انقسام العائلة الحاكمة بعد وفاة ملك السعودية الحالي عبد الله بن عبد العزيز أمر متوقع، فهي أزمة تعاني منها المملكة داخليا وإقليميا. إنه كرسي الحكم الذي أحدث اضطرابات غير مسبوقة شهدتها المملكة في السنوات الأخيرة، ونزاعات بين الأشقاء حول أسبقية الوصول إلى العرش. السعودية هي الدولة المؤثرة، الراعية للحرمين الشريفين، وتنظر إلى نفسها باعتبارها قائدة للمسلمين السنة في أنحاء العالم، وهي أيضا لاعب رئيسي في محاولات السنة للتصدي للنفوذ الشيعي الإيراني في الشرق الأوسط. وفي ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تعصف بالشرق الأوسط، أصبح انتقال السلطة في العربية السعودية مسألة أكثر حساسية من ذي قبل، لكن من سيرث حكم المملكة في السنوات القادمة؟ قضية شائكة لم يجر تسويتها بعد. * استقرار المملكة وتعتبر شيخوخة النظام السعودي، وافتقاده العناصر الشابة القادرة على القيادة والتوجيه، من أخطر العناصر المؤثرة على الاستقرار في المملكة، والتي تواجه منذ سنوات معركة لن تنتصر فيها؛ وهي كبر سن حاكمها الحالي وموت متكرر أو عجز بحكم التقدم في السن لولاة عهدها. نظام الحكم في المملكة يشوبه الغموض، وما إذا كان سيستمر كما هو حتى بأزماته، أم ستتدخل المملكة في أزمة قد تكون الأول من نوعها في تاريخ آل سعود، وقد يطول أمدها بسبب الخلافات حول ماهية الملك القادم، خاصة مع غياب إطار قانوني أو دستوري لكيفية انتقال الحكم إلى الجيل الثاني من آل سعود. * أزمات صحية اعتاد الحكم داخل المملكة أن ينتقل بين أبناء الملك المؤسس، عبد العزيز بن سعود من أخ إلى أخيه، سواء كان من السديريين الذين حازوا على نفوذ أوسع وأهمية أكبر وسط أبناء بن سعود خلال العقود الماضية، أو من سواهم من زوجات أخريات، والفارق هنا أيضا أن أمر انتقال الحكم يرتبط أولا وأخيرا بالملك الحالي صاحب ال(91 عاما)، والذي يعاني أزمات صحية مزمنة. وقد أشار تقرير حديث لمجلة التايم الأمريكية أن النظام السعودي يعاني من الشيخوخة، كون معظم الورثة المباشرين للعرش يتوكؤون على العصي أو يجلسون في كراسي متحركة، في وقت تزداد فيه نسبة الشباب ممن هم فوق 18 سنة على 50% من عدد السكان. * تحديات كبيرة المراقبون يرون أن المملكة تواجه تحديات كبيرة بين كبار أمراء عائلة آل سعود، ولا يستبعد هؤلاء أن تشهد الرياض سلسلة من الجنازات واحتفالات التتويج، التي ربما تشتعل حال وفاة العاهل السعودي عبد الله عبد العزيز. وسيخلف ولي العهد الأمير سلمان الملك عبد الله، وهو حدث سيجعل الأمير مقرن (الذي يتولى حاليا منصب نائب ولي العهد) الوريث المقبل للعرش، وجميع هؤلاء الثلاثة هم أبناء مؤسس السعودية الملك عبد العزيز. الأمير مقرن، وهو في أواخر الستينيات من عمره، أصغر أبناء عبد العزيز، وبعض إخوة مقرن غير الأشقاء، من بينهم الأمير أحمد، وهو أخ شقيق للأمير سلمان، لا يزالون على قيد الحياة. * أبناء سعود الأمير أحمد وولي العهد سلمان هما شقيقان من بين من يطلق عليهم «أبناء السديريين السبعة»، وهو مسمى يطلق على سبعة من أبناء الملك عبد العزيز من زوجته حصة بنت أحمد السديري، وحتى وقت قريب، شكل أبناء السديريين أقوى تحالف بين أبناء سعود من الذكور. وتوفي اثنان من ولاة العهد (الأميران سلطان ونايف) في الفترة الأخيرة قبل أن يتوليا زمام الحكم، والملك عبد الله طاعن في السن وواهن، في حين أن ولي العهد سلمان (78 عاما) يعاني أيضا من مشاكل صحية. سلم الخلافة وقد عقد اجتماع لهيئة البيعة التي تضم أبناء وأحفاد عبد العزيز لتسوية المشاكل الخاصة بالخلافة، في مارس الماضي، وصادقت على تعيين الملك عبد الله للأمير مقرن في منصب نائب ولي العهد، بشرط ألا يكون هذا التعيين نهائيا. لكن جميع الأمراء الحاضرين في اجتماع هيئة البيعة صوتوا لصالح ترقية الأمير مقرن، وعلى الأرجح فإن الخلافات في وجهات النظر، ستظهر بشكل أقوى حينما يرتقي مقرن، وهو أصغر أبناء ابن سعود، أكثر في سلم الخلافة. ومن بين الأبناء الأربعة للملك عبد الله، هناك شخصيات عامة، والشخص الأوفر حظا للترقية سريعا هو الأمير متعب (في أوائل الستينيات من العمر)، والذي عين العام الماضي قائدا للحرس الوطني صاحب النفوذ ووزيرا في الحكومة في منصب أنشأ خصيصا له. ربما المنافس الذي يدور حوله الحديث أكثر هو وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، وهو المنصب الذي تولاه والده (ولي العهد نايف، أحد أبناء السديريين السبعة) لسنوات عديدة. ويتمتع الأمير محمد، الذي يحظى بسجل في تولي مناصب حكومية، بإعجاب مستقبليه في زيارات قام بها للولايات المتحدة وأماكن أخرى. وبحسب موقع «إيجالتيه إي ريكونسيلياسيو» البحثي الفرنسي المتخصص، فإن السعودية مهددة بحرب أهلية، عقب وفاة الملك. ونقل الموقع عن تقارير دبلوماسية غربية قولها «إن وفاة الملك عبد الله وتولي الأمير سلمان العرش يجعل الأوضاع في المملكة على المحك، لأن قوات الأمن والجيش لا تعترف بسلطة الأمير سلمان». * إسراف الأسرة الحاكمة هذا بخلاف الخلافات الموجودة داخل الأسرة المالكة، والتي ترفض تولي سلمان الحكم، فضلا عن المشاكل الأخرى المتعلقة بتزايد حالات الفقر في السعودية، وإسراف الأسرة الحاكمة في دعم حكومات لا تتمتع بالشعبية في المنطقة بمليارات الدولارات يعتقد أبناء الشعب السعودي أنهم أحق بها، فضلا عن تهميش القبائل التقليدية التي كان لها باع كبير بالحكم قبيل آل سعود، ثم ظهور رجال دين يتمتعون بشعبية جارفة ينتقدون الحكم السعودي. * عداء مع الديمقراطية الناشط السياسي حمزة الشاخوري، قال «إن النظام السعودي مهدد بالتفكك وسقوط الدولة بسبب نية النظام والاحتجاجات الشعبية"، لافتا إلى أن الأسرة الحاكمة في المملكة "فشلت في تجاوز خلافاتها الداخلية». الدكتور عادل عبد الله منسق المرصد للحقوق والحريات، أوضح أن المشكلة الرئيسية لدى غالبية الدول العربية، عداؤها الشديد مع الديمقراطية بالدرجة الأولى، وليس مع الحركات الإسلامية بشكل مباشر. وأشار إلى أن تخوف المملكة من رياح النفوذ الإيراني، الذي حقق مكاسب كبيرة خلال السنوات الماضية، بسيطرته على أربع عواصم عربية آخرها صنعاء، وفشل السلطة الحالية من مقاومة التشيع، جعل البعض لا يرغب في حكم آل سعود. وأضاف إن «الاضطرابات غير المسبوقة التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، جعلت من استقرار السعودية أمر مستحيل»، لافتا إلى أن شيخوخة الحكم في المملكة جعلته يفتقد للعناصر الشابة القادرة على القيادة المستقبلية.