزيد أنظر المرجع السابق، ومقالة د.محمد السعيد عبد المؤمن، “هل تورطت إيران في الأزمة اللبنانية"? مختارات إيرانية، العدد 73، آب 2006).
بين حماية مستضعفي العالم وسعي الشعوب لرفع الظلم عنها أولا
وفي موقفها المباشر من الثورات والحراكات الشعبية العربية، اعتبرت إيران وفقاً لمنظورها أنّ تلك الثورات والحركات العربية، باستثناء الحالة السورية، تمثّل امتداداً للثورة الإيرانية عام 1979، وتعبّر عن “صحوة إسلامية" تقودها الشعوب المسلمة، وتتمحور حول نفس قيم الثورة الإيرانية المتمثلة بالإطاحة ب"الطغاة" و"عملاء الغرب"، ومعاداة أميركا و"إسرائيل"، ومساندة المستضعفين والمظلومين ضد الاستكبار العالمي بما يساهم في قيام “شرق أوسط إسلامي". أمّا عن طريقة تحقيق ذلك، فيُفهم من التصريحات الإيرانية أنّ المحبَّذ هو أن تتم من خلال الشعوب وخاصة الحركات الإسلامية التي عانت وناضلت، ولا مانع من حصول انقلابات إذا أدّت هذا الغرض، علماً أنّ المادة الثالثة والمادة الرابعة والخمسين بعد المئة من الدستور الإيراني تعطيان الحق لإيران ب"الحماية الكاملة لمستضعفي العالم"، و"بدعم النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين في أيّ نقطة من العالم". (المرجع مركز الجزيرة للدراسات – دراسة تحت عنوان “العلاقات الإيرانية-التركية في ظل الثورات العربية").
وحتى فترة ما قبل الأزمة السورية، كانت معظم التحليلات تقول أنّ الثورات ستؤدي إلى تقوية موقع إيران في المعادلة الإقليمية، على اعتبار أنّ موجة الثورات تتجه حصراً لضرب الأنظمة الحليفة للولايات المتحدة، وأنّ السبب الرئيسي في ذلك هو التقاعس في نصرة القضية الفلسطينية ومواجهة “إسرائيل".
ومع تطور الأحداث بدا أنّ هذا التقييم غير صحيح من ناحية التخصيص، وأنّ المسألة لا تتعلق فقط بمعطى خارجي مرتبط بالقضية الفلسطينية أو باستعداء لأمريكا أو بالعداوة ل"إسرائيل"؛ فالدوافع داخلية والمطالب الأساسية مرتبطة بالحريات والحقوق الأساسية السياسية والاقتصادية والاجتماعية (دون تجاهل ما هو خارجي فيما بعد).
وعلى العكس من تركيا، التي تبدو مرتاحة حتى الآن إلى أنّ الصراع العربي-الإسرائيلي لم يكن في قائمة أولويات الثورات والحركات الشعبية العربية في مرحلتها الأولى، ربطت إيران بين ما يجري في المنطقة العربية وبين الصراع مع “إسرائيل" والمواجهة مع الولايات المتحدة، واعتبرت ما يحصل صحوة إسلامية، وأنّ الثورات سوف تؤدي إلى انهيار “إسرائيل". وتأمل إيران في أن تبني الدول الجديدة سياستها الخارجية على العداء مع أميركا، وأن يتم التصعيد العسكري ضد “إسرائيل" وفق الرؤية الإيرانية كمعيار لمدى الصداقة التي يمكن أن تجمع طهران مع الأنظمة حديثة الولادة. ويرتكز الخطاب الإيراني في هذا المجال على ثلاث آليات: النزعة الأيديولوجية، والتجربة الذاتية، وإنجازات الأذرع الإقليمية في مواجهة أميركا و"إسرائيل"، والتوجه الإسلامي لبعض الشرائح الاجتماعية كالإخوان المسلمين.
