تصاعدت حدة المواجهة بين الرئيس السابق علي عبدالله صالح والانتقالي عبدربه منصور هادي بصورة غير مسبوقة بعد القرارات التي اتخذها مجلس الأمن الدولي مؤخراً بحق صالح. وصعّد جناح صالح، الذي يرأس حزب المؤتمر الشعبي العام، من هجومه على هادي، الذي يشغل موقعي نائب رئيس الحزب وأمينه العام، قبل أن يقوم صالح بإزاحته مؤخراً من الموقعين بقرار تنظيمي وصفته قيادات في الحزب بأنه غير شرعي، وأدى إلى بداية انشقاق، وتخبط سياسي وإعلامي داخل جناح صالح في الحزب . واتهم هذا الجناح من خلال الموقع الاخباري الإلكتروني للحزب الرئيس هادي بمساعدة جماعة الحوثيين في إسقاط صنعاءوعمران. ونشر الموقع تصريحاً لمصدر مسؤول في الحزب، وحُذف بعد ساعات من نشره، أشار فيه إلى أن الدلائل والتصريحات كلها توضح أن الحوثيين أسقطوا حاشد والخمري، ومحافظة عمران وبعدها محافظة صنعاء وأمانة العاصمة وبعض المحافظات بمساعده وتواطؤ من الرئيس هادي ووزير دفاعه السابق محمد ناصر الحسني. وعكس حذف التصريح حالة التخبط الإعلامي والموقف السياسي غير الحصيف لدى الكوادر السياسية والإعلامية في جناح صالح، وهي الحالة التي كرست حالة الشقاق بين تيارين في حزب المؤتمر، والذي امتد إلى شقاق بين فروعه في المحافظات الجنوبية التي ينتمي إليها هادي وإعلان تلك الفروع موقفاً متشدداً طالب بإلغاء قرار تنحية هادي. * صفقات هادي المرعبة بالمقابل وصفت مصادر سياسية توجيهات الرئيس هادي لقيادة الجيش بضرورة الشراكة مع مسلحي جماعة الحوثي هي رسالة واضحة لطمأنة الحوثيين بأن هادي سيعمل على تمكينهم من مشاركته من السيطرة والحكم في اليمن. وقالت صحيفة «المدينة» السعودية نقلاً عن مصدر حكومي إن «ما يسمى باللجان الثورية التابعة لجماعة الحوثي في وزارة المالية -ضمن وجودها في الوزارات والمؤسسات الحكومية منذ سقوط العاصمة بيد الجماعة في ال21 سبتمبر الماضي- أوقفت صرف مخصصات الرواتب التي كان يصرفها الرئيس هادي لما يسمى باللجان الشعبية في محافظة أبين». وأضافت المصادر إن هناك مساومات وصفقات تجري في الغرف المغلقة بين الرئيس هادي وجماعة الحوثي لأجل تمكين مسلحي جماعة الحوثي من السيطرة على حقول النفط والغاز بمحافظة مأرب مقابل إطلاق رواتب اللجان الشعبية بمحافظة أبين، والمقدرة ب50 مليون ريال شهريا. فيما يعتبر مراقبون تصريحات الرئيس هادي بالشراكة مع جماعة الحوثيين تأتي لطمأنة الأخيرة بأنه سيوجه قيادة الجيش بالتعاون مع مسلحي جماعة الحوثي في إسقاط حقول النفط والغاز بمحافظة مأرب، كما أنها تأتي مخيبة لآمال أبناء محافظة مأرب الذين كانوا قد طالبوا الأسبوع الماضي من الرئيس هادي والقيادات العسكرية بتحمّل مسؤوليتها في حماية المنشآت والمصالح الاقتصادية للشعب، مهددين بتفجير هذه المنشآت في حال دخل مسلحو جماعة الحوثي المحافظة. * تجميد أرصدة حزب صالح ووفق مراقبين، فإن الصراع الدائر اليوم، والذي بدأ مؤخراً يظهر إلى العلن، يعود في الأساس إلى ضخامة أرصدة المؤتمر الشعبي العام في البنوك، والصراع على إدارة زمام الحزب. وكُشفت وثيقتان مؤخراً وجههما هادي وصالح إلى أحد المصارف الأهلية في صنعاء عن هذا الصراع، حيث أوصت الأولى باعتماد توقيع الرئيس هادي فقط في أي من العمليات المصرفية، فيما أوصت وثيقة وجهها صالح إلى المصرف ذاته، باعتماد توقيع "عارف الزوكا" الذي اختاره أنصار "صالح" في الحزب، أميناً عاماً بدلاً عن هادي. وطالبت الوثيقة التي وجهها هادي إلى مصرف "اليمن والكويت" يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، ب «عدم الصرف والتحويل من حساباتنا لديكم أو