البحسني يحمل العليمي مآلات الأوضاع في حضرموت ويتهمه بتعمد تجميد كافة القرارات المتعلقة بحضرموت ومخالفة الدستور    الشعيب وحالمين تطلقان حملة مجتمعية لتمويل طريق الشهيد الأنعمي    كواليس إسقاط المسودة البريطانية الأمريكية لتشديد العقوبات على اليمن    أمن العاصمة عدن يسقط أخطر الخلايا الحوثية المدربة بإشراف الإرهابي أمجد خالد    تنامي التحذيرات من محاولات الإخوان جر حضرموت إلى دائرة التوتر    حكومة بريك تسجل 140 مشاركًا في مؤتمر البرازيل بينما الموظفون بلا رواتب    مراكز بحثية: أي اعتداء على اليمن سيعيد الهجمات البحرية ويضرب أمن الطاقة الخليجي    البرتغال إلى نهائيات «المونديال» للمرة السابعة توالياً باكتساحها أرمينيا    دراسة جديدة تشجع الشباب على تعلم عدة لغات    ضبط شحنة أدوية مهربة في نقطة مصنع الحديد غرب العاصمة عدن    رئيس تنفيذية انتقالي لحج يطلع على جهود مكتب الزراعة والري بالمحافظة    بلا رونالدو.. البرتغال "مبهرة" تنتصر 9-1 وتصل للمونديال    رئيس لجنة المسابقات: لائحة جديدة ودوري بنظام الذهاب والإياب    وقفة شعبية في مديرية الوحدة تأكيداً للجهوزية في مواجهة الأعداء    الخارجية ترفض قرار تجديد العقوبات وتعتبره انعكاسا للأجندة الأميركية    فيروس جديد.. يفترس 9 حالات أولية في إثيوبيا    حضرموت.. حكم قضائي يمنح المعلمين زيادة في الحوافز ويحميهم من الفصل التعسفي    افتتاح معرض صور الآثار والمعالم التاريخية اليمنية في إب    العدو الإسرائيلي يسرق 17000 قطعة أثرية من متحف قصر الباشا في غزة    القربي: توافق الدول دائمة العضوية حول اليمن انتهى وهناك مخاوف من تصعيد قادم    بعثة المنتخب الوطني تصل الكويت لمواجهة بوتان    560 ألف دولار تعادل رواتب 11,200 موظف لوفد اليمن في البرازيل    نجوم الإرهاب في زمن الإعلام الرمادي    رئاسة مجلس الشورى تناقش المواضيع ذات الصلة بنشاط اللجان الدائمة    ولد علي يعلن قائمة المنتخب اليمني النهائية لتحدي آسيا وكأس العرب في نوفمبر الناري    مسير بالدراجات النارية لخريجي دورات التعبئة بمديرية ملحان    الجوف.. تسيير قافلة من البرتقال دعماً للمرابطين في الجبهات    وزارة الصحة تدّشن مخيمًا طبيًا للفحص المبكر عن السكري والأمراض الصدرية    "العسل المجنون" في تركيا..هل لديه القدرة فعلًا على إسقاط جيش كامل؟    مخيم مجاني لمرضى السكري من يوم غد يشمل توزيع ادوية    الدكتور بن حبتور يعزّي عبدالعزيز البكير في وفاة عمه    الوقت لا يسير لصالح الجنوب    رئيس النمسا المحترم وسفهاء سلطة اليمن في مؤتمر المناخ    الأرصاد لا يستبعد تشكّل الصقيع على أجزاء محدودة من المرتفعات    "وثيقة".. الرئاسي يعتمد قرارات الزبيدي ويوجه الحكومة بتنفيذها    الأمير الذي يقود بصمت... ويقاتل بعظمة    بدء صرف راتب أغسطس لموظفي التربية والتعليم بتعز عبر بنك الكريمي    تسجيل 22 وفاة و380 إصابة بالدفتيريا منذ بداية العام 2025    بينها 7 منتخبات عربية.. 