قال مصدر عسكري أميركي إن قوات بلاده التي أنهت وعلى نحو مفاجئ مشاركتها في مناورات الأسد المتأهب، ستغادر الأردن خلال ال48 ساعة المقبلة، على أن تبقي عددا من مقاتلات (اف 16) وصواريخ باتريوت في الأردن، بعد انتهاء المناورات وذلك بطلب من الحكومة الأردنية. وتزيد هذه التطورات من الغموض بشان سيناريوهات التدخل الدولي في سوريا المحتملة والتي كثرت بشأنها التكهنات بين تأكيد ونفي لها. وأعلن مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية الأسبوع الماضي ان الولاياتالمتحدة ستبقي مقاتلات اف 16 وصواريخ باتريوت في الاردن بعد انتهاء المناورات العسكرية. وكانت المقاتلات والصواريخ المضادة للصواريخ والبوارج ارسلت الى الاردن للمشاركة في مناورات "الاسد المتأهب"، وقرر المسؤولون الاميركيون ابقاءها في مكانها بناء على طلب الاردن الذي يخشى ان يمتد النزاع السوري الى اراضيه. وأعلنت الحكومة الأردنية أنها طلبت من واشنطن نشر بطاريات صواريخ (باتريوت) لحماية حدودها الشمالية مع سورية. وجاء علان ابقاء هذه الاسلحة في الاردن فيما تدرس الادارة الاميركية امكان تسليح المعارضة السورية. ويثير بقاء الاسلحة الأميركية في الأردن تخوفات دمشق من احتمال أن تكون الدول الغربية بصدد تطويق سوريا استعدادا لتنفيذ خطة للتدخل العسكري من أجل الإطاحة بنظام بشار الأسد كما تروج لذلك مصادر غربية وعربية مطلعة رغم النفي الرسمي الأميركي الاخير الذي جاء على لسان الرئيس باراك اوباما الذي ترشح بلاده بقوة لقيادة هذا التدخل. وكان السفير السوري في عمّان بهجت سليمان قد اثار غضب السلطات الأردنية عندما علق في الاسبوع الأول من يونيو/حزيران، على صفحته الشخصية على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك بسخرية على طلب عمان باستقبال طائرات أف 16 وصواريخ "باتريوت" على الأراضي الاردنية، مهددا بأن لدى بلاده ما يقدر على ردع هذه الصواريخ وقال سليمان إن بلاده تملك علاجا ناجعا لصواريخ "باتريوت" وهو صواريخ "إسكندر"، وذلك رداً على طلبت الأردن من الولاياتالمتحدة الأميركية نشر بطاريات صواريخ "باتريوت" على حدودها الشمالية مع سورية. وأضاف "إذا كان البعض يجهل فمن حقه أن يعرف، ومن واجبنا أن نعلمه بأنّ داء صواريخ ‘الباتريوت' له علاج ودواء ناجع جدا جدا، وهذا العلاج والدواء، هو صواريخ ‘الإسكندر' الموجودة والمتوافرة، بكثرة ووفرة في سورية". ويقول مراقبون إن دمشق لا تطمئن على الإطلاق لجميع التصريحات التي تفند احتمالات التدخل في الصراع السوري لدعم المعارضة التي تراهن عليها واشنطن ودول غربية وعربية عديدة للقضاء على نظام بشار الاسد، والتي فشلت فشلا ذريعا دون تدخل خارجي يشبه التدخل في ليبيا الذي انهى نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي. ومنذ أكثر من سنة تقريبا، يتجدد الحديث عن خطة غربية لتنفيذ السيناريو الليبي في سوريا، تبدأ بإعلان حظر جوي لتحييد "قيادات الأجهزة الاستخباراتية السورية الثلاثة، ومراكز الاتصالات العسكرية، ومخازن الذخيرة، ومنصات اطلاق صواريخ ارض-جو وارض-ارض، والرادارات، ومقرات الفرقة الرابعة، ومنازل كبار المسؤولين والضباط الموالين للنظام السوري"، على ان تتكفل القوة الدولية بالهجمات الجوية، بينما تتكفل قوات المعارضة بالقتال على الأرض. وتعتبر دمشق أن نشر أنظمة صواريخ "باتريوت" في اثنين من أهم دول الجوار "المعادي لها في هذا الصراع"، دليلا مؤكدا على وجود خطة غربية للتدخل ضدها عسكريا وإن هذه الخطة ما تزال