اجراء أي تعديل أو إضافة توقيعات، إلا بموافقة خطية من قبلنا»، محملاً البنك مسؤولية مخالفة توجيهه. صالح هو الآخر، طالب إدارة البنك ب «اعتماد توقيع عارف الزوكا كتوقيع أول للسحب من حسابات المؤتمر الشعبي العام بدلاً عن الأمين العام السابق» في إشارة إلى الرئيس هادي الذي أزاحته اللجنة الدائمة للحزب في اجتماعها يوم 8 من الشهر الجاري من منصبه وعينت الزوكا بدلاً له. ويشكو جناح صالح داخل الحزب المؤتمر الشعبي العام من أن هادي جمّد مبالغ مالية كانت في حسابات الحزب، وبرزت هذه الشكوى بشكل ملحوظ بُعيد قرار العقوبات الذي أقره مجلس الأمن على صالح، قضى بمنعه من السفر وتجميد أمواله. وقرر مجلس الأمن الدولي مؤخرا فرض عقوبات على صالح واثنين من جماعة الحوثي؛ ل «تورطهم» في عرقلة العملية السياسية وإذكاء حالة عدم الاستقرار في اليمن. وأصدرت لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن، والمشكلة بالقرار رقم 2140 لعام 2014، بيانا يوم الجمعة الماضي، أكدت فيه أن موافقة أعضاء المجلس على تجميد أصول وحظر السفر على الرئيس اليمني السابق واثنين من جماعة الحوثيين. * تشظي المؤتمر ومن المؤكد، حسب محللين، أن الصراع داخل المؤتمر قد يتسبب في تقسيم الحزب وتشظيه، لاسيما وأن الرئيس هادي، يستطيع استمالة بعض القيادات الحزبية إلى صفه، ما قد يؤدي إلى خروج الكثير من أنصار المؤتمر وتحولهم الى طرف ثالث. ويوم الخميس الماضي، اجتمعت فروع المؤتمر الشعبي العام في المحافظاتاليمنية الجنوبية على خلفية القرارات الأخيرة التي اتخذتها اللجنة العامة في الحزب بقيادة صالح، والتي شملت إقالة الرئيس هادي من منصبه القيادي في حزب المؤتمر. وتحدثت بعض المصادر حول توقعات بأن يتم إشهار المؤتمر الشعبي العام الجنوبي، في حال لم يتراجع المؤتمر عن قرار فصل الرئيس هادي، ولوّحت بما يمكن تسميته ب «فك الارتباط» عن المؤتمر الشعبي في الشمال وإعلان قيادة جديدة للمؤتمر الشعبي العام الجنوبي رداً على ما وصفوها ب «الممارسات العنصرية والانتقامية» والخطوات غير المدروسة التي أقدم عليها صالح، الذي حول حزب المؤتمر إلى حزب أسري قبلي مناطقي"، على حد تعبيرهم. واعتاد صالح خلال الأعوام التي تلت تسليمه للسلطة، على الظهور الإعلامي منتقداً أداء الرئيس والحكومة، وهو ما جعل الرئيس هادي يُشير إليه في أكثر من خطاب بأنه يقف وراء عرقلة سير العملية السياسية من خلال تأليب أنصاره على السلطة الانتقالية القائمة في البلاد. ويمكن القول إن الحزب الذي حكم اليمن منذ تأسيسه في 24 أغسطس/آب 1982 م إلى أن أطاحت به ثورة شعبية في 2011م، يواجه اليوم مصيراً مجهولاً في ظل الصراع الدائر بين قطبي الحزب، هادي وصالح، للسيطرة عليه. * هادي يشتري ولاءات أعضاء المؤتمر الكاتب والمحلل السياسي اليمني عبدالناصر المودع قال: «إن المؤتمر الشعبي مهدد بالتشظي، فهادي يسعى للسيطرة عليه ليوسع من سلطاته، وصالح يحاول التمسك به للمحافظة على سلطاته واستخدامه كرافعة لاستعادة السلطة عبر ابنه أحمد». وأضاف المودع في تصريحات ل «الأناضول» إنه «من المحتمل أن يستخدم هادي موقعه لشراء ولاءات اعضاء الحزب وسحبهم من تأييد صالح، وقد ينجح في ذلك جزئيا خاصة في بعض المناطق الجنوبية». ومضى قائلا: «إنه لكن يبقى وضع هادي في الشمال ضعيف لأنه غير قادر ان يقدم لأعضاء المؤتمر الشماليين من الاغراءات ما يجعلهم يحولون ولاءهم لصالحه». وبحسب المودع، فإنه يتم وضع الصراع تحت وضع سياسي يهيمن عليه الحوثيون والذي يبدو انهم سيستثمروه لصالح تقوية مركزهم، حيث يتوقع ألا يظهر الحوثيون انحيازا واضحا