لا أحد بوسعه التكهن، ما إذا كانت المحادثات التي يجريها مسؤولون أمريكيون مع وزير الداخلية السعودية، الأمير محمد بن نايف، هذه الأيام، ستنجح، في إجبار المملكة السعودية على استئناف ضخ الدعم السعودي لصنعاء، وإعادة المنح المالية للحكومة اليمنية. خلال الأيام الماضية التقى الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف خلال اللقاء الذي جمعهما أمس في البيت الأبيض بواشنطن، أكدا خلاله على دعم جهود الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية لإعادة الاستقرار لليمن واستكمال المرحلة الانتقالية. وقالت الناطقة باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، برناديت ميهان، في بيان أصدرته عقب اللقاء "إن الرئيس اوباما التقى في المكتب البيضاوي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية السعودي، وناقشا الشأن اليمني، وكيفية المُضي قُدُماً في دعم اليمن، خاصة عقب المشاورات الثنائية – رفيعة المستوى – التي عقدت في البيت الأبيض يوم الأربعاء الماضي، برئاسة مشتركة من قبل مساعد الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب ليزا موناكو وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف" . واستطردت الناطقة باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض قائلة" أكد الرئيس أوباما والأمير محمد بن نايف، على أهمية دعم الرئيس عبدربه منصور هادي ورئيس الوزراء خالد بحاح ومساندة جهود الحكومة اليمنية الشرعية الجديدة وهي بصدد العمل على تحقيق الاستقرار عبر تنفيذ آلية مبادرة مجلس التعاون الخليجي ومخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة الوطنية". . مبينة أن الجانبين شددا أيضا على أهمية الحفاظ على مستوى الشراكة القائمة في مواجهة التهديد المشترك الصادر عن تنظيم قاعدة جزيرة العرب. وأضافت " اللقاء ناقش الجهود المشتركة في مواجهة التهديدات الإرهابية، إضافة إلى التشاور حول القضايا الأمنية الإقليمية". وفي ذات الإطار أوضح المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إيرنست، في مؤتمر صحفي، أن الرئيس أوباما بحث مع وزير الداخلية السعودي الوضع في اليمن. وقال إيرنست " بحث أوباما مع وزير الداخلية السعودي الوضع في اليمن وسبل دعم جهود الرئيس عبد ربه منصور هادي لإعادة الاستقرار لليمن واستكمال المرحلة الانتقالية ". وتحدثت مصادر سياسية عليا في صنعاء، في تصريحات صحفية، عن اتصال هاتفي لأجرته نائب وزير الخارجية الأمريكية، بوزير الخارجية اليمني عبدالله الصايدي، أبلغته أن الأمير السعودي قادم إلى واشنطن، وأن البيت الأبيض سيناقش معه الأوضاع في اليمن، وسيطرح عليه ضرورة استئناف المملكة تقديم منحها المالية لدعم الحكومة في اليمن. وكانت السعودية قررت، مؤخراً، قطع معوناتها على جارها الفقير، اليمن، بسبب اجتياح جماعة الحوثي المسلحة للمدن اليمنية وتحكمها بمصادر القرار، واشترطت لاستئناف ضخ دعمها، انسحاب مسلحي الحوثي من المدن حتى يتسنّى لها أن تقدم الدعم إلى حكومة شرعية, واشار مصدر حكومي إلى "أن وزراء خارجية الخليج أبلغوا وزير الخارجية اليمني في اجتماع الدوحة، بإيقاف الدعم الخليجي بشكل عام حتى تعود الحياة لطبيعتها وينسحب مسلحو الحوثي من المحافظات والدوائر الحكومية التي يحتلونها ". ومنذ 21 سبتمبر