«2» ما لا يشبه المشكلة الصينية هو سياسية الحكومة اليمنية تجاه سكان الريف، ولا علم لي بمشاريع حكومية حقيقية تهدف إلى تشجيع أبناء الريف على البقاء في قراهم، والاستمرار في العمل الزراعي وتربية المواشي، وكل ما أعرفه أن هولندا تكفلت بدعم أبناء قرية “خِدَار وارتل" – جنوب العاصمة – من أجل الاستمرار في زراعة القرع “الدباء" وخذلتهم الحكومة في تسويق محاصيلهم محلياً وخارجياً، لذلك نجد منتجاتهم معروضة على امتداد مداخل العاصمة. وبنك التسليف التعاوني الزراعي “كاك بنك" أحياه وأماته الله على يد حافظ معياد، وفي المحيا والممات لم يقدم إلا أقل القليل للمزارعين، ثم ترك التسليف والتعاون الزراعي، ولم يعد للمزارع منه غير الاسم، حتى صادرات القطن التي وعد بها المقرضين الأوروبيين تبخرت في رأس معياد. الفلاح اليمني بحاجة قبل كل شيء إلى ثورة فلاحين وعمال، شبيهة بثورة مزارع القمح في روسيا، والتي كان العمال فيها هم نواة الثورة البلشفية، في عام 1917م. نحن بلد زراعي في المقام الأول، ومجتمعنا قائم على ريع المحاصيل، وأكثر من 60 % من سكان اليمن يسكنون الريف، ونزوحهم نحو المدينة يتزايد كل يوم، ويخيفني أن يأتي يوم ونحن جميعاً أبناء مدن، ولا أحد في ريفنا، جميعاً نقف أمام الفران بانتظار الخبز، ولا أحدٌ يمد الفران بالحبوب المحلية، ونتسابق كل يوم أمام بائع الخضروات والفواكه الخارجية، ولا أحد في ريفنا يمدنا بخضروات وفواكه يمنية، ذات الجودة العالية، والمذاق المتميز. الحكومة اليمنية أمام مسئولية تاريخية تجاه سكان الريف، وتشجيعهم على البقاء والاستمرار في الزراعة وتربية الحيوانات، وفي مقدمة ذلك توفير المياه لهؤلاء، وتسهيل حفر الآبار في المناطق الجافة والمتضررة، وتوزيع البذور المجانية، وتضييق الخناق على ملاك الحفارات الخاصة حتى لا يفرطون أكثر في استنزاف المياه الجوفية لصالح ملاك مزارع القات، وتوفير الخدمات الأساسية التي تشجع الريفي على البقاء في قريته، ومزرعته، وفي المقدمة: المدارس والطرقات والمستشفيات والكهرباء والمياه ووسائل المواصلات والاتصالات.