أصبح من الطبيعي أن نرى شعوباً تخرج عن صمتها وتخرج من بيوتها إلى الشارع والساحات للتعبير عن رفضها أو قبولها شيء ما إقتصادي أو سياسي أو ديني أو إجتماعي … ومن المهم أن نعرف أن كل تجمع خرج لنيل هدف ما لا بد أن يعود ولو بجزء من ذلك الهدف وإن قلّ وبهذا يحدث تغيير ولكنه تغيير في جوانب كثير ليست فقط التي خرج من أجلها ولكن منها أيضاً التي لم يحسب لها حساب أن تتغير تلك الأمور التي كانت متجذرة في أعماقه ومغيبة عن الظهور لسبب ما ( الأحلام ) وليس كلها ولكن التغيير الذي أقصده هو تغيير الفكر والتفكير في واقع الناس التي خرجت من أجل أهداف وتحقق لها جزء مما كان وأكثر … فأصبح الناس لهم طريقة في الإحتجاج على الأنظمة التي قمعتهم وتقمعهم وأيضا لهم طرق متغيرة في التفكير وكذلك طرق في التعبير عما يجول في خاطرهم من أفكار فتارة يعبرون عنها بالرسوم على الجدران وأخرى يكتبونها كلمات في قصائد غاية في الروعة والجمال وتارة يحللون مواقف وأحداث تخدم أهدافهم ومرة مسرحيات وأخرى حلقات نقاش ولقاءات حتى اللقاءات العائلية والشخصية … كلها تخدم وتعلم الأشخاص الذي يمرون بمثل هكذا تجارب ولعل المتأمل في الثورات العربية الربيعية نجد أن الدروس والعبر ما نستطيع أن نسميها ( مدارس في التغيير ) ولعل المتتبع لجوهر الثورات العربية أن كلها خرجت من ظلم أحاط بها وجور وقع على الشعوب المستضعفة والتي أصبحت هي مالكة لأمرها فهي الآن تستأذن ويلبى كل مطالبها ويسمعها من لا يسمع ليس هذا فحسب بل يقسم أمامها اليمين الدستوري ويخاف منها الحاكم إذا تجمعت وفكرت بتغيير شيء … وتتغير الاحداث من بلد إلى آخر حسب الظروف التي يخضع لها الشعب والتراكمات التي عاشها كل شعب فكل من الشعوب شق طريقة لينال مطالبه وإن إستفاد واحد من الآخر إلا أن السمة التي تمييز كل ثورة عن الأخرى تبقى واضحة لكل منا فثورة تونس فاتحة الثورات والمصرية قاهرة الطغاة والليبية عاصفة بالمتكبرين واليمنية الحكيمة اللينة والسورية الصعبة الصبورة ..كل منها لها ميزة جوهرية لا يمكن أن يجمعها إلا أنها ثورة وهدفها التغيير فكل منها مدرسة بكل ما تحمله الكلمة من معنى .. عاش الشعب العربي حراً أبياً والرحمة للشهداء والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين.