جردة حساب تركية أولية: - 100 الف لاجئ سوري. - 250 مليون دولار تكلفة إيواء اللاجئين السوريين. - عشرات القتلى والجرحى من الأتراك في كمائن لحزب العمال الكردستاني. - محاولة "المتمردين" الأكراد إثارة مخاوف أمنية في المدن التركية الرئيسية من خلال تفجيرات حدثت في الأسابيع الأخيرة. - العلاقة مع سوريا بدأت تأخذ منحاً عنيفاً من خلال اشتباكات متقطعة. - سقوط شعار "صفر مشاكل" بين تركيا وجيرانها. - غموض يلف نوايا موقف "الناتو" من دور تركيا، وعدم وضوح الموقف الأمريكي يثير شكوكاً يدفع أنقرة باتجاه ازمة كفيلة بإغراق الشرق الأوسط في مشاكل لن تنتهي في المدى المنظور. جردة حساب سريعة، هل تبعد حزب العدالة والتمنية عن الحكم في الانتخابات المقبلة عام 2015؟. الجواب يتضح إذا ما أضيف الى جردة الحساب هذه الوقائع التالية: * أنّ تركيا متخوفة من تأثير ما يحدث في سوريا سياسياً واقتصادياً وحتى عسكرياً، وهذا أمر طبيعي للقرب الجغرافي بين تركيا وسوريا (طول الحدود بين البلدين نحو 800 كيلومتر). والعلاقة المميزة بين البلدين التي سبقت الأحداث في سوريا. * مثلما يشترك البلدان بالحدود يشتركان أيضاً في المشكلة الكردية الواقعة على أراضي الطرفين، لكنّ هذا الأمر بالنسبة لتركيا أكثر تعقيداً حتى قبل بداية الأحداث في سوريا، لأنّ الملف الكردي والتوصل لاتفاق يرضي الأكراد كثيراً ما انشغلت به أنقرة، وكان ذلك عائقاً أمامها في سياساتها الداخلية والخارجية. * للإيضاح في مسألة "صفر مشاكل" فإنّ الأزمة السورية ضربت هذه النظرية التركية المعروفة (من صنع وزير الخارجية أحمد داوود أغلو) بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، هذه النظرية التي ما دأبت أنقرة السعي لتطبيقها من أجل ضمان صعود ناجح للمشروع الاسلامي الذي تتبناه. ماذا تريد سوريا من تركيا؟! الخطر بالنسبة لتركيا ليس صعوبة الأزمة في سوريا فقط بل ما يؤكده المسؤولن الأتراك أنّ ثمة أطرافاً خارجية تحاول الزج بأنقرة في الازمة بحيث تكون طرفاً فيها وليس وسيطاً كما حولت أن تفعل منذ أذار العام الماضي. بعد أنّ صعّد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لهجته ضد النظام السوري منذ بداية الثورة، حرصت سوريا النظام أنّ تجبر أنقرة على الدخول في المأزق الذي تعيشه على قاعدة امتداد الحريق الى خارج الحدود كما لمح بشار الاسد أكثر من مرة، وذلك إنْ حدث من وجهة النظر السورية، يعزّز التحذيرات التي كان يطلقها -ولا يزال- المسؤولون السوريون أنّ ما يحدث في سوريا سيكون له تداعيات خطيرة على المنطقة برمتها وليس فقط ضمن حدود البلد. ويمكن أن نذكر بأحداث ومجريات حاولت سوريا من خلالها توريط تركيا: في آخر حزيران/ يونيو الماضي أسقطت المضادات الحربية السورية طائرة حربية تركية فوق البحر المتوسط.وبعد أيام من الحادثة أطلقت القوات السورية النار على طائرة حربية تركية ثانية. 