قررت إيران تقديم 70 مليون دولار كدعم مالي ثابت لحركة الجهاد الإسلامي، وذلك بعد اتفاق الجانبين على إعادة العلاقة بينهما. وأفاد تقرير نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية نقلًا عن مصادر مقربة من حركة الجهاد، أن الزيارة التي قام بها وفد من الحركة إلى طهران، أواخر الشهر الماضي تمخَّضت عن احتضان إيران مجددًا للحركة، بعد أن فرضت طهران شروطها. وحسب المصادر، فإن أحد أهم القرارات التي اتخذها قاسم سليماني، قائد فيلق القدس وصادق عليها المكتبان السياسي والعسكري للحركة، بعد اجتماع بين الطرفين كان إعادة هيكلة سرايا القدس، الذراع العسكرية لحركة الجهاد، وتعيين خالد منصور، المقرب من طهران، قائدًا عامًّا للسرايا في قطاع غزة. كما أصدر سليماني توجيهاته باعتماد مبلغ 70 مليون دولار ميزانيةً سنوية، تُحول مباشرة إلى سرايا القدس من خزينة الحرس الثوري الإيراني، كما جاء في التقرير. وكان وفد الجهاد برئاسة أمينها العام، رمضان شلح، وعضوية مساعده زياد نخالة، وأكرم عجوري، المسؤول العسكري للحركة، قد عقدوا، اجتماعات علنية مع القيادة الإيرانية، ولقاءات غير معلنة مع قائد الحرس الثوري الإيراني، وقاسم سليماني، طُرح فيها ملف العلاقات بين الجانبين والدعم المالي والمواقف من المحاور وقضايا أخرى تبلورت من خلالها الرؤية الإيرانية للحركة لسنوات مقبلة، وفق الصحيفة. وجاءت الزيارة الأخيرة، وهي الأولى منذ أكثر من عامين، تتويجًا لجهود إنهاء القطيعة التي قادها حزب الله اللبناني، واتفق آنذاك على عودة العلاقات كما كانت، كما قالت المصادر. وكان الدعم الإيراني استؤنف قبل ثلاثة أشهر بشكل جزئي، وتمكنت الحركة من دفع راتبين لعناصرها بعد أشهر من الأزمة، وسيستأنف على نطاق أوسع في المرحلة المقبلة، حسب ما ذكرت الصحيفة اللندنية. وبحسب المصادر، فإن إيران كانت راضية جدًّا عن الاتفاق مع الجهاد، وسعيدة بتصريحات لرمضان شلح، كان قد أدلى بها من طهران، أكد فيها وقوف إيران إلى جانب الشعب الفلسطيني. وكان شلح قال من طهران، إن حركته تعتبر "الدفاع عن فلسطين بمثابة الدفاع عن الإسلام"، مضيفا: "إن التحولات في بعض الدول الإسلامية أتاحت الفرصة للكيان الإسرائيلي بأن يمارس ما يشاء من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني المظلوم، من دون أن يتعرض له أحد". وتابع، في إشارة إلى دعم إيران على حساب دول عربية: "الدول العربية لم ولن تدعم الانتفاضة الشعبية في فلسطين، وذلك لانتهاج مسؤوليها سياسات متضاربة خلال السنوات الأخيرة"، وأردف: "في ظل هذه الظروف نلاحظ أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي الدولة الوحيدة التي تساند الانتفاضة وعوائل الشهداء". المصادر اعتبرت هذا التصريح بمثابة تجديد بيعة الحركة لإيران، بالإضافة إلى رغبة القيادة الإيرانية في توجيه رسالة تأنيب لحركة حماس، بعدما رفضت عرضًا لوزير خارجية طهران، محمد جواد ظريف، في يناير/ كانون الثاني الماضي، باستئناف العلاقة معها، مقابل إعلان حماس دعمها لإيران في موقفها ضد الدول العربية، وفق الصحيفة. وكانت العلاقة بين إيران وحركة الجهاد قد شهدت على مدار العامين الماضيين فتورًا كبيرًا جرّاء التزام الحركة الفلسطينية الصمت حيال ما يحصل في المنطقة (سوريا واليمن)، واختيار مبدأ النأي بالنفس وعدم إعلان أي موقف داعم لطهران في الملفات المتورطة بها، وهو الأمر الذي أثار استياء المسؤولين الإيرانيين، الذين قرروا البحث عن بديل لهم على الساحة الفلسطينية. فكان تكوين حركة الصابرين في قطاع غزة، هذه الحركة التي تشكَّلت من مجموعة انشقت عن الجهاد، ومحاولة ترسيخ وجودها في الأراضي الفلسطينية، ولكن يبدو أن هذا المشروع لقي فشلا ذريعا، وقالت مصادر إن أطروحات إيرانية بدمج الحركتين، أو التعاون بينهما لم تلقَ آذانًا صاغية لدى حركة الجهاد الإسلامي.