دعت ثلاثون منظمة غير حكومة دولية إلى تشكيل لجنة تقصٍّ للحقائق تشرف عليها الأممالمتحدة للوقوف على تداعيات الأحداث الجارية في مصر منذ عزل الرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو/تموز الحالي، والتي كان آخرها مقتل عشرات المصريين وجرح المئات فجر أمس السبت بالقرب من ميدان رابعة العدوية، وفق ما أصدرته تقارير وزارة الصحة الرسمية. ودعت المنظمات الثلاثون في رسائل عاجلة وجّهتها إلى المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة نافي بيلاي وإلى مقرري لجان حقوق الإنسان الأممية المختلفة، إلى ضرورة دفع المنظمة الأممية لتشكيل لجنة تحقيق مستقلة "تبحث في حالات القتل خارج نطاق القانون المتصاعدة منذ سيطرة المنظومة العسكرية على الحكم في مصر، وتعمل بالموازاة على محاسبة من يثبت تورطه بجرائم أيا كانت صفته أو موقعه". وأوضحت تلك المنظمات في بيان مشترك تلقت الجزيرة نت نسخة منه، أنّ طواقمها العاملة في الميادين المصرية المختلفة وثّقت "حالات متكررة من الاستخدام المُميت للقوة من قبل الجيش والشرطة ضد متظاهرين سلميين تضامنوا مع الرئيس المعزول". وأكدت أن تلك الحوادث تزامنت مع تغاضي الجيش عن أفراد آخرين بالزيّ المدني وجّهوا أسلحتهم البيضاء والنارية ضد المتظاهرين السلميين، في الوقت الذي وفرت فيه الأجهزة الأمنية الحماية التامة للمتظاهرين المؤيدين لخريطة الطريق التي أعلنها الجيش، الأمر الذي اعتبرته تلك المنظمات "تمييزا صارخا" بسبب الرأي والموقف السياسي، بشكل "يضرب مصداقية ونزاهة الأجهزة الأمنية المصرية". ووفقا للبيان ذاته فقد دعت المنظمات بيلاي إلى التواصل العاجل مع السلطات المصرية القائمة على إدارة البلاد، ومع القوات المسلحة، لمطالبتها بالقيام بالتزاماتها تجاه القانون الدولي وعلى رأسها حماية المتظاهرين السلميين وحقهم في التعبير عن الرأي والتجمع السلمي، ووقف التمييز ومنع التحريض عليهم في الشارع وعبر وسائل الإعلام، إلى جانب الإفراج الفوري عن المعتقلين على خلفيات سياسية وعلى رأسهم الرئيس المعزول ومستشاروه. ومن بين المنظمات التي أصدرت البيان الحقوق للجميع السويسرية، والمرصد الأورومتوسطي بجنيف، وأصدقاء الإنسان الدولية بفيينا، ومركز العدالة السويسري، وحرية وإنصاف بتونس، ومارش فور جستس الأميركية، ومفوضية الحقوق المدنية الأميركية، والإغاثة الإنسانية بتركيا، والخليج للحقوق والحريات، وهجرة الدولية لحقوق الإنسان بسويسرا. إصابات قاتلة وتعليقا على أحداث أمس، قالت الباحثة في منظمة هيومن رايتس ووتش، إيرين إيفيز إن المنظمة خلال وجودها بالمستشفى الميداني برابعة العدوية، لاحظت تركز الإصابات بالرصاص في الرأس والرقبة والصدر، وأشارت إلى أن وجود الإصابات في الجزء العلوي من الجسم تؤكد أن الاستهداف كان بنية القتل. وعبرت الباحثة في حديث للجزيرة عن قلقها من تزايد أعمال العنف، وطالبت السلطات وقوات الأمن بأن توقف إطلاق النار بالذخيرة الحية، ودعت إلى "رباطة الجأش وضبط النفس" في مصر. أما المنظمة العربية لحقوق الإنسان -ومركزها بريطانيا- فقد رأت أن وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي وأركان وزارته مع وزير الداخلية محمد إبراهيم وآخرين هم في نظرها أهداف لملاحقة جنائية دولية، "بعد ثبوت استعمال قوة مميتة وأسلحة محرمة ضد المتظاهرين"، وهو ما قالت المنظمة إنه "تنفيذ لخطة مبيّتة". وأشارت إلى أنها جمعت عددا كبيرا من التوكيلات والشهادات عن جرائم ارتكبت في أماكن وتواريخ متعددة. بدوره قال الخبير في القانون الدولي بطاهر بوجلال إن أحداث أمس "جريمة ضد الإنسانية"، وأكد للجزيرة رصد ستة انتهاكات لحقوق الإنسان في مصر تدخل ضمن تحريك شكاوى أمام محكمة الجنايات الدولية، مؤكدا أن الحكومة الحالية تتحمل المسؤولية كاملة. كما طالب بوجلال بتسيير لجان دولية لتقصي الحقائق إلى مصر، وقال إن الوضع في مصر أصبح غير محتمل مما يستدعي تشكيل تلك اللجان بشكل عاجل.