وفاة الصحفي الاميري بعد معاناة طويلة مع المرض    صنعاء: ضبط بقية المتهمين في جريمة شارع خولان .. "أسماء وصور"    استهداف مقر الإصلاح بتعز.. حلقة من مسلسل الإرهاب ضد السياسة والنسيج الاجتماعي    مفتاح: الحرب مازالت مستمرة وشعبنا يقدم كل يوم شهيد    مجلس التعاون الخليجي يرحب بقرار الولايات المتحدة رفع العقوبات عن سوريا    نقابة الصحفيين اليمنيين تنعى الصحفي عبدالقوي الأميري    ابن حبريش يظهر مجددا ويؤكد على خيار الحكم الذاتي    الصين تسجل نمواً مطرداً لشحن البضائع عبر السكك الحديدية في أول 11 شهرا    تحذيرات جوية من انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة    سياسة الانتحار الاقتصادي    قيادات الدولة تتفقد مشاريع إعادة تأهيل شارع خولان بصنعاء    غوتيريش: استمرار اختطاف الحوثيين لموظفينا يؤثر على ملايين المحتاجين للمساعدات    المنتخب الوطني لرفع الأثقال يصل الدوحة للمشاركة في ثلاث بطولات إقليمية    الحديدة: انطلاق مشروع المساعدات النقدية لأكثر من 60 ألف أسرة محتاجة    الجرح الذي يضيء    اليمنية تعلن عن رحلتين اسبوعيا بين عدن وعاصمة خليجية    بمعدل نمو 10.4%.. التمويل الإسلامي في عُمان يرتفع إلى 7.4 مليار ريال    نخب الإعاشة في الخارج.. خطاب تعالٍ يكشف انفصالًا عن معركة وطنهم    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    حراك أمريكي داخل أروقة الإدارة الأمريكية بشأن اليمن والجنوب    معلومات حول الجلطات في الشتاء وطرق الوقاية    عودة الأسعار للارتفاع يا حكومة    مع استمرار صراع ادوات المرتزقة..مدن الجنوب بلا خدمات    عبد الرزاق حمد الله يعتزل اللعب دوليا بعد قيادة المغرب للتتويج بكأس العرب    عقوبات أمريكية على الإخوان المسلمين    بن حبتور يكشف عن السيناريو في المناطق الجنوبية والشرقية    تدشين صرف إعاشة أسر الشهداء والمفقودين ب 3.6 مليارات ريال    البنجاك سيلات يستعرض الصعوبات التي تواجه الاتحاد    وزير سابق: تراجع اهتمام واشنطن بالملف اليمني وتعيد النظر وفقا لوقائع الأرض    معركة السيادة في عصر الاستلاب الفكري"    بتعاون أردني..عدوان أمريكي على الأراضي السورية    خبير في الطقس: برد شديد رطب وأمطار متفرقة على عدد من المحافظات    هجوم جوي يستهدف قوات الانتقالي في حضرموت    ميرسك تعبر البحر الأحمر لأول مرة منذ عامين وتدرس عودة تدريجية    تقرير أممي: ثلثا اليمنيين يعانون انعدام الأمن الغذائي ومعدلات الجوع تسجل ذروة غير مسبوقة    تقرير أممي: تصعيد الانتقالي في حضرموت أجبر آلاف الأسر على الفرار والنزوح    قراءة تحليلية لنص "نور اللحجية" ل"أحمد سيف حاشد"    مهرجان ثقافي في الجزائر يبرز غنى الموسيقى الجنوبية    أمطار شتوية غزيرة على الحديدة    الموسيقى الحية تخفف توتر حديثي الولادة داخل العناية المركزة    "المحرّمي" يُعزِّي في وفاة السفير محمد عبدالرحمن العبادي    بالتزامن مع زيادة الضحايا.. مليشيا الحوثي تخفي لقاحات "داء الكلب" من مخازن الصحة بإب    الأوبئة تتفشى في غزة مع منع دخول الأدوية والشتاء القارس    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    كأس ملك اسبانيا: تأهل اتلتيك بلباو وبيتيس لدور ال16    الحرية للأستاذ أحمد النونو..    