كأنّ قتل 1300 إنسان مباح ومسموح به شريطة أن يتم بأسلحة عادية وتقليدية، إذ إنّ العالم مشغول الآن فيما إذا استخدمت أسلحة كيماوية في قصفهم بالغوطة وليس بالذين ماتوا وجلّهم من الأطفال والنساء، كما أظهرت الصور المروعة التي نشرتها كل وسائل الإعلام في العالم. إلى جانب القتل بالجملة تتناقل الأخبار تقارير مؤسسات دولية حول وجود ثلاثة ملايين طفل سوري لاجئ باعتبار الأمر كارثة إنسانية، غير أنّ القتل نفسه لا يجد من يكترث له، فما البال باللاجئين إن كانوا أطفالا أو كبارا! يختلفون على من الذي يستخدم الأسلحة الكيماوية، وفيما إذا كانت قوات النظام أم المعارضة، وليس مهماً الضحايا، ففي الحالتين هم من السوريين، وها هو أوباما يعلن أنّه غير مفوّض دوليا بعد للتدخل العسكري، ويحسب الكلف قياسا على أفغانستان، في حين يقف بوتين سدا لمنع التدخل أصلا، وتحليل هذه المعادلة يفضي إلى انّهما متفقان ضمناً على استمرار الوضع إلى أطول فترة ممكنة، إذ بذهنهم استقطاب التنظيمات الإسلامية من شتى الجنسيات إلى سوريا ليتم تصفيتهم فيها، ومن جهة أخرى إنهاك سوريا وصولا بها إلى الخراب التام، ومن بعد تقسيمها بلا اعتراض من أيّ جهة، فتأخذ موسكو حصتها وما تبقّى لواشنطن والمصالح الغربية والإسرائيلية. الحالة العربية المتعافية تؤكد معادلة موسكو – واشنطن، وإلاّ ما معنى أن تقف الرياض إلى جانب الانقلابيين السيسيين بكل وزنها ضد الأخوان المسلمين في مصر، وبذات الوقت تقف إلى جانب الأخوان والمعارضة في سوريا، وكيف يتفق أن تكون قطر إلى جانب الأخوان والمعارضة في مصر وسوريا بخلاف عن السعودية، وتعبِّر محطتا العربية والجزيرة عن الأمر بوضوح، إذ تتفقان بشأن سوريا وتختلفان بخصوص مصر. أمّا موقف الأردن فإنّه الآخر متناقض كونه يقف ضد المعارضة في مصر ويظهر حيادا منها في سوريا. الدول العربية المتعافية لن تظلّ كذلك، فبعد الانتهاء من سوريا وتقسيمها وإعداد ملف جديد لمصر سيأتي الدور عليها، وآنذاك ربما نجد السعودية الكبيرة جغرافيا بأقل مساحة كسعودية.