جاءتنا الأخبارُ الفاجعة أن الجيش المصريّ (الهُمام) قد أبدى شجاعة فائقة في قتل أربعٍ من حرائر المنصورة، وهنّ ينكرنَ على قائد الانقلاب الخسيس، عبد الفتاح السِّيس خيانتة للعهد بالغدر برئيس مصر الدكتور محمد مرسي الذي انتخبه الشعب انتخاباً حرّاً نزيهاً، ويطالبْنه بالعدول عن هذه النذالة التي لا تعرفها أخلاقُ الرجال الصادقين في أيِّ بلدٍ من بلدان العالم المتحضّر. وقد تساءلْنا بتعجُّبٍ : هل قتل الجيش المصري طوال هذا العصر هذا العدد من المجندات اليهوديات النجسات في مستعمرات أبناء صهيون التي بنوْها على أرضنا الطيّبة في غزة أو النقب أو القدس، أو وهنّ يشاركْن الجيش اليهودي في الاعتداء على أصقاع مصر، ويُلقين بالحمم المهلكة على أهلها في بورسعيد أو المَطَريّة أو الإسماعيلية أو بحر البقر ؟! وهل اعتبر عساكر هذا الجيش (الأشاوس) أن أرواح اليهود أو اليهوديات مقدّسة، وأرواح المسلمات الطاهرات نجسة على مذهب الماسونية العالمية التي تحرك مراكز القوى في بلادنا العربية في مسرح خيال الظل من وراء ستار، ولذلك أقدم بجرأةٍ (وشجاعة) على هذا العمل الدنيء الذي لا يدل على أدنى قدر من معاني الرجولة والشهامة التي هي ألزم ما تكون للجيوش الحرة في تعاملها حتى مع أعدى أعدائها بالنسبة لأخوات الرجال أو ربّات الحِجال ؟! أيقتل أيها (الأبطال المغاوير) الرجلُ الشريف أمّه أو أخته أو بنته، أو أية واحدة من هؤلاء من بنات دينه ووطنه وجنسه، بلا ذنبٍ جنته سوى أنها تقول لهذا العسكري الذي سدّد فُوّهة بندقيته إلى صدرها أو رأسها أو مُحيّاها : دافعْ عن حِمى دينك وحدود وطنك، وكنْ حرّاً، همّك الأول والأخير حماية شعبك وتراب أرضك من اليهود الأنجاس والأمريكان الملاعين الذين يريدونك أن تكون عصاً غليظةً بأيديهم تشدخ رؤوس مواطنيك الطيبين من النساء قبل الرجال ؟! هل قرأت أيها الجيش (المِقدام) وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه العظام لجيوشهم الغازية:لا تقتلوا طفلاً ولا امرأةً، ولا تقطعوا شجرة ولا تهدموا صومعةً، ولا تذبحوا شيخاً ولا بقرة. وهؤلاء هم في عِداد أعداء المسلمين الذين تتوجّه إليهم هذه الجيوش الفاتحة، فكيف إذا كان هؤلاء المُوصَى بهم من المسلمات العفيفات اللواتي هنّ عون لهذه الجيوش على تنفيذ مهماتها النبيلة، أم أنكم لستم من هذه الثقافة المسلمة في شيء، وأنكم غرباءُ عنها، فثقافتكم ثقافة الغرب والشرق الضالة ؟! هل طابت نفوسكم أيها (الأُباة)، يا (حُماة الديار) الذين انتصرتم على اليهود بعد أن حررتم سينا وفلسطين من احتلالهم المُذِلّ، أن تتشاجعوا وتسترجلوا على ربّات الخدور اللواتي يُنَشّأْنَ في الحلية، وهن في الخصام غير مبيناتٍ، فتريقوا دماءهنّ الطاهرة في شوارع مدينة المنصورة الباسلة التي ما عرف أهلها إلاّ قتال الأعداء، وطردهم من فوق ترابها الطهور في حروبها مع أعداء الإسلام الحنيف من الصليبين في العهد الغابر والمستعمرين في العصر الحاضر، فشوّهتم بذلك، وجهها الناضر بعد أن شوّه اللهُ وجوهكم الكالحة وأخلاقكم الواطية بهذه الفعلات الخاسية ؟! وإذا كان الله عز وجل يقول:(مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ، أو فَسادٍ في الأَرْضِ فَكأنَّما قَتَلَ النّاسَ جَمِيعاً)، ورسوله الكريم يقول : الجنة حرام على من هراق ملءَ مِحْجَمِ دمٍ بغير حقّ، ولو من غير مسلم، أو كما قال، فكيف إذا