قال خالد المفرجي، عضو "ائتلاف القوى الوطنية"، ل"الأناضول"، إن وفد الائتلاف، الذي يضم غالبية الكتل السنية الفائزة في الانتخابات البرلمانية العراقية، قرر الانسحاب من مفاوضات تشكيل حكومة حيدر العبادي، ردا على عدم موافقة تحالف الأخير على مطالبهم، وهو النبأ الذي لم يعلنه الائتلاف رسميا حتى الساعة 06: 00 من صباح اليوم الأحد بالتوقيت المحلي (03: 00 ت.غ). جاء ذلك في وقت كشف فيه مصدر سياسي مطلع ل"الأناضول" إن وفد من "ائتلاف القوى الوطنية" التقى، مساء السبت، السفير الأمريكي بالعراق، روبرت بيكروفت، لإطلاعه على مستجدات مفاوضات تشكيل الحكومة، لافتا إلى أن هذا التحرك من قيادات الائتلاف "يأتي للضغط على الأطراف الرئيسية" في تحالف العبادي (التحالف الوطني) للقبول بمطالبهم. وأوضح المفرجي أن "التحالف الوطني (شيعي) مجتمعا لم يوافق على المطالب التي قدمت له من قبل ائتلاف القوى الوطنية؛ لذا قررنا سحب الوفد التفاوضي وإيقاف المفاوضات بشكل تام". وأضاف: "كنا سباقين في دعم العبادي في تشكيل الحكومة، لكن لن نضطر إلى المشاركة في الحكومة المقبلة من دون أن يكون لنا دور في صنع القرار وأن تكون هناك شراكة حقيقية في إدارة البلاد". وتضمنت مطالب "ائتلاف القوى الوطنية" 14 مطلبا هي ذات المطالب التي قدمت سابقا الى رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي واتهم بتسويف تنفيذها، وأبرزها: الإفراج الفوري عن المعتقلين الأبرياء في السجون وخصوصاً من المناطق السنية، سحب قوات الجيش من المدن وتسليم مهمة حفظ الأمن بها لقوات الشرطة المحلية، توفير فرص متكافئة للمكون السني في السلطة التنفيذية، حل جميع المؤسسات الأمنية خارج إطار وزارتي الدفاع والداخلية. كما أعلنت القوى السنية تمسكها بحقيبة أمنية كالدفاع أو الداخلية إلى جانب وزارات سيادية. في سياق ذي صلة، كشف مصدر سياسي مطلع ل"الأناضول" أن قيادات في "ائتلاف القوى الوطنية" التقت، مساء السبت، السفير الامريكي في العراق روبرت بيكروفت. المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أوضح أن "القيادي في الائتلاف أسامة النجيفي (رئيس البرلمان السابق) وعدد من قيادات الائتلاف (لم يذكر هويتهم) التقوا مساء اليوم (السبت) السفير الأمريكي لإطلاعه على الموقف الأخير من المفاوضات مع التحالف الوطني التي توقفت ظهر اليوم". ولفت المصدر، ذاته، إلى أن "وفدا اخرا من ائتلاف القوى الوطنية التقى مساء السبت عمار الحكيم (القيادي في التحالف الوطني) لبحث الموقف من عدم استجابة التحالف لمطالب الكتل السنية في ملف تشكيل الحكومة". واعتبر أن "تحرك قيادات ائتلاف القوى الوطنية يأتي للضغط على الأطراف الرئيسية في التحالف الوطني للقبول بمطالبهم". ورغم التأزم الجديد الذي شهدته مفاوضات تشكيل الحكومة، قال عمار الحكيم خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس البرلمان والقيادي في "ائتلاف القوى الوطنية"، سليم الجبوري، مساء السبت، إن المصادقة على الحكومة الجديدة ستكون "خلال أيام قليلة" حال الانتهاء من وضع برنامجها. وأوضح أن البرنامج الذي سيقدمه العبادي "سيحدد الملامح لإدارة الدولة ويضمن مطالب الكتل السياسية"، مشيرا إلى وجود لجنة مختصة بالتحالف الوطني وبقية الكتل تبحث الأسماء المطروحة والحقائب الوزارية و"هناك اتفاق أن تكون الشخصيات المرشحة كفؤة لخدمة المواطن". وأضاف: "إذا انتهينا من البرنامج الحكومي فإن قضية تشكيل الحكومة لن تأخذ الكثير من الوقت؛ فعملية المصادقة على الحكومة لن تستغرق إلا أيام معدودة". وأبدى الحكيم تأييده لتسليح قوات البيشمركة (جيش إقليم شمال العراق) وقال: "ندعم أي خطوة دستورية لتسليح القوات المسلحة ومنها البيشمركة في مواجهة الإرهاب"، مبديا دعمه لتوفير مستلزمات القتال لكل القوى المقاتلة لتنظيم "الدولة الإسلامية"، المعروف إعلاميا باسم "داعش" من: الجيش والبيشمركة والقوى الوطنية. من جهته، قال الجبوري إن الحكومة العراقية المرتقبة هي "حكومة الجميع ويجب أن يكون للجميع مشاركة بالقرار السياسي والأمني"، لكنه لم ينف أو يؤكد خلال المؤتمر الصحفي ذاته نبأ انسحاب الائتلاف من مفاوضات تشكيل الحكومة، علما بأن تصريحاته جاءت في وقت لاحق على تصريح "المفرجي" ل"الأناضول" في هذا الصدد. وفي 11 أغسطس/ آب الجاري، كلف الرئيس العراقي فؤاد معصوم ، حيدر العبادي، مرشح التحالف الوطني، بتشكيل الحكومة رسميا. ووفقا لنص الفقرة الثانية من المادة 76 من الدستور العراقي "يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف تسمية أعضاء وزارته خلال مدة اقصاها ثلاثون يوميا من تاريخ التكليف"؛ ما يعني أنه لم يتبق أمامه سوى 10 أيام لتقديم حكومته بشكل رسمي إلى البرلمان. ويحتاج العبادي الذي رشحه التحالف الوطني (يملك 180 مقعداً في البرلمان من أصل 328) إلى 165 صوتا لمنح تشكيلة حكومته المرتقبة ثقة البرلمان، وهي الأصوات المتوفرة لدى التحالف الوطني. إلا أن محللين يرون أن العبادي لن يلجأ الى تشكيل الحكومة من دون توافق سني كردي شيعي خشية فقدانه الدعم الكبير من الدول الغربية والعربية بجانب الظهير السياسي داخليا الذي يعد من أبرز عوامل نجاح حكومته في ظل الأزمة الأمنية التي يمر بها العراق حاليا والمواجهات مع تنظيم "داعش".