30 متأهلا إلى كأس العالم 2026    أفاعي الجمهورية    مريم وفطوم.. تسيطران على الطريق البحري في عدن (صور)    سفيرٌ يمنيٌّ وطنه الحقيقي بطاقة حزبه.. تحويل السفارة من ممثل للدولة إلى مكتبٍ حزبي    شعب حضرموت بطلاً لتصفيات أندية الساحل وأهلي الغيل وصيفاً لبطولة البرنامج السعودي الثانية للكرة الطائرة    تصفيات كأس العالم 2026 - أوروبا: سويسرا تتأهل منطقيا    فراغ ، حياة وتجربة ناصرية    قراءة تحليلية لنص "في المرقص" ل"أحمد سيف حاشد"    أمن مأرب يحبط مخططاً حوثياً جديداً ويعرض غداً اعترافات لأفراد الخلية    في رحلة البحث عن المياه.. وفاة طفل غرقا في إب    تجربتي في ترجمة كتاب "فضاء لا يتسع لطائر" ل"أحمد سيف حاشد"    رئيس الوزراء بيدق في رقعة الشطرنج الأزمية    بوادر تمرد في حضرموت على قرار الرئاسي بإغلاق ميناء الشحر    انتشال أكبر سفينة غارقة في حوض ميناء الإصطياد السمكي بعدن    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    معهد أسترالي: بسبب الحرب على اليمن.. جيل كامل لا يستطيع القراءة والكتابة    المقالح: من يحكم باسم الله لا يولي الشعب أي اعتبار    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جناية العلمانيين
نشر في الخبر يوم 21 - 12 - 2012

لا أريد أن أدخل في تنظير أكاديمي عن العلمانية وتاريخها وتعريفها، فلسنا بهذا الصدد. لكن ما يلزمنا في هذه العجالة أن نعرف أن العلمانية كانت ضرورة في الغرب، إزاء الكنيسة ودين كنسي ورجال كهنوت ورجال دين وإكليروس أفسدوا الحياة الغربية في أوروبا، وآسيا الأوربية، أقصد بها روسيا، وجعلت الحياة جحيماً لا يطاق.
فقد حكمت الكنيسة وتحكمت وأحكمت حلقات الظلم على رقاب الناس وحاكمت العلماء وأحرقتهم بالنار، وما نجا غاليليو غاليلي من مصيره الجهنمي الدنيوي سنة 1600 وما بعدها بقليل إلا لسنه الكبيرة، لكنه فرض عليه الإقامة الجبرية في منزله حتى الموت، ولا مجال للدخول في التفاصيل، فكل ما جرى لكوبرنيكس أو غاليليو وغيرهم، إنما هو حقائق علمية كانوا روداها وأول مكتشفيها، سواء كان ذلك القول بكروية الأرض أو دورانها حول الشمس أو نفي أن الأرض مركز الكون، أو أي حقيقة علمية ناصعة من هذا القبيل.
قلت لا مجال للتفصيل فهذا الحديث يطول ويطول، ولكن باختصار ما سميت القرون الوسطى قرون الظلم والظلام إلا لأن الكنيسة كانت متسيدة فيها مسيطرة مهيمنة، وخنقت الخلق وضيقت سبل عيشهم وتفكيرهم، ومن اتهم بالسحر فالحرق مصيره المؤكد، وهذا أسهل اتهام وأقل داع كفيل بإلصاقه بأي أحد.
وتدخلت الكنيسة في القضاء، بل كان هو أداتها وذراعها في بسط هيمنتها وسيطرتها على الناس، وكان القضاة أفسد الخلق، وأفسدوا الحياة فوق فسادها.
