يلاحظ المتابع العادي وحتى السياسي الحزبي اليمني والمثقف العربي الأحداث المتسارعة في الأتجاه السلبي في اليمن خصوصاً بعد الإنتهاء من مؤتمر الحوار الوطني الذي جمع بين كل ممثلي القوى المتصارعة على كرسي السلطة والخروج بوثيقة مُعدة سلفاً بقوالب خارجية وما تضمنت هذه الوثيقة الموسومة ب " مخرجات الحوار " وتوافق القوى عليها لفظاً والبصم على الورق في تارة في حضرة القصر الرئاسي وأُخرى في قاعة موفمبيك الفارهة علماً بأن حِبر هذه المخرجات الأسود ما لبث أن يجف حتى تحولت المخرجات على الواقع الميداني إلى شلالات من الدِماء وساحة حمراء من الإقتتال بين القوى القوى التي حضرت بقوة وشاركت في الصُياح والخطاب من على منصت مؤتمر الحوار أو بجوارها علماً بأن كل قوى الكُرسي في " حضرت حفل التتويج النهائي لبطل المسرحية الحوارية السيد المندوب السامي " جمال بن عُمر بل وشارك الشعب المسكين عن بُعد في ذلك الإحتفال من خلال إضاءت أجواء المحافظات اليمنية بالالعاب النارية حد الإفراط في الفرحة أملاً بالخروج من دوائر الصراع على السُلطة وتغليب مصلحة اليمن كي يعم الأمن والإستقرار ويعلو صوت القانون والعدل وتجف منابع الموت اليومي إلا أن الحقيقة كانت حاضرة بقوة أيضاً لتقول للجميع أنتم تمحورتم على الطاولات ولم تتحاوروا وما نشهده اليوم من صراع بين القبيلة والتي كانت ومازالت تمثل حكومة ظل وبين الطائفية التي تسعى إلى التمدد على الأرض يؤكد تماماً رؤيتنا التحليلية المستندة للشواهد المادية لفشل الحوار . ونجاح قوى الصراع في العودة إلى المربع الأول وتغليب صوت البندقية على صوت العقل والحكمة ومصلحة الوطن ولا ريب فكلاً من أطراف الصراع يدعي وصلاً بأحيقة الدفاع الحق الإلهي ويسرف بالقول نحن مع مصلحة الوطن وعكس القول يتجسد الفعل على الميدان مواجهة وحرب هى أقرب إلى الوصف بالأهلية نعم فالكل يحشد لها أتباعة ومن تبعهم إلى التخلف وأشياعه ومن شايعهم في الجهل والكل يستعد لصد " الكل "من السيطرة على العاصمة صنعاء والإنقضاض على أطلال الدولة في عُقر دارها الرئاسي والذي صارت مهمتة إيفاد اللجان الرئاسية " للوساطة " وعقد الأتفاقيات بين الوقتية التي سُرعان ما تتبخر مضامينها الشكلية بمجرد عودة لجنة الوساطة وهات يا لعب وكما يقول المثل اليمني الشعبي " حجر وسيري سايرة " إذاً في ظل هذا الوضع المؤشر بالإنفجار بين قوى هى أساس الصراع ومنبع تمويله وتغذية أحداثه ودور القصر الرئاسي المروض على ثقافة الوساطة في بلد اللا دولة واللا قانون يحكم الجميع ويصفد كل من تسول له نفسه المساس بالأمن نحن في اليمن امام خيارين أولهما : إما الإستمرار بثقافة الوساطة وإدارة إداوت الأزمة الحالية الصراع بعُرف القبيلة وسياسة المرجعية والتودد لهذه القوى وتركها تعبث بأمن وإستقرار المواطن تهجيراً وتقتيل وظلم وتُسيى لليمن كبلد حضاري عُرف كيانه المجتمعي بالحكمة والإيمان وتحكيم العقل في محاكات الأحداث والتغلب على كل سلبي فيها وهنا يكون الخيار الأول هو الفوضي ودخول البلاد في مرحلة لا يمكن لاحد من المتصارعين التنبئ بنتائجها على الوطن عموماً خصوصاً وأن هناك قوى محلية إنتهازية تتربص الفرصة لإعلان مشاريعها التقزمية سيئت الصيت وأُخرى إقليمية ودولية تتأبط باليمن شراً وتعمل على على إدخاله في فوضى كي