وجدير بالذكر أنّ إيران تدافع عن نفسها تقليدياً عبر خط دفاع تقيمه خارج حدودها. وفي مثل هذا الوضع لا تواجه مشكلة في حالة عدم الاستقرار الإقليمي، بل من المنتظر أن يؤدي ذلك إلى انشغال القوى الكبرى عن ملفها النووي، وأن يقوي موقفها الذي تطالب فيه بأن يتم توسيع برنامج التفاوض مع أميركا، ليضم مختلف الملفات الإقليمية، بما يؤدي للاعتراف بنفوذها ومصالحها الإستراتيجية والحيوية في المنطقة.
كما أنّ إيران أكثر قدرة من غيرها على إدارة الوضع الإقليمي في ظل الفوضى المؤقتة الناجمة عن الثورات العربية، لما تمتلكه من خبرة، ومن أدوات وأذرع إقليمية، تخولها الصمود في مثل هذه الظروف التي طالما اعتادت العمل فيها، بل ومحاكاتها في كثير من الأحيان لاستدراج بعض القوى للتفاوض، والحصول على تنازلات. وفي مناخ كهذا، قد تستفيد طهران من الفراغ الحاصل في بعض الدول العربية ومن حالة التخبط من أجل الدخول إليها، كما أنّ من الممكن لها أنْ تستغل اختلال التوازن الجيوبوليتيكي في مناطق أخرى واستثماره لمصلحتها.
إلاّ أنّ الغرب يبدو مطمئناً إلى عدم مقدرة إيران على تحقيق منافع سياسية كبرى من سياساتها المعادية ل «إسرائيل»، حيث يؤكد الكاتبان آرام نرغزيان وأنطوني ه.كوردسمان، في تقرير مشترك نشره “مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية"، أنّ “المنفعة السياسية الإيرانية المعادية لإسرائيل لها حدود، إذ ليس لدى إيران وحلفائها الإقليميين قدرة كبيرة، أو لا قدرة لديهم، في العالم الحقيقي على تغيير الوقائع على الأرض بخصوص وجود إسرائيل ومأزق الفلسطينيين. وكما لاحظ دايفيد ميناشري، هناك بعض الإيرانيين ممّن يشكّون بجدوى أن يكونوا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين، إذ تبدو وجهات نظر إيران بخصوص إسرائيل لينة خلال فترة رئاسة خاتمي، بوجود مسؤولين يشيرون علناً إلى أنّ إيران قد تكون بحاجة إلى التأقلم مع الطموحات الفلسطينية المتعلقة بالسلام مع إسرائيل، لكن بعد ذلك أعاد الرئيس أحمدي نجاد التركيز على سياسة إيران الخارجية حول معاداة إسرائيل، محدداً دور إيران في الصراع العربي- الإسرائيلي بمصطلحات المواجهة الواسعة مع الغرب. أمّا مدى ما تمثّله سياسة إيران من معارضة حقيقية لوجود إسرائيل مقابل كونها وسيلة لخدمة طموحاتها الإقليمية فمسألة فيها نقاش. بينما الأمر الأقل وضوحاً هو مقدار قدرة إيران على استغلال الوضع في المستقبل، خاصة خلال فترة من الثورات في العالم العربي، فالانبعاث المحتمل لقوى إقليمية عربية نائمة، أو غائبة، ذات أوراق اعتماد وطنية قوية وشرعية إقليمية، كمصر، يمكن أن يقلل من قدرة إيران على إعطاء رافعة لسياستها المعادية لإسرائيل. هذا الأمر ينطبق أيضاً على تركيا المتقدمة التي قد تصنع دورها الإقليمي، وإذا ما كان هناك من أيّ تحرك دولي وإسرائيلي- عربي نحو حل دائم للشكاوى العربية – الإسرائيلية الإقليمية".