لأي طرف في هذا الصراع، والذي سيستخدمونه لابتزاز هادي وصالح في نفس الوقت. وقال: «إن موقف الحوثيين سيكون مهما في ترجيح كفة الصراع بين هادي وصالح، وهو ما يجعلهم يستثمرونه دون أن يحسموه، على الأقل في المستقبل المنظور». وأضاف إن «هناك شيئا آخر، إذْ قد يُقدم هادي على تشكيل حزب بديل، أو حتى شق الحزب، إلا ان هذه الخطوة لن تودي إلا إلى ظهور حزب مؤتمر بملامح جنوبية». * خلافات صحية من جهته، قلّل حسين حازب القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام وعضو لجنته العامة، من خطورة الخلافات داخل أروقة حزبه، واصفاً تلك الخلافات ب «الصحيّة». وقال: «إن المؤتمر بدأ يستعيد عافيته، ويسير في الطريق ليصبح حزباً سياسياً بالمعنى الصحيح». وقال حازب ل «الأناضول»: «إن حزب المؤتمر تعرض للتهميش خلال السنين الماضية، وتم تجاوز النظام الداخلي واللوائح التنظيمية، لكن الخلافات الأخيرة جعلت الجميع يحتكمون إلى لوائح الحزب ويحترمون تكويناته، وباتت اللجنة العامة هي مصدر القرارات في الحزب». وأضاف: «تواصلنا مع الأخوة في الجنوب واتفقنا على أن نحتكم سوياً إلى النظام الداخلي للحزب، وتفهموا هذا الأمر، إذْ لا يمكن أن يكون هناك فروع شطرية للحزب». وبخصوص الصراع على أموال الحزب، أشار حازب إلى أن هادي كان لا يصرف المبالغ في وقتها، إضافة إلى أنه استحوذ، أو جمّد، مبالغ كبيرة في حساب المؤتمر وملكية الحزب، بمعرفة الجميع. * صحة هادي في خطر في الغضون تتحدث مصادر عن تدهور مفاجئ في صحة الرئيس هادي، حيث ذكر مصدر في الحرس الرئاسي إن «رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي تعرض الى تدهور مفاجئ في صحته , ودخل في غيبوبة مفاجئة وتم نقله إلى مستشفى العرضي في العاصمة صنعاء». ونقلت صحيفة «الشارع» اليومية عن المصدر قوله إن «الرئيس هادي أصيب بغيبوبة جراء ارتفاع في ضغط الدم وتم اسعافه الى المستشفى وسط تمويه بين الحراس أن الشخص الذي تم اسعافه هو أحد أقارب الرئيس»، مشيرة إلى أنه تم اجراء الاسعافات للرئيس للهادي قبل أن يتحسن ويعود إلى مقر سكنه. ورغم ذلك فقد نفت مصادر في الرئاسة صحة ذلك وأكدت أن صحة الرئيس هادي جيدة ولا يعاني أية مشكلات صحية، وقد ظهر أثناء استقباله للأديبة أروى عثمان، وزيرة الثقافة في حكومة خالد بحاح التي أدت اليمين الدستورية ضمن ثلاثة وزراء تخلفوا عن أداء اليمين الدستورية قبل عشرة أيام نظراً لوجودها في الخارج. إلا أن الصحيفة ذاتها قالت إن «سبب إصابة الرئيس عبدربه منصور هادي بغيبوبة هو بسبب اطلاعه على تقرير سري من البنك المركزي اليمني , يكشف عن سحب مليار ونصف المليار دولا من الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة لليمن منذ بداية رئاسة هادي». وذكرت أن الاحتياطي النقدي لليمن تراجع حتة وصل 3 مليارات و 900 مليون دولار . وبحسب مصدر في رئاسة الجمهورية فإن التقرير طالب الرئيس هادي بوقف السحب من الاحتياطي النقدي للعملة الاجنبية , لان عملية السحب تجاوزن الخطوط الامنة و ان البلد تواجه وضعا صعبا بسبب السحب من الاحتياطي النقدي . وأشار المصدر إلى أن الرئيس هادي وعندما تلقى التقرير ( هذا كلام فاضي .. وتسأل عن الايرادات .. ولماذا لم يقدم البنك المركزي حلولا ومقترحات ومعالجات لتجاوز الأزمة . وأوضح المصدر أن الرئيس هادي أصيب بعد العاشرة من مساء امس الاول بعد اطلاعه على التقرير بارتفاع ضغط الدم ودخل في غيبوبة تم نقله الى مستشفى العرضي الواقع في وزارة الدفاع بالعاصمة صنعاء .. حيث خضع للعلاجات والفحوصات اللازمة , قبل ان تتحسن حالته ويعود الى منزله .