يكون لها اليد الطولى على ثرواته المادية والبشرية والتحكم بقراره السياسي أما الخيار الثاني فهو : حضور الدولة كبديل وطني وكيان سياسي يعمل من خلال مؤسسات دستورية على فرض الأمن والإستقرار والسلم الإجتماعي بقوة القانون وتفعيل التشريعات التي تكفل العيش الأمن للجميع دون تمييز أو إقصاء لسين من التنظيمات أو صاد من الجماعات بل إن حضور الدولة بمعنى الدولة الحقيقية الخالية من أي ظل قبلي أو حزبي ومن أي تبعية إقليمية ودولية هو البديل الضامن لإنها الصراع وتخندق القوى التقليدية من أمراء الحرب وتجار السياسية للقوى الخارجية الممولة لبؤر للصراع وثارة الحقد والكراهية بين أبناء الوطن الوحد حيث أنه في ظل غياب الدولة وهزلية حضورها الرسمي القوي أوجد الوهن في ضمائر القوي المحلية التقليدية بحيث تمكنت القوى الخارجية المعادية لليمن من وخز هذه المسميات بفيروس الخيانة وسرطان التأمر وبالتالي سهل إستخدامها كدُما بشرية لعرقلة عملية التنمية والبناء والتقدم ولنا هنا أن نستشهد بحضور الدولة كبديل أساس ومهم في القضاء على قوى الفوضى أياً كانت خلاقة أو تقليدية من خلال واقع الدولة في المحافظات الجنوبية قبل الوحدة المباركة وكذلك حضور الدولة بقيادة وطنية جماعية في العام 1974م حين عم الأمن والإستقرار وحضر النظام في الحياة العامة للناس والسياسية للحاكم وبالمقابل تعاون الشعب مع الدولة وحضر بقوة في عملية التغيير والمشاركة الشعبية الطوعية الواسعة مما أدى إلى إنقراض قوى الصراع وتجار الحروب ودعاة المشاريع الطائفية والفوقية والتكفيرية إن قوى الصراع المحلية التقليدية في اليمن وجِدت من قبل الأعداء التأريخيين لتبقَ كخِنجر مسموم بالتخلف يُستل من حقد قوى الشر الخارجي ليظل مغروز في خاصرة كي يعيق نموه وتقدمه أقول هنا لقد أثبتت الأحداث التأريخية القديمة والحديثة والمعاصرة وخصوصاً في وطننا العربي الإسلامي أن غياب الدولة ككيان سياسي ومنظومة مؤسساتية متكاملة يعني بروز الفوضى ممثلة بالقوى المحلية كحالة تفرض نفسها بقوة على الواقع بحيث تكون ثقافة الصراع هى السائدة والتقزم الجغرافي والنزعة الإستقلالية هى الحاضرة ولنا هنا أن نستحضر القراء التأريخية من خلال الدولتين الأموية والعباسية , دول الطوائف في الأندلس , لبنانالصومالالعراق وليبيا الأن . ومن هذا المُنطلق وما يحمله الواقع في اليمن في مرحلته الحالية يتوجب علي الجميع اقول الجميع دون تعريفهم بالمسميات الكرتونية والصفات العبثية أن نعترف أولاً بعدم وجود الدولة كنظام سياسي له حضور وفعل سيادي وبالتالي فأن الإعتراف سيقودنا حتماً إلى إعادة النظر في تقييم الحالة وإستنتاج مواطن التعثر في مسار المرحلة ومصادر الإعاقة التي تسببت في غياب الدولة وهنا نعمل على تصحيح أعوجاج المسار بشرط أن تتوافر العوامل الأساسية في الرغبة الصادقة وصقل الحس الوطني من صداء الولاءات الضيقة وإعادة تأهيل الضمير على أساس من الفداء والتضحية ومغادرة الإنتماء للأشخاص والأحزاب والجماعات وفك الإرتباط بمصادر التأمر والخيانة وهذا الدور الوطني المأمل علية تفعيل الخيار الثاني المتمثل بحضور الدولة كمنظومة كاملةغير منقوصة أو مستظلة كبديل لللأ دولة والدولة " الموظفة " يتوقف عند قدس مصداقية النخبة من القادة السياسيين والعسكريين والإعلامين ورجل