طوى العراق أمس الخميس صفحة مؤلمة من تاريخه الحديث، حيث أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً تاريخياً يقضي بإخراجه من الفصل السابع لميثاق الأممالمتحدة الذي رزح تحت وطأته في إطار سلسلة من العقوبات بعد غزو نظام صدام حسين الكويت . وبحضور وزير خارجية العراق هوشيار زيباري، صوّت الأعضاء ال15 في المجلس على القرار رقم ،2107 والذي يقضي بأن يتم التعامل مع قضية المفقودين الكويتيين والأرشيف والممتلكات المفقودة وفق الفصل السادس من ميثاق الأممالمتحدة، الذي يدعو الدول إلى حل النزاعات بين الدول سلمياً، بدلاً من الفصل السابع . وجاء القرار إثر تقديم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، توصية إثر تسلمه مذكرة مشتركة من الكويت والعراق حول اتفاقية وقعها البلدان في هذا الشأن . وتضمن القرار الجديد دعوة الحكومة العراقية إلى مواصلة جهودها للتعامل مع الملفات العالقة مع الكويت، بينها تلك المتعلقة بالمفقودين الكويتيين والتعويضات . ويتيح الفصل السابع لمجلس الأمن اتخاذ إجراءات عقابية تتراوح بين العقوبات الاقتصادية والتدخل العسكري، في حال لم تستجب الدولة المقصودة لمطالب المجلس . ودخل العراق تحت طائلة الفصل السابع عام 1990 حين حرك النظام العراقي السابق قواته لغزو دولة الكويت، ما دفع مجلس الأمن إلى إصدار قرار باستخدام القوة لإخراج القوات العراقية في عملية عسكرية بمشاركة قوات تحالف دولي واسع بقيادة الولاياتالمتحدة عرفت بعاصفة الصحراء في 27 يناير/ كانون الثاني 1991 . وتعد خطوة المجلس دعماً سياسياً مهماً لبغداد التي تكافح من أجل استعادة مكانتها الدولية بعد عقد من الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة لإطاحة الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين وأكثر من عقد من الحصار والعقوبات الاقتصادية . وكان كي مون، أوصى بأن تقوم بعثة الأممالمتحدة في العراق بتحمل مسؤولية تسهيل عملية البحث عن المفقودين الكويتيين أو رفاتهم وأرشيف وممتلكات الكويت المفقودة . وقال زيباري في كلمة في جلسة مجلس الأمن "العراق أوفى بجميع القرارات المترتبة عليه فيما يخص الفصل السابع" . ووصف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خروج بلاده من طائلة الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة بالخطوة المهمة لاستعادة مكانة العراق الدولية . وقال في كلمة متلفزة وجهها إلى الشعب العراقي بعد وقت قصير من التصويت "العراق أصبح متحرراً من القيود التي فرضت عليه بسبب حماقات النظام الدكتاتوري السابق، وادعو دول المنطقة والعالم لمد يد الصداقة للعراق" . وجدد تأكيده أن العراق لا يمكن أن ينخرط في سياسة المحاور والاستقطابات، وتابع خروجنا من الفصل السابع وخروج القوات الاجنبية من بلدنا أكبر منجز تحقق حتى الآن . وأعربت دولة الكويت عن ارتياحها لقرار الأممالمتحدة، وذلك في تصريح أدلى به القائم بالأعمال بالإنابة في وفد دولة الكويت الدائم لدى الأممالمتحدة عبدالعزيز سعود الجارالله الذي أكد أن هذا القرار يعكس مستوى التطور في العلاقات الثنائية بين الكويت والعراق . وكان وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ألستير بيرت، قد رحب في، وقت سابق، بتبني المجلس للقرار 2107 حول العلاقات بين العراق والكويت، وقال بيرت: أنا سعيد لأن مجلس الأمن اعترف بالجهود التي يبذلها العراق لتحسين وتطبيع علاقاته مع الكويت، وهنّأ العراق على الجهود التي بذلها لتحقيق هذا الإنجاز، وشكر الكويت على الدعم الذي أظهره في هذا المجال . وأمل بيرت بأن يمثل هذا التطور "علامة فارقة في التحسن المستمر في العلاقات بين البلدين، ويُستخدم كمثال على التعاون لحل القضايا الصعبة وطويلة الأجل في المنطقة"