لعل أبرز سمة يمكن تتبعها لإدارة ما بعد "صالح" هو قدرتها الفائقة على إهدار الفرص الثمينة التي فتحها حراك 2011 أمام اليمن واليمنيين ، وعلى رأس ذلك فرص معالجة الإشكاليات الوطنية التي تفاقمت بفعل الإدارة الرديئة وتوسعت دائرتها وضحاياها وتضاعفت كلفها ، بل وعملت الإدارة الجديدة على حراسة هذه الإشكاليات من أي معالجة . فالأهم من إنهاء حكم صالح بالنسبة لحراك 2011 في اليمن الذي اندلع ضمن ما يسمى بالربيع العربي هو كم الفرص التي فتحها أم اليمن في سبيل التحول باتجاه فكرة الدولة . لقد نُكبت اليمن برئيس محدود الأفق والقدرات ، يفتقر للفاعلية والكفاءة والنزاهة ، وهو ما يُعطل البلد وطاقاته وفرصه ، بلد عالق وسط فراغ كبير يمكن أن يُغرق بكل ما يخطر على البال من احتمالات ، باستثناء مشروع الدولة . أدار هادي وحلفه العريض " المحلي والإقليمي والدولي" حتى اليوم مدة تقارب المدة التي أدارها الرئيس إبراهيم الحمدي ، الثابت الان أن "هادي" هو النقيض الموضوعي ل "الحمدي" ، هذا ما يردده الان الكثيرون ممن عايشوا العهدين . ثلاث سنوات من عمر اليمن واليمنيين لا أبرز فيها من دأب "هادي" المتواصل في بناء مشروعه الخاص الذي يُشيد على أنقاض مشروع عموم اليمنيين . "هادي" يقف في سياساته وقراراته منذ تسلمه السلطة حيث يقف زعيم العصابة وليس حيث يجب أن يقف رجل الدولة ، وهذا ما يؤكده قراره الأخير بخصوص ما سمي "الجيش الشعبي" في الجوف ومأرب ، فما تحتاجه الجوف ومأرب وعمران وصعدة وكل اليمن هو النقيض من هذه الخطوة التفتيتية تماماً ، حضور مختلف وجديد للدولة في هذه المحافظات والمناطق ، حضور تنموي بناء يعيد الإعتبار لفكرة الدولة في هذه المناطق . وقبل ذلك تكرر الأمر ذاته في "أبين" بما يسمى " اللجان الشعبية " وهناك أنباء من "حضرموت" بالإتجاه لذات التجربة ، حيث تقوض الدولة ومؤسساتها وتقوى تشكيلات ميليشياوية من الميزانية العامة ، بدلاً عن تقوية وحدات الجيش وأجهزة الأمن .