الماضي , يسيطر الحوثيون على جميع مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء ويقومون بتقييد أعمالها، ومن أبرزها البنك المركزي اليمني، ومطار صنعاء الدولي، و وزارة المالية، إضافة الى موانئ الحديدة والصليف، غرب البلاد. وتعتمد اليمن كثيراً على الدعم الخليجي، والسعودي على وجه الدقة، وتموّل المملكة عدداً من المشاريع التنموية في اليمن بحوالي 700 مليون دولار أبرزها " مدينة الملك عبدالله الطبية " في العاصمة صنعاء بتكلفة 400 مليون دولار، ومشاريع في قطاعات الكهرباء والمدن السكنية لذوي الدخل المحدود والطرقات بقيمة 300 مليون دولار، كما أنها قدمت للحكومة اليمنية، منذ مطلع العام الجاري، مساعدات ب" مليار و400 مليون دولار، ووضعت " وديعة" في البنك المركزي اليمني بمليار دولار لحماية العملة النقدية المحلية من الانهيار. وكانت حكومة بحاح، أوفدت، الأحد الماضي، وزير خارجيتها " عبدالله الصايدي" الى الرياض لبحث إعادة الدعم السعودي لإنعاش الاقتصاد اليمني الذي يعيش في اسوأ مراحله. ووفقاً لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية، فقد قال وزير الخارجية السعودي، "سعود الفيصل"، لنظيره اليمني بأن " المملكة لن تتخلى عن اليمن". وكان المبعوث الخاص للأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور صالح بن عبدالعزيز القنيعير، أكد حرص دول مجلس التعاون على مواصلة تقديم الدعم السياسي والتنموي لليمن ومساندة الجهود الهادفة إلى اخراج اليمن من أزماته الراهنة وتعزيز قدرات الحكومة اليمنية. وجدد القنيعير، دعم دول مجلس التعاون للجهود التي تبذلها القيادة السياسية في اليمن للتسريع بتنفيذ ما تبقى من بنود المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الشامل واتفاق السلم والشراكة وملحقها الأمني. لكنّ دول الخليج تتخوف، من أن يذهب الدعم الذي تقدمه إلى يد الحوثيين، العدو رقم واحد لها، والذي تصنّفه الإمارات ضمن قائمة ال(83) للمنظمات الإرهابية، كما تعتبره السعودية ذراع إيران في المنطقة، وخنجر مغروز في خاصرتها الجنوبية. ويبدو أن انسحاب الحوثيين الشيعة من مؤسسات الدولة شرط بعيد المنال، عوضاً عن كون الحوثيين أصلاً يعتبرون الدعم الخليجي مجرد "أداة ابتزاز" ضد اليمن، وأن البلاد يفترض أن تتخلص من عقدة الدعم السعودي على وجه الدّقة. وبين حين وآخر، يدور حديث في الأوساط السياسية في اليمن حول عدم قدرة الحكومة على دفع مخصصات الباب الأول من الميزانية الذي يتمثل في باب (الرواتب والأجور) ويؤدي هذا إلى تأخير موعد تسليم رواتب الموظفين. ويعاني حوالى نصف سكان اليمن من الفقر، وهناك أزمة غذاء حقيقة في البلاد، إلى جانب النقص في المياه النظيفة، في بلد ما يزال يحتفظ بمرتبة متقدمة في قائمة الدول الأشد فقراً في المنطقة العربية. ومثّل انتشار المسلحين في صنعاء والغياب التام لمؤسسات الدولة، انتكاسة كبرى في قطاعي التعليم والصحة اللذين تكبدا خسائر فادحة جراء المواجهات المسلحة، كما أن الحركة التجارية تأثرت سلباً نتيجة اغلاق الطرق والانفلات الأمني الحاصل. ويبقى السؤال الأهم، هل تُفلح واشنطن في محاولاتها لإقناع الجانب الخليجي، وخاصة الرياض، في استئناف ضخ الأموال الخليجية إلى اليمن، باعتبار الأخير شريك أساسي في ما تسمّيه واشنطن "الحرب على الإرهاب".!؟.