انعقاد الاجتماع الفني لبطولة مديريات محافظة تعز - 2026 برعاية بنك الكريمي    المغرب يتوج بطلاً لكأس العرب بانتصاره المثير على منتخب الاردن    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    بين الاعتزاز والانسلاخ: نداءُ الهوية في زمن التيه    اتحاد كرة القدم يعلن استكمال تحضيراته لانطلاق دوري الدرجة الثانية    صباح عدني ثقيل    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    صباح المسيح الدجال:    مأرب.. السلطة المحلية تكرم فريق نادي السد لكرة القدم بمناسبة الصعود لدوري الدرجة الثانية    تأكيداً على عظمة ومكانة المرأة المسلمة.. مسيرات نسائية كبرى إحياء لذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    بدعم سعودي.. مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا يقدم خدماته ل 7,815 شخصا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحج إلى بيت أيقونة الشعر العربي الحديث
نشر في الخبر يوم 02 - 06 - 2014

يضم قضاء أبو الخصيب بين جنباته عددا كبيرا من القرى التي لا تزال تحتفظ باسمها القديم مثل قرية "جيكور" التي كانت في سابق العصر تحوي بيوتا من اللبن والطين وقصة لم ترو من قصص ألف ليلة وليلة. لا شيء يجعلها تختلف عن باقي المدن الريفية مثل التنومة أو السيبة أو الفاو إلا اقترانها بقصيدة للشاعر بدر شاكر السيّاب.
"جيكور"، هي محلة صغيرة، تشير مصادر التاريخ إلى كونها كلمة فارسية تعني "بيت العميان"، وتبعد عن مركز مدينة أبي الخصيب بما يقارب الكيلومترين من خلال طريق ملتو ومتعرج، تحفّ به البساتين من كل صوب وجهة، وتقع القرية على شط العرب، تواجهها جزيرة جميلة اسمها "الطُويَلَه"، يمرّ فيها نهر "بويب" الذي يتفرع عن الشط الكبير، أي شط العرب، وقد تغنّى به السيّاب كثيرا، وصار ذاكرة بوحه الشعري.
وآل السيّاب من الأسر المعروفة هناك في أبي الخصيب وكلمة "سيّاب"، كما يشير المعجم اللغوي، بتشديد الياء وضمّ السين أو فتحها: اسم يطلق على البلح، ولكن هناك قصة أخرى تقول إن أحد أجداد الشاعر دعي بهذا الاسم لأنه فقد جميع أقربائه و"سيب" وحيدا.
تشير الكثير من المصادر التاريخية إلى أن هناك الكثير من الأدباء الذين زخرت بهم ذاكرة "أبو الخصيب" وانتظم بهم عقد تاريخها الثقافي. غير أن البعض منهم لم ينل من الشهرة نصيبا كما حصل مع السيّاب، فعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر الشاعر والباحث مصطفى كامل الياسين وعبدالستار عبدالرزاق الجمعة، وعبدالباقي لفته وعبداللطيف الدليسي وعبدالحافظ الخصيبي ومؤيد العبد الواحد، وهو من رواة شعر السيّاب.
والجدير بالذكر أن هناك شعراء شعبيين اشتهروا من داخل أبي الخصيب، مثل الشاعر الشعبي عبدالدايم السيّاب وهو من أقارب السيّاب ولشعره شهرة في المنطقة الجنوبية، والشاعر الشعبي كذلك عدنان دكسن.
وحتى لو كان الزائر غير مرهف الحس، فبمجرد دخوله إلى بيت السيّاب يشعر بأنه بيت عادي، امتدت إليه يد غيّرت من ملامحه، فضاعت منه رائحة السيّاب وحل محلها الصبغ الحديث، وربما هو إعادة بناء وليس ترميما.