وكم أزهقت من أرواح على أيدي هذا القضاء الفاسد، ولن نتحدث عن صكوك الغفران، ولا الامتيازات التي أعطاها هؤلاء لأنفسهم، ولن نتكلم عن تأله البابوات ولا كيف جعلوا الدين سلماً وتبعاً وخادماً للأمراء الفاسدين. ولا كيف جرى تحالف شيطاني بين مصدري القوة والسلطة والنفوذ: الدين والسياسة، كل هذا لا نريد الخوض فيه ولا الدخول في معمعته، فهو حديث يطول من ناحية والعائد منه قليل.
لكل هذا انتفضت أوروبا على تغول الكنيسة والسلطة السياسية وحق لها، وما كان لها أن تنهض إلا بكسر القيد الذي قيدت به الكنيسة أيديها وعقولها وغلَّتها عن الحركة!
لكن ما دهانا نحن في العالم الإسلامي حتى نعتقد أن «العلمانية هي الحل» كما يطرزون ويزخرفون تقليداً أعمى بلا روية ولا فكر رشيد؟
هل صادر الدين الإسلامي على العقل وحجر عليه أن ينظر أم أمره بذلك، واعتبر «التفكير فريضة إسلامية» كما قال العقاد في كتابه المعنون بهذا العنوان، وقال: «قل انظروا ماذا في السموات والأرض» وقال: «قل سيروا في الأرض فانظروا..» «أفلا ينظرون..» بل إن بعض أو جل علماء العقيدة لا يقبلون بالتقليد في العقيدة، بل لا بد من أن تقوم العقيدة على الدليل القائم بدوره على التفكر والتدبر والنظر.
فلماذا إذاً نعامل الإسلام كمعاملة المسيحيين أو النصارى الدين المسيحي؟ لماذا المساواة بينهما مع أن الفارق بينهما كما بين السماء والأرض؟ أقصد بالدين المسيحي الذي عبثت به يد البشر، لا الدين الحق الذي أنزل على عيسى عليه السلام.
إن ما يدور في العالم العربي والإسلامي إنما هو محض تقليد وتبعية إن أحسنا الظن، أو عمالة وتنفيذ مخطط إن أسأنا الظن، ويكفي هذا قدحاً في مواقف العلمانية والعلمانيين.
ويكفي العلمانية سوء ذكر وسوء طالع أن أول من ابتدعها في العالم الإسلامي، وفرضها على مجتمعه وشعبه بالحديد والنار والقسر والقهر والإجبار مصطفى كمال أتاتورك اليهودي الدونمي من يهود سالونيك باليونان!
ويكفي العلمانية سوءاً وشؤماً أنها في التطبيق العملي منذ ثلاثة أرباع قرن، ولم تقد مجتمعاتها إلا إلى مزيد من الفقر والدكتاتورية والخراب، ويكفيها نكداً وغماً أنها عمقت التبعية للغرب، فما غادرنا المستعمر الغربي إلا بعد أن اطمأن إلى أن تركته من العلمانية بأيد أمينة!
والعلمانية العربية بالمناسبة، إذ تجاوزنا أنها وصفة الغرب المفروضة علينا بالإجبار والعنت والقهر والنار، فهي محروسة بعين الاستعمار، لا يقبل عنها بديلاً مهما كلف الثمن أو غلت الأسعار!
أما رأيتم إلى تجربة الجزائر عندما نجح الإسلاميون في صناديق الانتخابات، وهي الوصفة السحرية لدين الديمقراطية التي يدين بها الغرب، ولا يرتضي عنها بديلاً، فإن هذا الغرب وفرنسا تحديداً هددت إن كنتم تذكرون بإعادة احتلال الجزائر، إذا استمر الأمر وتسلم المسلمون السلطة!
