من معادلة إذا سقطت مصر سقطت الأمة وإن نهضت نهضت، إلى لا حرب بدون مصر ولا سلام بدون سوريا، استمر الألم لئيما، وقد سقطنا أكثر مرارا وليس مرة. ومنذ فرّطنا بالحرب لم ننهض قدر قيد أنملة، فلا مصر كسبت سلاما ولا نالت سوريا شرف المعركة، فالمعادلة استمرّت معكوسة طوال الوقت, والآن هي مقلوبة عقبا على رأس, وإلاّ ما معنى الاستماتة الجارية من أجل إعادة مصر لمربع السقوط السري ثانية من أول محاولة نهوض لم تسر خطوة بعد, ومعنى تجريد سوريا من مجرد بارودة من أول محاولة أيضا لاسترداد نفسها، وها هي مصر الآن تنزف نفسها من ضعفها وسوريا تئنّ تحت وطأة انتحارها بتبادلية تجريع السم. إلى متى نستمر من نمير لا نبلغ كعبا أو كلابا، ولم بدل علقمي واحد زمر وزرافات منه الآن، يقودون بالأمة علنا بلا موانع, ويقبضون الثمن رخيصا وترفيها أبخس، ويصافحهم بدل مغولي وتتري واحد كل من هو نتنياهو أو شيلوك أو حاخام؟ وما الذي يدفع بالأوطان من هاوية إلى أسحق منها ولا يكفّ سحقا بها وبمن عليها، وكيف يستوي ولو لأبله أن تموت بغداد كل يوم ومجددا بلا كلل وكأنه مطلوب من الموت نفسه أن يملّها، ولم العراق كله يصعق متنقلا به بين المفخخات ونسف الأحزمة بلا فرق بين سوق وحسينية ولا ينجده سوى الدم بالدم تبادليا أيضا؟ ثم كيف عاد إليه السعيد نوري لألف حلف بغداد نفذت كلها، وذات رجولة سقط ولم ينفذ مجرد واحد, وبدل ذاك النوري الآن أوباش الدنيا وكل الغجر. ماذا لنا، أو من نحن وبغداد لا تبكيها دمشق, ولا تعزّها القاهرة؟ ولما تنزف دمشق نفسها وتعزف عنها القاهرة, وتحيد عنها بغدادا؟ ولم حريق القاهرة يعود مجددا بأكثر وأكثر من ذات اللهب والجمر والشرر, وقد جفّت بردى لتطفيه, وما في دجلة والفرات غير الدمع على الدمع. ومن ذا الذي يستبدلها ثلاثتها بدوحة لا ماء فيها, ورياض قشباء، وثالثة ليست في أيّ قلب, جمرها ثلج وبلا أيّ جاه؟ أمّا بعد, فإنّ القصة ليست قصة أخوان وإنّما تكالب الخوان، ومعارك جامعة مؤتة تستأنف بلا اعتبار لمن زاروها، وأمس بدأ الفصل الصيفي بلا طلبة في جامعة معان، وباصات إربد عمان تتابع القتل لكثرة اشتياقها للكراجات, والطريق الصحراوي قطع ثانية رغم إيداع أربعة آلاف مطلوب بحملة أمنية واحدة, وجرش تشدوا فقرا وتعزف طربا بنانسي ونجوى وهيفا تذاكرهم بعشرين والكرزونة بثلاثة دنانير فقط جراء اعتقادنا الراسخ بربابة أبو صبحي كمان وشبابة أبو مرعي بيانو ومجوز حمودة ساكسيفون.