ولكن على الرغم من كل هذه التحديثات فإنك لو تأملت جيدا لسمعت بين جنباته صوت السيّاب الشعري وهو ينساب إلى حجراته، وتحديدا في الغرفة التي تقع يمين الداخل إلى باحة الدار، والذي صمّم على نظام كان يدعى آنذاك "الحوش"، ولوجدت السيّاب طفلا يلعب بين الغرف الطينية، إنه حج إلى بيت السيّاب العتيق سابقا، الجديد حاليا، وهو بيت ذو ثماني غرف بملحقاتها.
يعود تاريخ بناء البيت إلى عام 1800، وفيه ولد السيّاب وأبصر نور الشعر ووحيه، ذلك المنزل الشناشيلي الذي بني على يد جدّ السيّاب، وهو عبارة عن شرفة مغلقة مزينة بالخشب المزخرف والزجاج الملون، وكان الطين و"اللبن" مادة بنائه الأساسية، وسقف المنزل من القصب و"الجندل" و"الباريات"، وهي الطابع الغالب على البيوتات البصرية وقتذاك، كانت الأبهة والزينة تعكسان حال أهل البيت وساكنيه وكان بيت السيّاب وعائلته من أصحاب الأملاك والأطيان! ويقع إلى الجوار من هذا المنزل وعلى مسافة قريبة جدا، منزل آخر هو "منزل الأقنان"، والذي أمسك فيه السيّاب ب"شباك وفيقة" متوسلا، ناذرا كلمات قصيدته إليها.
يعدّ هذا المنزل المكان الثاني الذي تربّى فيه السيّاب وعشق فيه "وفيقة"، وهي ابنة أحد أقربائه، إلا أن الموت خطفها وهي في عمر الصبا، فعلقت بذاكرة السياب فكتب عنها قصيدة بعنوان "شباك وفيقة "جاء في مقدمتها: "شباك وفيقة في القرية/ نشوان يطلّ على الساحة/ كجليل تنتظر المشية/ ويسوع وينشر ألواحه/ إيكار يمسّح بالشمس/ ريشات النسر وينطلقُ/ إيكار تلقفَّه الأفق/ ورماه إلى اللجج الرمس/ شباك وفيقة يا شجرة/ تتنفس في الغبش الصباحي/ الأعين عندك منتظرة".
المفاجأة الكبيرة هي أن هذا البيت قد تغيّرت ملامحه وصار على صورة مغايرة جدا، نالت إعجاب بعض الزائرين، وأمّا البعض الآخر فإنه يرى بالبيت العتيق ملامح الجمالية التي لا يمكن أن تصفها رائحة الجدران الإسمنتية.
وفي السابق، باءت كل محاولات ترميم البيت بالفشل والسبب يعود إلى اندلاع الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي والتي حالت دون البدء بأعمال ترميم وإعادة بناء الدار حيث كانت كما هو معروف منطقة حدودية وضمن منطقة العمليات الحربية وقد تعرضت للقصف الإيراني.
ويعدّ هذا الترميم هو الأول وكان من الأفضل لو اقتصر على عملية صيانة الجدران وتجديد البناء بالمواد الأصلية، أي "الطين واللبن". ويتوسط بيت السيّاب متحف خاصّ يضمّ كل ما كتبه السيّاب في الصحف والمجلات والدوريات العراقية والعربية إضافة إلى ما كتب عنه، كما يحتوي كذلك على عدد من صوره.
ويمكن تعزيز هذا التوثيق بتوجيه دعوة إلى كل الأدباء ذوي العلاقة والقرب من السيّاب وكل الذين يمتلكون بعضا من مقتنياته أن يرفدوا بها هذا المتحف، وستكون تجربة جمع آثار السيّاب بادرة جميلة ورائعة تحمل جزءا من الوفاء لشاعر عندما يذكر اسمه، يذكر اسم العراق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.