الحفاظ على وحدة الجيش المصري حاليا أمر هام واستراتيجي لضمان قيام دولة مصرية ديمقراطية مؤثرة إقليميا ودوليا، وبالتالي فالنضال السلمي ضد الانقلاب يفترض به الحرص على وحدة وكرامة الجيش المصري وإبعاده عن الاستقطاب السياسي، والتفريق بين قادة الانقلاب والجيش لأن كل المعطيات تقول أن حصول حرب أهلية وفوضى مرهون بتفكك الجيش وهناك جهات إقليمية ودولية تسعى لحصول ذلك وبالتالي من المهم استعراض الدول المؤثرة في القضية المصرية. 1- الدول الأوربية باستثناء فرنسا وبريطانيا وألمانيا : هذه الدول تريد مصر أن تخرج من عنق الزجاجة وحريصة أن تتعامل مع كل الأطراف من منطلق التقارب وليس من منطلق مع من الحق، وهذه المجموعة ليس لها استراتيجية لإضعاف أو تفتيت الجيش. 2- الولاياتالمتحدة ومعها فرنسا وبريطانيا وألمانيا والسعودية ، وهذه الدول تبني استراتيجيتها من منطلق الواقع فهي ترسل رسائل تشجع الانقلابيين تارة وتشجع المعارضين للانقلاب تارة أخرى، وهذا التماهي ربما سببه الرئيسي التنافس الانتخابي بين الجمهوريين والديمقراطيين والخوف من سيطرة الاسلاميين في المنطقة، وبالتالي لا تؤيد هذه المنظومة إنهاء حالة الإسلام السياسي لكنها مع إضعافه، وتبني هذه المنظومة استراتيجيتها اتجاه الجيش المصري وفق الأمن القومي لها فإذا ترى في بقائه قويا هذه المرحلة ستضغط باتجاه حلول لا تؤدي الى انهيار الجيش المصري، أما لو رأت الفرصة مناسبة لتقوية الإسلام الشيعي على حساب الإسلام الإخواني فسيكون هناك توجه لإدخال مؤسستي الجيش والإخوان في مواجهات لإضعافهما ومن ثم تكرار تجربة العراق في استدعاء الطائفية وتسليم بعض ملفات الحكم لشخصيات وجماعات لها علاقة بإيران. 3- إسرائيل: إسرائيل لا تريد عودة الحكم للإخوان وتريد سيطرة قيادات عسكرية ومدنية على الحكم ذات علاقة حميمة بها، وبالتالي فان سيناء والجهاديين سيقدمون خدمات مجانية لفرض تلك الشخصيات. 4- روسياوايرانوالإمارات: روسيا تتنافس مع الولاياتالمتحدة لتوسيع نفوذها في المنطقة بالتالي يتم الاستفادة من ايران في ادارة ملفات عربية من خلال استغلال تعطيها للتوسع الطائفي، وبالتالي فإن أفضل فرصة لحصول هذه المصالح في مصر الآن في ظل حالة الفراغ، ويزيد من أهميتها لدى ايران الخسائر المتتالية لنظام بشار الأسد في سوريا، وحتى تتحقق هذه المصلحة بشكل أفضل ومشابه لما حصل في العراق ضرورة انهيار منظومة الجيش المصري من خلال صراع مسلح قد يبدأ من سيناء مع جماعات جهادية وينتهي بالصدام مع الاخوان من خلال تشجيع فض الاعتصامات بالقوة ، وقد تمكن هذا التيار من إيصال رجله الأهم محمد البرادعي إلى موقع قرار بعد الانقلاب. السعودية والإمارات: ستكون السعودية أقرب للتوجهات الأمريكية وقد ظهر جليا بعض المراجعات لموقفها المؤيد للانقلاب، في حين تتحرك الإمارات بشكل غير مباشر وفق توجهات روسيا وإيران ليس بسبب القرب من هذين النظامين بل لأنها تورطت تورطا فاضحا في الانقلاب والصدام المباشر مع الاخوان ولا افضل من الفوضى للهروب من المسئولية. تركيا وقطر : ستجتهد قطر وتركيا لإفشال الانقلاب مع عدم حصول صدام بين الجيش والإخوان. الصين والاتحاد الأفريقي: سيتعاملان وفق مصالح اقتصادية وسياسية ضيقة وسيتلائمان مع أي وضع دستوري مستقبلا. إذن السيناريوهات المستقبلية للأزمة المصرية ستكون متعددة، وستكون وفق عاملين هما الواقع الداخلي والتأثير الخارجي. السيناريو الأول: عودة الشرعية كاملة بعودة مرسي وهذا يعتمد على مدى استمرار قوة وضغط الشارع وسلميته من جهة وانضباط العسكر بعدم استخدام العنف والقوة وحماية الاعتصامات من جهة أخرى مع قدرة على السيطرة ومواجهة أي تحركات داخلية وخارجية لتفجير الوضع. السيناريو الثاني: خروج وفق حل سياسي يحفظ ماء وجه الجيش والإسلاميين، وهذا يعتمد على مدى تأثير الضغط الخارجي على الاخوان والجيش في وقت يفقد الجانبين لبعض عناصر القوة النوعية. السيناريو الثالث: ذهاب مصر إلى العنف والفوضى ، وهذا يعتمد على مقدار تورط الجيش في عنف مع الاعتصامات السلمية ومدى قدرة الجيش السيطرة على الوضع الأمني في حال تراجعه عن الانقلاب.