كان من مسلمٍ، بل من مسلمة توحّد الله وتدعو إليه وتلتزم بأمره من أخوات عائشة وفاطمة وخديجة، رضوان الله عليهنّ جميعاً ؟! فأين ستذهبون وقد أرقتم من الدماء الطاهرة لا قطراتٍ معدودةً، بل سيولاً دافقة، وقطّعتم أشلاءً من أجساد شريفة وأوصالٍ عفيفة ؟! أين تذهبون غداً من غضب الجبّار وهو يقول عنكم لملائكته:(وقِفُوهُمْ، إنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ) ؟! أيها القتلة المجرمون، ماذا ينفعكم عند الله غدا، وأنتم في هذه الدنيا تأتمرون بأوامر قوّادكم الخونة ركائبِ بني إسرائيل ؟! هل سيدافع عنكم اليهود والأمريكان أو هؤلاء القُوّاد الأذلاّء في يومٍ يفرّ فيه (المرءُ من أخيه، وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، وفصيلته التي تؤويه)، إذ (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ)، حِيال تلك النار التي ستتلقاكم غداً كأنها الوحش المفترس تتلمَّظُ لازدراد زبائنها، من أمثالكم، وهي تقول على الدوام:(هَلْ مِنْ مَزِيدٍ)؟! ماذا ستقولون غداً، وقد مَثُلَتْ أمامكم هؤلاء الحرائر الشريفات، وهنّ يطالبنكم بدمائهن الزكية ؟! أعندكم غداً ما تدفعونه من دية أو قِصاص إزاء هذا الحق الواضح ؟! أو هل لكم هناك من خُلّة وشفاعة في محضر،لا يَنْفَعُ فِيهِ مالٌ ولا بَنُونَ، إلاّ مَنْ أتى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ؟! نعم، ماذا ستقولون لهنّ، وهنّ يَصِحْنَ في وجوهكم الباسرة، ويقلْنَ : يا ربَّنا، خُذْ لنا بحقنا من هؤلاء الغَدَرَة المجرمين أتباع اليهود والأمريكان، وتلامذة كل فاسدٍ وفاسقٍ، أو ملحدٍ وجاحدٍ ؟! أيّها العساكرُ القَتَلَةُ والشَّبِّيحةُ الذَّبِّيحَةُ، أليس عيباً عليكم، أن تدنِّسوا وجهَ مدينة المنصورة الأبيّة بقتل بناتها الطيبات بدمٍ بارد، وهي المدينة التي أسرت على أرضها قائدَ الحملة الصليبية الأخيرة الفرنسي (لويس التاسع)، وزجَّتْه ذليلاً في دار ابن لقمان، يقوم عليه الطَّواشِي صبيح، وهزمت الغزاة الفرنسيين، كما جاء في قول الشاعر : قُلْ لِلْفَرَنْسِيسِ إذا جِئْتَهُ مَقالَ صِدْقٍ مِنْ قَؤُولٍ فَصِيحْ قَدْ ساقَكَ الحَيْنُ إلى أدْهَمٍ ضاقَ بِهِ عَنْ ناظِرَيْكَ الفَسِيحْ وكُلُّ أصْحابِكَ أوْدَعْتَهُمْ بِحُسْنِ تَدْبِيرِكَ بَطْنَ الضَّرِيحْ خَمْسُونَ ألْفاً لا يُرَى مِنْهُمُ إلاّ قَتِيلٌ أوْ أسِيرٌ جَرِيحْ فَقُلْ لَهُمْ إنْ أضْمَرُوا عَوْدَةً لأِخْذِ ثأرٍ أوْ لِقَصْدٍ صَحِيحْ دارُ ابْنِ لُقْمانَ على حالِها والْقَيْدُ باقٍ والطَّواشِي صَبِيحْ الله أكبر، يُذلُّ أجدادكم في هذه البلدة العظيمة الكفّار، باعتقالهم أو قتلهم، وأنتم – إن كنتم أحفاد أولئك الأجداد – تذلون أبناءها وبناتها الأطهار بالقتل والسحل!! أما أنتنّ، أخواتِنا المسلمات البطلات، بنات المنصورة العظيمة:الصيدلانية إسلام علي عبد الغني علي، والطالبة هالة محمد أبو شعيشع، وآمال متولّي فرحات بدر، وفريال إسماعيل جبر، فلكُنَّ اللهُ، وغداً أنتُنَّ في رِحاب جنانه العُلا مع الصديقات والشهيدات أخوات النبيين والمرسلين. وأمّا إخوانكنّ الرجال الدعاة إلى الله، فلن ينسوا ثأركم مهما تمادت الأحقاب والسنون، وسيقتصّون لكن بعون الله من قتلتكنّ الخبثاء قِصاصاً عادلاً (وَسَيَعْلَمُ الذينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)، وإلى رحمة الله وجنان الخلد أيتها الطيبات…