الفكر لقيادة الجماهير وتحقيق مشروعها المدني الحضاري المختزل ألماً في رصيد المعانات وأملاً في عيون المستقبل . اليمن بحاجة إلى قيادة وطنية تشعر بالمسؤلية وتقدس الإستحقاقات في الرقي والتقدم والمواكبة وتؤمن بالإستقلال كفريضة وطنية تؤدى جمعاً في محراب اليمن وهذا لن يتحقق إلا بوجود تلك القيادة الوطنية الأنموذجية التي تصدق اليمن وتقود الجماهير إلى خيار بناء الدولة وتفعيل مؤسساتها السيادية وتطهيرها من رجس الولاءات الضيقة وإستقلالية سُلطاتها وأهمها التشريعية والإعلامية لما لهما من دور في ترسيخ أسس العدالة وسن قوانينها المعاصرة وتوعية المجتمع بالمطالبة بحقوقه المكفولة والتعبير عن رأية بحرية لا تتجاوز حرية الأخرين وتتعدى حرية الوطن وتأدية وأجباته المفروضة عليه وبهذا يكون خيار وجود الدولة هو الكيان الضامن للمواطن بحق العيش بأمن وكرامة وللوطن بإستحقاق السيادة وإملاك ناصية قراره السياسي وإختيار نظامه المالي والإداري وما لم يكن الخيار الثاني المتمثل بحضور الدولة هو الخيار الذي يمثل ذروة الإستحقاق الوطني فنتاج طبيعي أن أن يكون خيار الفوضى هو الخيار الدامي والحزام الناسف في " جيد " قوى الشر المحلية ومموليها الإقليميين والأمميين لتدمير اليمن وتفكيك هويته الوطنية وإنتمائه العربي الإسلامي . وهنا لا يسعني إلا أن أقول وبأسم كل يمني حُر شريف ومواطن عانى ومازال يعاني الألم في جرح الوطن كفى عبثاً أيها القادمون عدم من فوهة الفوضى المستوردون للصراع عبر الحدود وتجارة " الترانزيت " الإيدلوجية المصدرون الموت لقُرى ومديريات وشوارع ومحافظات الوطن عبر وكلائكم الحزبيين وبائعيكم النفعيينولتعلموا أن اليمن شعب بكيانه الإجتماعي ووطن أرض وإنسان وليس قبيلة أوحزب وطائفة ومذهب بل أن اليمن ليس كما تعتقدوا عبطاً بأنه سيظل مترنح على أكتاف ال " الدولة الموظفة "غادروا مسرح الفوضى وفوهة البُندقية وحضيض الصراع ومستنقع الموت غادروا كي يتمكن اليمنيون الأحرار ممن يحملون هوية اليمن ويقدسون الإنتماء إليه من بناء الدولة الحقيقية وفرض سيطرتها على كامل تراب الوطن المقدس كفاكم دجل تلاعب بعقول البُسطاء وتنسيبهم قتلا إلى ويل دار الندوة وتدريبهم على اللطم في سعير صحن الحوزة وتصديرهم قهراً إلى مقابر معسكرات " داحس والغبراء " ومخيمات الردةكفاكم إنتهازية وإستقوى على المواطن والوطن بالأعداء كفوا عن هوس السلطة تحت شِعارات عرجاء الموت للعمة والجدة وتوزيع صكوك الغفران وكاتم الصوت وتفخيخ مفاتيح الجنة والدفاع عن الحقالإلهي وأحقية إنصار " البابا " الزعيم بالفردوس وناقة البسوس ورمح جساس بالخلود مقابل النُصرة ترجلوا أيها القادمون من قُعر الجحيم عن صهوة الفوضى وقمة الغباء وأكذوبة الثورية توقفوا عن سفك الدماء وتناول الفتاوى السياسية وشُرب رُقية صديد الدولار وتعليق تميمة فئة الخمسمائة الملكية ثقوا أيها الصحابة اليمانيون الأخيار المنتظرون موكب الأمل القادم من فوهة القبس الوطني بأن يمننا الحبيب سوف ينتصر للحرية ويرسي خيار مفهوم الدولة بقيادة رُسله وأنبيائه الأحرار وجنوده الأبرار فلسان حال المواطن والوطن يقول " رب أني مغلوب فأنتصر " ولسوف يأفل مثلث الباطل والشر والظلم ويُهزم رُهبان وأتباع خيار الفوضى ومُسعري الصراع ويُولون الدُبر .. والله من ورأء القصد.