في مقال لها نشرته على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» أكدت داليا مجاهد -أول مستشارة مسلمة مصرية للرئيس الأمريكي باراك أوباما– أن الإعلامي المصري باسم يوسف كان له دور كبير في «نجاح» مظاهرات 30 يونيو؛ بسبب حجم الكراهية الشديدة التي أحدثها في نقوس المصريين تجاه الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان. وتابعت مجاهد قولها «.. لقد قام بدور أكثر من رائع في تصوير الإسلاميين داخل الحكومة وخارجها على أنهم ليس فقط مجموعة من البلهاء الملتحين، في طبقة متدينة بكل الأشكال، غير مؤهلين حتى لإدارة أبسط الأشياء فضلا عن إدارة دولة بعظمة جمهورية مصر العربية، غير متحضرين، مصدر للحرج في الخارج بسلوكهم الساذج، وإنجليزيتهم الركيكة». عمدت كثير من القوى والأحزاب والمؤسسات الكارهة للإخوان المسلمين، إلى توظيف وسائل الإعلام المختلفة، وعلى رأسها القنوات الفضائية المملوكة لبعض رجال الأعمال، لتزييف وعي المصريين، وتشويه متعمد لصورة الإخوان المسلمين، وإظهارهم بمظهر العاجز عن إدارة البلاد، وتصوير كل المشاكل والأزمات الحادثة في سنة حكمهم على أنها ثمرة حكمهم السيئ، مما أثار قطاعات من الشعب المصري على الإخوان ورئيسهم، ودفعها للمشاركة في مظاهرات 30/6 تعبيرا عن رفضها حكمهم. لقد استطاعت تلك الفضائيات عبر خطة إعلامية ممنهجة، شيطنة الإخوان المسلمين، وكأنهم هم من يقف وراء كل مصائب مصر ومشاكلها، كما استباحت تلك الفضائيات عرض الرئيس بطريقة مسفة وغير مسبوقة، وهي التي لم تكن من قبل تتجرأ على ذكر الرئيس السابق بكلمة سوء، مما أسقط مكانة الرئيس، وأهدر هيبته. من المسلم به أن الإخوان ورئيسهم، هم من جنس الشعب المصري، يجتهدون كغيرهم، يصيبون تارة، ويخطئون أخرى، ولم يمض على حكمهم إلا سنة واحدة، كانت محاطة بتحديات داخلية وخارجية كثيرة أربكت أداءهم، مع أن واقع الأمور يقول إن الرئيس مرسي لم يكن يتمتع بصلاحيات رئيس الجمهورية كاملة، وكان يستشعر أن جملة كبيرة من تلك الأزمات مفتعلة، يراد بها إرباكه، وإغراقه في دوامة المشاكل والأزمات التي لا تنتهي، لإظهار عجزه وفشله، لكن مجريات الأحداث بعد عملية الانقلاب أثبتت بجدارة أن تلك الأزمات لم تكن حقيقية، بل كانت مفتعلة ومضخمة، لإثارة الشعب المصري ضد حكم الإخوان. في تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» على موقعها بتاريخ (10/7) بعنوان: «التحسن المفاجئ للحياة في مصر يشير إلى حملة مدبرة لتقويض مرسي»، أوضح أن كثيرا من الأزمات والمشاكل الحياتية في سنة حكم الرئيس مرسي كانت مدبرة ومخطط لها، لكنها و»منذ الإطاحة العسكرية بالرئيس محمد مرسي، فإن الحياة تحسنت بطريقة أو بأخرى بالنسبة لكثير من الناس في جميع أنحاء مصر: طوابير الغاز اختفت وتوقف التيار الكهربائي عن الانقطاع والشرطة عادت إلى الشارع». يشير التقرير إلى أن الشرطة كانت ترفض التدخل لمنع حالات الاتجار غير القانوني في عهد الرئيس مرسي، مما نتج عنه ارتفاع الجريمة، وأضر بنوعية الحياة والاقتصاد، لكن منذ الإطاحة بالرئيس عادت دوريات الأمن للعمل، مضيفا أن «هذا الشلل المتعمد الذي أصاب الحياة في عهد حكومة مرسي أظهر أن جحافل من الموظفين الذي تُركوا في مواقعهم بعد الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في عام 2011، قد لعبت دورا هاما في تقويض نوعية الحياة عموما في ظل إدارة الرئيس مرسي». ثمة قوى وأحزاب وشخصيات (علمانية وليبرالية ويسارية وقومية) لها مواقف مسبقة من الإخوان، بما يمثلونه من توجه إسلامي شمولي، إذ تتحدد مواقف تلك الاتجاهات بالإنطلاق مما أسموه «بالإسلام السياسي» الذي يصورون فيه الإسلاميين على أنهم يوظفون الدين، ويتاجرون به من أجل الوصول إلى السلطة، لذا فإنهم يلحون على فكرتهم المركزية المتمثلة بضرورة فصل الدين عن الدولة، ويتخوفون من تولي الإسلاميين لمقاليد السلطة؛ لأنهم وفق تصوراتهم سيلجأون إلى إكراه الناس على الخضوع لأفكارهم ورؤاهم، متوسلين في ذلك بقوة الدولة وبطشها، ما يدفعهم إلى المسارعة في تشويه صورتهم، ليصار إلى إسقاطهم وإفشال تجربتهم. لئن كانت ثورة 25 يناير قد أسقطت رأس النظام، إلا أنها لم تستطع القضاء على أركان النظام وبنيته المركزية، وهو الذي بقي متماسكا في قوة الجيش والشرطة والقضاء والإعلام، وهي التي كانت تعمل ضد الرئيس مرسي، وتنفذ خططا لإفشال حكمه، وكان أكثرها مضاء وتأثيرا الإعلام الذي استطاع أن يجيش قطاعات واسعة من الشعب المصري، لتشارك الحشود المطالبة بإسقاط الرئيس يوم 30/6. بعد أن بات واضحا لدى غالبية الشعب المصري، أن خطة الانقلابيين ترمي إلى إعادة مصر لما كانت عليه أيام الرئيس المخلوع، فإنها سرعان ما اكتشفت حقيقة الأمر، ما دفعها إلى الخروج بالملايين للمطالبة بالشرعية، وإعادة الرئيس، والمحافظة على مكتسبات ثورة 25 يناير التي سرقها الانقلابيون، فلا رجوع بعدها إلى عهود الاسبتداد والقمع، بعد أن ذاقوا طعم الكرامة والحرية.