3 تشرين الأول (أكتوبر) : المدفعية السورية تقصف قرية اكجاكالي التركية وتقتل 5 مدنيين أتراك بينهم أطفال ونساء، ورد الجيش التركي بإطلاق قذائف على وحدة للجيش السوري وقتلت العشرات من الجنود السوريين. ناهيك عن الإشتباكات التي تحدث بين الفينة والأخرى بين الجيشين التركي والسوري على الحدود بين البلدين. وآخر الأحداث إرغام السلطات التركية طائرة سورية قادمة من موسكو على الهبوط في مطار أنقرة لتفتيشها بناء على معلومات استخباراتية تؤكد وجود أسلحة على متنها، والأكيد أنّ هذا الأمر لم يزعج السلطات السورية بقدر ما أسعدها لأنّ ذلك يحقق مبتاغها في زج تركيا بالأزمة التي تعيشها. اسقاط المشروع التركي؟! لطالما تخوف الغرب ودول عربية رسمية من المشروع التركي المتصاعد في المنطقة، فالأتراك كانوا في فترة قريبة من الزمن عنصر قلق لإسرائيل نتيجة مواقف تركيا المؤيدة للفلسطينيين وضدّ حصار غزة، وللولايات المتحدةالامريكية (الأتراك مصممون على عدم نشر الدرع الصاورخي على أراضيها)، ولإيران (المشروع التركي مشروع منافس للمشروع الإيراني في المنطقة)، وللدول الأوربية (سعي تركيا المتواصل لتكون عضواً في الاتحاد الاوروبي). في سوريا يحين الوقت ل"استدراج" تركيا من أجل التخفيف من حدتها كمشروع قوي، ومن أجل اشغالها في كثير من المشاكل (منبعها الازمة السورية)، وبالتالي من شأن هذا الأمر أن يزيل قلق جميع الأطراف من تصاعد "العثمانيين الجدد". ملامح "الاستدراج" وإشغال تركيا فيما يتعلق بالأحداث في سوريا تكمن في التالي: أولاً: عدم سعي الغرب في إيجاد حلّ للأزمة السورية، لما يعزز ذلك الاستقرار نسبياً، وبالتالي يتلاشى تدريجياً قلق الأتراك من الأحداث في سوريا، وهذا ما لا يريده الغرب. ثانياً: يقدر المسؤولون الأتراك عدد اللاجئين السورين الذين نزحوا إلى تركيا بسبب الأحداث في سوريا نحو 100 الف لاجئي سوري، وهذا يشكل عبئاً انسانياً اضافياً على تركيا أُستدرجت من خلاله لتحمله بفعل الأحداث في المناطق المنكوبة داخل سوريا. هناك من يعتقد – ثالثاً- أنّ الدول الغربية بما فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية تسعى جاهدة لتوتير علاقات تركيا مع الدول المجاورة والكبرى خاصة (ايران، روسيا)، وهو بالفعل ما يحدث الآن حيث يقرأ المتابعون بوادر أزمة بين تركيا وروسيا وبين تركيا وايران. وهنا لا بد أن نذكر فيما ذهب إليه البعض أنّ تركيا وقعت ضحية معلومات استخباراتية كاذبة حين أوقفت الطائرة السورية القادمة من روسيا، لا بل تتحدث الصحافة التركية أنّ مصدر المعلومات كان الاستخبارات الأمريكية وحلف الشمال الاطلسي، وحاولت أن توقع الاستخبارات التركية في "فخ"، لاسميا بعد التشكيك في حديث تركيا عن وجود أسلحة على متن الطائرة. خلاصة القول: التقديرات الأكثر تداولاً تقول إنّ حل الازمة السورية ليس بيد أحد انما في الشارع، وفق موازين القوى بين النظام وخصومه. والتقديرات الاكثر تداولا ايضا ان الازمة سوف يُمدد لها أمريكيّاً وغربيّاً لحين الانتخابات التشريعية التركية عام 2015. فهل يسقط العدالة والتنمية ويبقى حزب البعث ام يسقطا معا؟. أو يبقيا… على حافة الهاوية؟!.