ما زالت الأجهزة الأمنيّة في الدولة العبريّة تُتابع عن كثب الترسانة العسكريّة التي يمتلكها حزب الله اللبنانيّ، في الوقت الذي تستمر فيه حالة التأهب القصوى المعلنةً في شمال إسرائيل تحسبًا لرد من الحزب على الهجوم الجويّ الإسرائيليّ على قاعدة للحزب على الحدود السوريّة اللبنانيّة التي استهدفت، بحسب المصادر الأجنبيّة، أسلحة إستراتيجيّة، من شأنها أنْ تخّل بالتفوق الإسرائيليّ. ورأى عدد من المحللين والخبراء الإسرائيليين، أنه من المستحيل أن يرد الرئيس السوريّ بشّار الأسد وحزب الله على الهجمات الإسرائيلية، فقد قال محلل الشؤون العربيّة في القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيليّ، المستشرق إيهود يعاري إنّ الجيش العربيّ السوريّ يعاني في الوقت الحالي من حالة ضعف شديدة ومن خسارة قاعدة جماهيرية عريضة منذ نشوب الإحتجاجات ضد نظام الأسد بشكل يجعل من الصعب أن يرد على الهجمات الإسرائيلية حاليًا. وأضاف يعاري أنّ الرئيس الأسد لن يمكنه الرد منفردا على الهجمات الإسرائيلية من دون التنسيق مع إيران أو استئذانها، وهناك قرار إيراني بالهجوم ب10 آلاف صاروخ في البداية على إسرائيل إذا تقررت مهاجمتها، وهو أمر صعب للغاية على الأسد وجيشه حاليًا، وبالتالي يفضل الإبتعاد عن مواجهة إسرائيل. كما يرجع المحلل السبب في عدم الرد إلى تلك النجاحات التكتيكية التي سجلها نظام الأسد في الفترة الأخيرة ضد المعارضة السوريّة المسلحّة، وذلك من خلال حسمه لعدة نقاط كان الثوار مسيطرين عليها، فهو غير مهتم لتحطيم نجاحاته في الفترة الأخيرة ما جعله لا يتسرع في تفكيره بمهاجمة إسرائيل. أما محلل الشؤون العسكريّة في القناة عينها، روني دانييل، الذي يُسّمى في إسرائيل الناطق غير الرسميّ بلسان جيش الإحتلال، بسبب قربه الشديد من المنظومة الأمنيّة في الدولة العبريّة، فقد رأى أنّ حزب الله لديه الكثير من المشاكل السياسية الداخلية في لبنان، بشكل يجعل من الصعب أن يذهب إلى حرب بالوكالة عن سوريا، تلك الحرب التي ستؤلب الداخل اللبناني عليه من جانب، وستضعفه عسكريًا واستراتيجيًا جدًا من جانب آخر. كما أضاف دانييل أن حزب الله يخشى مواجهة إسرائيل حاليا من دون وجود ظهير قوي له في سوريا، فهو يعلم جيدا أن الأسد وجيشه واقعان في أزمة حقيقية ومن الممكن ألا يتحرك لإنقاذ حزب الله اللبناني عند اللزوم في أي مواجهة عسكرية مع إسرائيل. أما رون بن يشاي المحلل العسكري في الموقع الإلكترونيّ لصحيفة (يديعوت أحرونوت)، فقد أكدّ على أنّ الحسابات السياسية والتكتيكية لسوريا وحزب الله اللبناني أكثر خطورة ودقة بالنسبة لهما في حال ما قررا مواجهة إسرائيل، مشيرًا إلى أنّ القيادات السورية واللبنانية على علم تام أنّ الحرب مع إسرائيل ستجعل الدولة العبريّة طرفًا حقيقيًا في الحرب الدائرة في سوريا، مما سيؤدي إلى تغيير المعادلة لصالح المعارضة المسلحّة بالتأكيد وهو ما لا يريده الأسد وحزب الله اللبناني، وبالتالي فهما يتجنبان مواجهة إسرائيل