لقد جرى علمنة العالم العربي والإسلامي بصورة نتمنى معها أن لو طبقت في مجتمعاتنا علمانية الغرب على ما هي عليه من نقائص! فقد كان القذافي يستتيب من كان يطلق لحيته، وإلا فهو معرض للسجن وما هو أكثر وأكبر من السجن. وهل كان القذافي إلا علمانياً لا دينياً ملحداً يحارب الله ويتطاول على قرآنه؟ وهل كان بنعلي (هكذا) إلا علمانياً والحبيب من قبله، ولقد حدثني من عمل في قصر الحبيب أن مسبة الرب تعالى الله والإسلام والرسول كانت على لسانه كالترنيمة يترنم بها.
وهل كان هذان النعلان إلا علمانيين مغاليين في علمانيتهما وعمالتهما للغرب؟ وهل كان عبد الكريم قاسم الشيعي الشيوعي إلا علمانياً مغالياً كذلك؟ وهل كان حافظ الأسد وابنه الفشار إلا علمانيين مغاليين حاربا الإسلام بكل ما أوتيا من قوة، ومعهما الغرب العلماني وروسيا العلمانية؟ وهل كان مبارك إلا علمانياً كارهاً لدين الإسلام محاداً له محارباً بكل ما أوتي من إمكانات، والغرب كان ظهيراً له؟ ما لكم كيف تحكمون؟ وهل حكام الإمارات الآن إلا كذلك؟ وهل مجلاتهم إلا كذلك وقنوات كل دول النفط؟!
والآن تتوج العلمانية مكارمها أو مكارهها بما يحصل في بلدان «الربيع العربي» من انقلاب على الثورة أو ثورة مضادة للثورة وعلى الثورة. وهل تتسلح هذه القوى المعروفة المربط إلا بالكذب والإشاعة والبلطجة والعنف؟ لماذا ترفضون الاحتكام إلى الشعب وإلى الصناديق؟ وأنتم أصلاً ترفضون الاحتكام إلى شرع الله فما الحكم إذاً؟ هل أنتم الخصم والحكم؟ ومن أنتم وما أنتم لولا الدعم الغربي المطلق المفتوح لكم؟ هل لو سحب عنكم الغطاء يكون لكم وزن؟ ولماذا تستعينون بفلول مراكز القوى من زمن مبارك العميل؟ ألا يديركم في مصر خلية إدارة الأزمة المكونة من يهود إسرائليين وأمريكان؟
من يضخ لكم الأموال من دول الخليج التابعة لأمريكا وتبثون الإشاعات أن الإسلام وصفة أمريكية؟
وأسمع من إحدى المحطات التابعة للنظام السوري أن أمريكا تريد دولة دينية إسلامية في سوريا! وهي تخوف العالم وبعض القوى المحلية بمثل هذا الكلام.
إن جناية العلمانية والعلمانيين طيلة ثلاثة أرباع القرن تهون أمام محاولات إفساد «الربيع العربي» وتحويله إلى خريف متساقط الثمرات والأوراق منعدم النضرة والقدرة والخضرة، أقول هذا أخطر من ثلاثة أرباع القرن من الجناية على مجتمعنا.
هل كان العسكر الذين دمروا تركيا إلا علمانيين؟ وهل كان برويز مشرف الذي دمر باكستان إلا علمانياً؟ وهل كان رموز منظمة التحرير التي تعمل الآن على الإيقاع الإسرائيلي إلا علمانيين؟ وسلوا ياسر عبد ياسر والزمرة هل هم قوى دينية ظلامية، أم قوى علمانية تنويرية بزعمهم تتبع المحتل وتخدم المحتل؟
إذا استقر الوضع في مصر وكشفت الأوراق، سنكتشف حجم جناية هؤلاء على مصر طيلة العقود الفائتة.
دعوا الشعب ينعتق من ربقتكم، كفوا عن فرض هيمنتكم، كفوا عن تفردكم بالسلطة، كفوا عن المقولة القذرة نحن أو الطوفان، إما أن نديرها وإما أن ندمرها.
آن التحرر من أضراب بشار والبرادعي و»عمرو ليفني».. دعوا الشعب العربي ينهض ويصلح فسادكم، آن أن تنصرفوا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.