فرنسا تجدد عمها لوحدة اليمن وسلامة أراضيه    شكاوى من مماطلة حوثية بتنفيذ حكم الإعدام بحق مدان قتل ثلاثة أطفال    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يلتقي ملاك وممثلي معامل الدباغة ومصانع الجلديات    نائب رئيس الأركان الإيراني:اليمن صنع لنفسه سمعة خالدة في التاريخ بوقوفه المشرف إلى جانب فلسطين    تقديراً لمواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية... الدكتور بن حبتور يتلقى برقية شكر من ممثل حماس    دائرة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة تنعي الصحفي عبدالقوي الأميري    نقابة الصحفيين اليمنيين تنعى الصحفي عبدالقوي الأميري    برشلونة يبتعد بقمة الليجا ب 46 نقطة بعد إسقاط فياريال بثنائية    توجيه رئاسي باتخاذ إجراءات قانونية ضد تجاوزات عدد من المسؤولين    كرامة تستباح ومقدسات تهان .. إلى متى؟!    اصابة 4 مهاجرين افارقة اليوم بنيران العدو السعودي في صعدة    حين يتكلم الشارع الجنوبي... لحظة الحسم السياسي واستعادة الدولة    اتحاد حضرموت يتصدر تجمع سيئون بعد تغلبه على 22 مايو في دوري الدرجة الثانية    وزارة المالية تعلن إطلاق تعزيزات مرتبات موظفي القطاعين المدني والعسكري    تدشين البطولة المفتوحة للرماية للسيدات والناشئات بصنعاء    محافظ الحديدة يفتتح 19 مشروع مياه في مركز المحافظة ب 81.2 مليون ريال    السقطري يترأس اجتماعًا موسعًا لقيادات وزارة الزراعة والثروة السمكية ويشيد بدور القوات الجنوبية في تأمين المنافذ ومكافحة التهريب والإرهاب    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يُعزي في وفاة التربوي القدير الأستاذ غازي عباس عبود    الكثيري يعقد اجتماعا مع قيادات مكتبي المبعوث الأممي في كل من العاصمة الأردنية عمّان والعاصمة عدن    محافظ عدن يوقّع اتفاقية بناء الدور الرابع بكلية طب الأسنان – جامعة عدن    البنك المركزي يوقف التعامل مع منشأة صرافة ويعيد التعامل مع أخرى    الأرصاد: انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة وتوقعات بتشكل الصقيع    أنابيب آبار تتحول إلى "صواريخ" في الضالع.. ونقطة أمنية تحجز عشرات الشاحنات    إنتاج قياسي وتاريخي لحقل "بوهاي" النفطي الصيني في عام 2025    المهرة.. مقتل امرأة وطفلين في انفجار قنبلة يدوية داخل منزل    تقرير أممي: ثلث الأسر اليمنية تعيش حرمانًا غذائيًا حادًا    مع ضغط النزوح من حضرموت.. دعوات رسمية إلى سرعة الاستجابة لاحتياجات النازحين بمأرب    اللجنة الوطنية للمرأة بصنعاء تكرّم باحثات "سيرة الزهراء" وتُدين الإساءة الأمريكية للقرآن الكريم    هيئة مستشفى ذمار تدشن مخيما مجانيا لعلاج أمراض العمود الفقري الأربعاء المقبل    هالاند يحطم رقم كرستيانو رونالدو    اليوم انطلاق كأس أمم أفريقيا    الصحفي والقيادي الاعلامي الكبير الدكتور عبدالحفيظ النهاري    الصحفي والقيادي الاعلامي الكبير الدكتور عبدالحفيظ النهاري    شرطة أمانة العاصمة تعلن ضبط 5 متهمين آخرين في حادثة قتل رجل وزوجته بشارع خولان    بمقطع فيديو مسرب له ولشقيقاته.. عبدالكريم الشيباني ووزارة الاقتصاد والصناعة والاستثمار في ورطة..!    وفاة الصحفي الاميري بعد معاناة طويلة مع المرض    تحذيرات جوية من انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة    الحديدة: انطلاق مشروع المساعدات النقدية لأكثر من 60 ألف أسرة محتاجة    الجرح الذي يضيء    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    معلومات حول الجلطات في الشتاء وطرق الوقاية    عاجل: إعلان أمريكي مرتقب يضع الإخوان المسلمين على حافة التصنيف الإرهابي    ميرسك تعبر البحر الأحمر لأول مرة منذ عامين وتدرس عودة تدريجية    مهرجان ثقافي في الجزائر يبرز غنى الموسيقى الجنوبية    الموسيقى الحية تخفف توتر حديثي الولادة داخل العناية المركزة    "المحرّمي" يُعزِّي في وفاة السفير محمد عبدالرحمن العبادي    بالتزامن مع زيادة الضحايا.. مليشيا الحوثي تخفي لقاحات "داء الكلب" من مخازن الصحة بإب    الأوبئة تتفشى في غزة مع منع دخول الأدوية والشتاء القارس    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    انعقاد الاجتماع الفني لبطولة مديريات محافظة تعز - 2026 برعاية بنك الكريمي    المغرب يتوج بطلاً لكأس العرب بانتصاره المثير على منتخب الاردن    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    بين الاعتزاز والانسلاخ: نداءُ الهوية في زمن التيه    اتحاد كرة القدم يعلن استكمال تحضيراته لانطلاق دوري الدرجة الثانية    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    صباح المسيح الدجال:    بدعم سعودي.. مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا يقدم خدماته ل 7,815 شخصا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نفهم أخطاء الصحابة رضي الله عنهم؟


الحمد لله
رَوَت لنا الصِّحاح مواقفَ أخطأ فيها عدد من ساداتنا الصحابة رضى الله عنهم أجمعين، حتى إن بعضهم ارتكب أفعالاً تُعدُّ من الكبائر فأقام النبى صلى الله عليه وآله وسلم الحدود على من لم تكتنف معصيته شبهة تدرأ الحد عنه، ولم يُفرِّق فى ذلك بين الشريف والوضيع والغنى والفقير، بل أقام العدل على أساس المساواة فى المحاسبة وحفظ الحقوق حتى قال فيما رواه البخارى ومسلم: «أيها الناس، إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، واَيمُ الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدها»، وحاشاها عليها السلام.