حاليًا، على حدّ تعبيره. في سياق ذي صلة، كشف قائد قاعدة سلاح البحر الإسرائيلي في حيفا الجنرال إيلي شرفيط النقاب عن أن جميع المنظمات التي وصفها بالإرهابيّة، في منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك حزب الله في لبنان، تحاول أن تمتلك وسائل قتالية متطورة، وفي مقدمها صواريخ أرض بحر روسية الصنع من طراز (ياخونت). يُشار إلى أنّ الصاروخ الروسي المجنح (ياخونت) كانت روسيا قد سلّمته لسوريا، والذي بإمكانه ضرب أهدافه بدقة فائقة من دون أن يكتشفه الرادار، ويستخدم الصاروخ المذكور لتدمير السفن البحرية في ظروف عمليات التشويش اللاسلكية الإلكترونية المعادية، وقد بدأ العمل على تصنيع هذا الطراز من الصواريخ في مطلع ثمانينات القرن الماضي. ومن مميزات الصاروخ: مدى الإطلاق إلى ما وراء الأفق- الذاتيّة التامة للإستخدام القتالي (أطلق وانس)، تغيير ارتفاع التحليق من المنخفض إلى العالي ثم إلى المنخفض، إمكانية الإطلاق من على شتى الوسائل بما فيها السفن بكافة أنواعها والغواصات والمنصات الأرضية والطائرات، صعوبة اكتشافه من قبل الرادارات الحديثة (تكنولوجية ستيلس). ومن أهم صفات الصاروخ هي سرعته التي تفوق سرعة الصوت بمقدار 2.6 مرة مما يقلل من تعرضه للإعتراض والتدمير من قبل وسائل الدفاع الجوي الحديثة. ويزود هذا الصاروخ البالغ وزنه ثلاثة أطنان برأس راداري يوجه ذاتيا يزن 200 300 كيلوغرام. وبوسع صاروخ (ياخونت) تدمير الطرادات الحديثة على مدى يصل إلى 300 كيلومتر. أمّا عدة صواريخ من هذا النوع فبوسعها تدمير حاملة طائرات بكاملها. كما تمّ صنع نموذج لصاروخ (ياخونت) تزود به طائرات من طراز (ميغ 29). ولا يتوقع الخبراء أنْ يشهد الصاروخ مثيلاً له في العالم خلال السنوات العشر القادمة على أقل تقدير. وقد اهتم به عدد من دول منطقة آسيا والمحيط الهادي والشرق الأوسط التي كانت قد اشترت السفن والزوارق الروسية المزودة بالصواريخ المجنحة. كما يمكن أنْ يحل صاروخ (ياخونت) محل صاروخ (غاربون) الأمريكيّ الصنع في سفن تلك الدول. وقال الضابط الإسرائيليّ في تصريحات أدلى بها إلى وسائل إعلام في مناسبة إقامة مراسم تدشين المرسى الجديد للغواصات في ميناء حيفا إنّ الدولة العبريّة تعتبر أنّ جميع الوسائل القتالية الموجودة في حيازة النظام السوري موجودة أيضًا في حيازة حزب الله، كما أشار في سياق حديثه إلى أنّ هذا الوضع يُحتّم على جيش الإحتلال بأسلحته كافة أن يكون في حالة جهوزية دائمة، على حدّ تعبيره. من ناحية أخرى، قال قائد وحدة الغواصات في سلاح البحر إن هذه الوحدة ضاعفت نشاطاتها خلال العام الفائت بما في ذلك في الجبهة الشمالية. وأضاف أنّ بعض هذه النشاطات يجري على مدى آلاف الكيلومترات في عرض البحر. وخلُص إلى القول إنّه من المقرّر أن تتلقى الوحدة في النصف الثاني من العام الجاري غواصتين جديدتين من ألمانيا لديهما القدرة على البقاء فترات طويلة في عمق البحر وعلى حمل كمية أكبر من الوسائل القتالية، على حدّ قوله.