أدى التقدم المذهل لجماعة داعش سواءً كقوة في المعركة أو كقوة ماحقة على الإنترنت إلى اضطرار وزارة الخارجية الأمريكية لمواجهة الدعاية المتشددة على الإنترنت بحملة من الرسائل التي تصدرها الولاياتالمتحدة على الإنترنت أيضًا. حيث أصدرت حكومة الولاياتالمتحدة الفيديو الذي انتشر مؤخرًا على وسائل الإعلام الاجتماعية مع صور حية لعمليات الإعدام التي قامت بها داعش والجثة مقطوعة الرأس، وهي المثال الأكثر شهرة، في محاولة لفضح وحشية وتقويض عملية تجنيد الشباب عبر الإنترنت. وقال مسؤولون أمريكيون إن داعش قد حلت محل تنظيم القاعدة باعتبارها الهدف الرئيس من جهود الولاياتالمتحدة لفهم ومواجهة نشاط المتشددين على الإنترنت، وأن وكالات الاستخبارات تراقب سرًّا وأحيانًا تحاول تعطيل مواقع المتشددين على الإنترنت. كما يتم تحديد مقاطع فيديو وتغريدات ومحتويات أخرى على الإنترنت باللغة العربية والأردية والإنجليزية ولغات أخرى من حكومة الولاياتالمتحدة. ففي فيديو قصير بعنوان "مرحبا بكم في بلاد داعش"، يهدف إلى مواجهة الدعاية المتشددة من خلال إنتاج مواد لافتة للنظر على الإنترنت تستخدم الكلمات أو الصور الخاصة بالمتشددين ضدهم. ولكن هذا طريق وعر؛ فباستخدام الصور الاستفزازية المروعة لتشويه سمعة الجماعات التي تقف وراءها، فإن وزارة الخارجية أيضا تعطيهم فرصة توزيعها على نطاق أوسع. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماري هارف: "الهدف من ذلك هو استهداف المجندين المحتملين، والمتعاطفين المحتملين، لإظهار وحشية تلك المنظمة، ونحن نفعل ذلك بأن نشير إلى التناقضات، كما نشير إلى المغالطات". الفيديو أثار العديد من التعليقات السلبية على تويتر حول مضمونه العنيف جدًّا ولهجته الساخرة، ويشترط موقع يوتيوب أن يكون سن المشاهد أكبر من 21 عامًا. الحملة السياسية الموسعة ضدّ داعش هي سمة من سمات استراتيجية إدارة أوباما الناشئة ليصطف الشركاء العرب وغيرهم لمواجهة داعش على أرض الواقع وعلى شبكة الإنترنت. حيث استولت المجموعة على أراضٍ في سوريا والعراق وأصبحت نقطة جذب للجهاديين في جميع أنحاء العالم. الرئيس أوباما أشار إلى الخطوط العريضة لتلك السياسة المضادة في قمة حلف شمال الأطلسي الأسبوع الماضي في ويلز. وفي مقابلة بثت الأحد الماضي مع محطة إن بي سي، قال أوباما إن الوقت قد حانَ بالنسبة للولايات المتحدة لبدء مكافحة داعش، وإنّه يخطط للاجتماع مع المشرعين هذا الأسبوع قبل إلقاء كلمة يوم الأربعاء حول استراتيجية الولاياتالمتحدة في هذا الصدد. كما أنه من المقرّر أن يزور وزير الخارجية جون كيري الشرق الأوسط هذا الأسبوع لطلب المساعدة العربية السنية لدعم الحكومة العراقية الشيعية الجديدة في محاربة المتشددين السنة، والتقى كيري ووزير الدفاع تشاك هاجل مع مسؤولين من عدة دول من المرجح أن ينضموا إلى التحالف الجديد. وقالا في بيان مشترك: "ليس هناك وقت لنضيعه في بناء تحالف دولي واسع لتفكيك، وتدمير التهديد الذي تشكله داعش". وقال البيان إنّ الحملة توفر الدعم العسكري للعراق، وتعمل على وقف تدفق المقاتلين الأجانب القادمين للانضمام إلى صفوف داعش وملاحقة مصادر تمويل المنظمة، ونزع الشرعية عن أيديولوجية الجماعة. مات أولسن، مدير المركز القومي لمكافحة الإرهاب في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي في معهد بروكينغز قال: "إن داعش تدير أهم آلة دعاية عالمية أكثر من أي جماعة إسلامية متطرفة ... لا توجد مجموعة ناجحة وفعالة مثل داعش في استخدام الدعاية والإعلام الاجتماعي بشكل خاص". يذكر أن داعش تطلق الدولة بشكل روتيني مشاهد المجزار التي ترتكبها بهدف تخويف الخصوم وتعزيز سمعتها بأنها لا ترحم. ولكنها تسعى أيضا لجذب المجندين عن طريق تلك الصور. الفيديو الذي ظهر الأسبوع الماضي هو واحد من عدة فيديوهات على قناة وزارة الخارجية على موقع يوتيوب جديدة صدرت باللغة الإنجليزية وتستهدف الشبان المسلمين الغربيين الساخطين الذين أبهرهم الزخم الذي أحرزته داعش في ساحة المعركة. ويحمل رسالة بسيطة: هؤلاء الرجال يكذبون عليك، وإذا ذهبت إلى سوريا لمحاربة الظلم الغربي ستجد نفسك فقط في نهاية المطاف تقتل المسلمين الأبرياء. مركز الاتصالات الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية كان هو من أصدر الفيديو. وهو المركز الذي تم تاسيسه في عام 2011 لتحليل والرد على نشاط المتشددين على وسائل الإعلام الاجتماعية ويقدم معظم أعماله بلغات أخرى غير الإنجليزية. وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية أنه قد تم إنشاء قناة يوتيوب باللغة الانجليزية في يوليو تموز الماضي في إطار حملة موسعة على الإنترنت بعد سقوط مدينة الموصل العراقية. يُذكر أنّه تم نشر نفس الفيديو لأول مرة باللغة العربية في شهر يوليو الماضي، بنسبة مشاهدة بلغت 42.000 مشاهد. كما تم نشر الإصدار باللغة الإنجليزية أيضا في يوليو تموز. كجزء من حملة بعنوان "فكر مرة أخرى، اتجه بعيدًا"، وتغريدات تحت شعار "بعض الحقائق عن الإرهاب". وعلى النقيض من ذلك، فإن نسبة مشاهدة فيديو داعش الذي يظهر قتل الصحافي الأميركي جيمس فولي بلغت مئات الآلاف من المرات، إن لم يكن أكثر، على الرغم من المحاولات لإزالته من مواقع الفيديو السائدة. إيفان كولمان، كبير مسؤولي المعلومات في جلوبال بارتنرز، وهي شركة استشارية أمنية نيويورك التي تتعقب مواقع المتشددين على الإنترنت يقول: "المشكلة مع هذا الفيديو هي نفس المشكلة التي تبدو أنها تحدث مرارًا وتكرارًا مع هذا النوع من المبادرات، فالأمريكيون لا يبدو أن لديهم صورة واضحة حول الجمهور الذي يريدون الوصول إليه، أو كيفية التأثير عليه". وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية إنّ الولاياتالمتحدة تتفهم أن إغراء الرسالة الجهادية لداعش قويّ، وأنه تغذيه المظالم والتاريخ، وأنه لا يوجد خطوات أميركية سريعة على الإنترنت يمكنها أن تعالج ذلك بالكامل.