تنتظر الظروف الموضوعية لتنفيذها، وإن واشنطن التي أضرت بها حرب العراق كثيرا في علاقتها بشعوب المنطقة بات متأكدة هذه المرة، من أن مطلب التدخل في سوريا صار مطلبا "شعبيا ورسميا" بما قد يعفيها من التبعات الأخلاقية لحربها المحتملة في سوريا لأنها قد تكون مكلفة جدا من الناحية الإنسانية. وسبقت تركيا الأردن في الاستفادة من منظومة الصواريخ الأميركية المضادة للصواريخ. وأرسلت الولاياتالمتحدة والمانيا في فبراير/شباط، عددا من صواريخ باتريوت القادرة على إسقاط الصواريخ المعادية في الجو إلى تركيا التي نشرتها في مناطق للدفاع عن اراضيها الواقعة في مدى الصواريخ السورية في أي حرب محتملة. وتشير تقارير استخباراتية غربية إلى أن سوريا تملك أكثر من ألف صاروخ يصل مداها إلى 700 كيلومتر يمكن أن تطال كامل الأردن ومناطق شاسعة من تركيا. وبالنسبة للقيادة السورية فإن مناورات "الأسد المتأهب" نسخة 2013 التي انتهت على نحو مفاجئ في الأردن ترسخ لديها اسباب أقوى للخوف من حرب محتملة عليها، أكثر من أي من أي شيء آخر وذلك رغم نفي الرئيس الاميركي باراك اوباما والمسؤولين الاردنيين لأي مخطط لديهم أو لدى الحلفاء لاستهداف النظام السوري وتغييره بالقوة، ورغم أن هذه المناورات جرات في منطقة بعيدة عن الحدود الأردنية السورية. والأربعاء، انتهت مناورات "الأسد المتأهب" في نسخة 2013 والتي جرت في المنطقة الجنوبية للأردن وذلك قبل موعد انتهائها المقرر بيومين. وشاركت في هذه المناورات التي كانت ستنتهي الجمعة، 19 دولة، بينها الأردن والولاياتالمتحدة ودول عربية وأجنبية أخرى. وجرت المناورات بمشاركة 15 ألف مشارك منهم 8 آلاف عسكري من كافة الرتب، و7 آلاف عنصر مدني من أجهزة أمنية ومنظمات غير حكومية. وأعلنت قيادة القوات المسلحة الأردنية أنه "جرى خلال المناورات، تمرين عسكري مشترك بين الجيشين الأردني والأميركي، باستخدام طائرات أف 16 إلى جانب مناورة بحرية، تحاكي مكافحة القرصنة البحرية". ووفقا لمصادر عسكرية مطلعة فقد تضمنت المناورات التدريب على اساليب متعددة للسيطرة وللحد من اثار استخدام السلاح الكيماوي على القطع العسكرية والمدنيين ومكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود. ويقول محللون إن هذه التمرينات العسكرية جرت على أوضاع حربية مفترضة شبيهة إلى حد كبير بالوضع السوري، الذي يخشى فيه من الإرهاب والاسلحة الكيميائية المزعومة التي ربما يكون نظام الأسد قد استخدمها بعد ضد خصوم الداخل، في انتظار ان تتهيا له الفرصة لاستخدامها في حرب أشمل واوسع في مداها الجغرافي. ويرى هؤلاء ان التصريحات السياسية مهما كان فحواها فإنها لا تعبر مثلما اثبتت التجربة في اكثر من مناسبة، على النوايا العسكرية الحقيقية لأصحابها، بل لعلها مواقف تقصد التضليل والإخفاء لهذه النوايا أكثر من أي هدف آخر، ولذلك فإن تردد أوباما مثلا بشان مهاجمة سوريا قد لا يعني الكثير اذا ما كانت المصلحة الاميركية ستستدعي إن عاجلا او آجلا الهجوم على سوريا للتخلص من نظام بشار. ورغم أن الرئيس الاميركي شكك في فرضية ان تؤدي اقامة منطقة حظر جوي إلى نتائج كبيرة وذلك في سياق تبريره لرفض التدخل في سوريا، فإنه رفض ايضا فكرة الا يكون للولايات المتحدة اي دور لتلعبه في هذا الخصوص. وقال أوباما إن بلاده "لديها مصالح جدية هناك (في سوريا) وليس فقط مصالح انسانية". واوضح "لا يمكننا السماح بوضع حيث تستمر الفوضى في بلد كبير يقع على حدود دولة مثل الاردن الواقعة ايضا على حدود اسرائيل".