مكاسب إيران من الثورات العربية
وفي ما يخصّ التأثيرات الاقتصادية لحالة عدم الاستقرار إبان الثورات والحراكات الشعبية العربية والفترة الانتقالية التي تليها، تؤدي حالة عدم الاستقرار إلى ارتفاع أسعار النفط، ما يعني عمليا أنّ الثورات العربية لا تغذّي فقط خزانة طهران المالية بالدولارات وتحقق لها نمواً اقتصادياً، وإنّما تساعدها، وهذا هو الأهم بالنسبة لها، على تقويض العقوبات الدولية المشددة المفروضة عليها، والتي كان لها وقع شديد مؤخراً، وإفراغ هذه العقوبات من مضمونها؛ ما يحرر إيران من الضغط الاقتصادي، وينسف في الوقت نفسه العمل الجماعي الذي قادته أمريكا لسنوات مع القوى الدولية، لا سيما روسيا والصين والدول الإقليمية لحصارها والضغط عليها. ولن تكون للعقوبات النفطية التي فرضها الاتحاد الأوروبي مؤخراً على إيران تأثيرات سلبية كبيرة على الاقتصاد الإيراني، حيث يمكن لإيران تعويض المشتريات الأوروبية من النفط الإيراني بالتوجه إلى الأسواق الآسيوية، وخاصة السوق الصينية والهندية.
فضلاً عن ذلك، فقد بدأ الحديث في إيران عن بعض المكاسب الآنية من قيام الثورات في العديد من الدول العربية، أولها: توجيه اهتمام المجتمع الدولي بعيداً عن أزمة الملف النووي الإيراني، ومحاولة كسب مزيد من الوقت، سواء لمواجهة الصعوبات التكنولوجية التي واجهت البرنامج النووي في الفترة الأخيرة، مثل فيروس “ستوكسنت" الذي نجح في إخراج عدد غير قليل من أجهزة الطرد المركزي عن دائرة السيطرة، أو لتحقيق أكبر قدر من التقدم في عمليات تخصيب اليورانيوم، حيث كان لافتاً نجاح إيران منذ شباط 2011، خلال ذروة اشتعال الثورتين المصرية والتونسية، في زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.5 في المئة بمقدار 500 كيلو غرام. وثانيها: تقليص حالة الأهمية والزخم التي حظيت بها حركة الاعتراض على نتائج الانتخابات الرئاسية التي أجريت في عام 2009، وأسفرت عن فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد بفترة رئاسية ثانية، والتي تمثّل ما يمكن تسميته ب"المعارضة من داخل النظام". وثالثها: الاستفادة من الزيادة الملحوظة في أسعار النفط، خصوصاً بعد وصول موجات التغيير الديمقراطي إلى ليبيا، وبروز توقعات باحتمال امتدادها إلى دول نفطية أخرى في المنطقة".
مستقبل المشروع الإيراني والربيع العربي
لكن هذه التداعيات الإيجابية تبدو مؤقتة لحين تبلور ملامح نهائية للشرق الأوسط، بعد انتهاء موجات التغيير الديمقراطي الحالية، بل إنّ مؤشرات عديدة توحي بأنّ ثمة تداعيات أخرى محتملة يمكن أن تنتج تأثيرات سلبية متعددة على إيران. والمفارقة هنا أنّ هذه التأثيرات لا تقتصر فقط على مصالح إيران وموقعها في الإقليم، بل تمتد أيضاً إلى الجبهة الداخلية التي تواجه حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار لأسباب سياسية واقتصادية عديدة، بشكل يشير إلى أنّ إيران باتت حالة كاشفة للترابط القوي بين ما يموج في الداخل من تفاعلات كثيفة، وما يدور في الخارج من تطورات متسارعة. (مقالة محمد عباس ناجي، “مستقبل الدور الإقليمي لإيران بعد الثورات العربية"، الرابط: www.siyassa.org.eg/NewsContent).
ويشار هنا إلى التحركات المعارضة التي نظمها أحوازيون في نيسان 2011، الأمر الذي أدى إلى وقوع مواجهات مع قوات الأمن والحرس الثوري، أسفرت عن مقتل وجرح عدد غير قليل من الأحوازيين.
ويؤخذ على مشروع “الشرق الأوسط الإسلامي" الذي تتبناه إيران، أنّه لا تتوافر فيه مقومات أن تستقيم العلاقات بين أطرافه على أسس ومبادئ واضحة تقوم على الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتوازن المصالح؛ فإلى جانب أنّ المشروع يفتقد تعريفاً واضحاً لأهدافه وحدوده، فإنّ ثمة مخاوف تنتاب العديد من الأطراف من أن يكون مجرّد أداة تستخدمها إيران لدعم تمددها في الإقليم، ناهيك عن أنّ الخلافات القائمة بين أطرافه تفرغه من مضمونه، بدءاً من أزمة الملف النووي الإيراني وما تنتجه من تداعيات سلبية محتملة، مروراً بتهديدات إيران المتكررة باستهداف مصالح دول الجوار، في حالة تعرضها لضربة عسكرية أمريكية أو إسرائيلية، وانتهاء بتدخلاتها في الشؤون الداخلية لبعض هذه الدول.
وعلى ضوء ما سبق، يرى بعض المحللين أنّ إيران تسعى إلى أمرين في آن واحد: لعب دور الزعامة الإسلامية في المشرق العربي والعالم عبر مدخل الصراع الإيديولوجي والأمني مع القوة الإقليمية الإسرائيلية المُسيطرة، والتوصل في الوقت نفسه إلى اتفاقات مع أمريكا، تضمن أمن نظامها ومجال نفوذها الحيوي.
لكن هل تستطيع إيران تحقيق ذلك؟ في الإجابة عن هذا السؤال تبرز إجابتان متعارضتان: تؤكد الأولى أنّ سياق تطور الثورات العربية يجري باتجاه معاكس لكل دعايات إيران، فهي تحاول إقناع نفسها والآخرين بأنّ الثورات العربية ذات طابع إسلامي بحت، لكنها تغفل في هذا أنّه حتى حركة الاحتجاجات البحرينية، التي يغلب عليها الشيعة، تطالب بالديمقراطية والكرامة والمشاركة العادلة، وليس بجمهورية إسلامية. وتتضح هنا مشكلة آخذة بالتبلور للقيادة الإيرانية: ليس إنكار الواقع، وإنّما نقص المعرفة بواقع العالم، وهو ما يقود دائماً إلى تفسيرات غريبة للتطورات على الساحة الدولية، ويجب على هذه التطورات أن تتوافق بشكل أو بآخر مع الصورة الذاتية للنظام والصورة التي يكونها عن العالم. وعلى الرغم من ذلك يشعر النظام الإيراني أنّه هو نفسه بات في مواجهة الكثير من التحديات، ولعل اعتقال زعيمي المعارضة الإيرانية حسين موسوي ومهدي كروبي أوضح مثال على التوتر المحتدم بين أطراف رأس هرم النظام الإيراني. (للمزيد مقالة فولكر بيرتيس “تداعيات الثورات العربية: معادلات إقليمية تؤسس لنظام عالمي جديد").
ووفقاً لما تراه غالبية المحللين السياسيين، فإنّ النظام العربي الجديد سيكون منافساً للمشروع الإيراني، وينحاز لفكرة التوجه إلى تشكيل محور إسلامي عربي تنموي إستراتيجي، يرتكز فيه إلى حالة التقارب والتعاون مع تركيا وماليزيا وإندونيسيا. ووفق هذه النظرية فمن المرجح أن يصبح النظام الإيراني معزولاً، وألاّ يلقى نموذجه الثيوقراطي أيّ جاذبية تُذكَر، خاصة بعدما حصل في إيران عام 2009 على أثر الانتخابات الرئاسية، دون أن يعني ذلك أنّ ليس لهذا النموذج أنصار داخل البيئة العربية.
لكن هذا الاحتمال يبقى غير قاطع، حيث أنّه من المحتمل مع التحولات الحالية التي تتعرّض لها المنطقة، أن تؤدي الثورات العربية إلى خلل في التوازن بين القوى الإقليمية، بما يمكن إيران من تطوير برنامجها النووي على نحو لا رجعة عنه، بما في ذلك امتلاك المقدرة على توظيفه في استخدامات عسكرية، عندها سيتعزز دورها الإقليمي وتتغير معادلات كثيرة، لكن المعادلات الجديدة قد تحمل بدورها وضعاً غير مريح للإستراتيجيات الإيرانية، كون تلك المعادلات ستؤدي إلى توترات حادة، ليس فقط مع «إسرائيل» والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بل أيضاً بينها وبين دول الجوار.
* التقرير جزء من دراسة حول الربيع العربي وتأثيراته في العلاقة مع القوى الإقليمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.