ومع ذلك أمرنا بالأدب مع الصحابة وبالكفِّ عن التطاول على شريف مقامهم وما خُصُّوا به من عظيم المنزلة ومَزيَّة الصُّحبة فقال فى الحديث المتفق عليه: «لا تسبُّوا أصحابى، فوالذى نفسى بيده لو أنَّ أحدكم أنفق مثل أُحُدٍ ذهباً ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه».
فكيف نفهمُ صدور مثل هذه الأخطاء عن الصحابة الكرام الذين جالسوا رسول الله؟
وكيف نفهم الأمر بالأدب معهم على الرغم من ذلك؟
إن عظمة الصحابة التى جعلت منهم قدوة أنهم لم يكونوا معصومين عن الخطأ، بل كانوا يتلقون المنهج عن المعصوم ويطبقونه بذواتهم غير المعصومة.
وبهذا يكونون قدوة لنا فى التعامل مع الخطأ والمخطئ، ولو كانوا معصومين لافتقدنا هذه القدوة.
لقد علَّمهم النبى صلى الله عليه وآله وسلم كيف ننظر إلى من أخطأ، فلا نحتقره، ولا نطرده، ولا نُغلق أبواب الرحمة دونه، لأن الله تعالى أرسله بالرحمة، (ومَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ). وقد مدح النبى صلى الله عليه وآله وسلم المرأة التى ارتكبت فاحشة «الزنا» ومجَّدَ توبتها فقال فيما رواه مسلم فى صحيحه: «.. لقد تابت توبة لو قُسِّمتْ بين سبعين من أهل المدينة لوَسعتهم».
تأمَّل.. كيف نقَل النبى أصحابه من انتقاص المُخطئ إلى النظر فى توبته التى هى الجانب المشرق الذى أعقب خطأه بالرغم من بشاعة هذا الخطأ.
تأمَّل.. كيف أمره الله تعالى بأن يحترم المُخطئ والمُذنب من أصحابه، كى نتعلم من ذلك كيف نتعامل مع المُخطئ فلا ننتقص من آدميته، ولا نُلغى حقَّه فى إبداء الرأى، بل تجاوز ذلك إلى حدِّ الأمر بمشاورتهم فى أمور الأمَّة، فقال تعالى: (فَاعْفُ عنهم واسْتَغْفِرْ لهم وشاوِرْهُم فى الأمر).
فالعفو يكون عن المخطئ والاستغفار يكون للمذنب، ومع ذلك فقد أمر الله أكملَ الناس عقلاً بأن يُشاور من كان قد صدر منه الخطأ والذنب، فى أمر الأمِّة.
- كل ذلك يُعلِّمنا كيف نُفرِّق بين الحرص على الإصلاح، وما يمكن أن يلبِّس علينا دوافع نفسية من داء الكِبْر والتعالى والقسوة، بالغيرة على الحق والدين والوطن والشرف.
وكثيراً ما نُخطئ فنقيس رحمة الله على نفوسنا الضعيفة، ونقيس الهَدْىَ النبوى على فهمنا القاصر، مع أن المطلوب هو أن نُحكِّم الله فى أنفسنا ونحتكم إليه فى منهج حياتنا ونُقدِّم الهَدْىَ النبوى الشريف على تصوراتنا القاصرة، فتزكو نفوسنا وتتسع مداركنا، وندخل فى عِداد المصلحين.
- ويُعلِّمنا درساً فى الأدب مع الله، فعندما نرى من يُخطئ نُنكر عليه خطأه وننهاه عنه بالمعروف ونبذل له النُصح، وندَعُ شأن معاقبة من استحق العقوبة للدولة فهو واجبها وهى المسئولة عنه، فإن قصَّرت فيه فعلينا مطالبتها بإقامة العدل، مع السعى فى الصلح بين المتخاصمين، والترغيب فى العفو، دون أن نفتئتَ على اختصاص الدولة بتولى المحاكمة أو بتنفيذ العقوبة.
وليس لنا مع ذلك أن نتطاول على من أخطأ أو نتألَّى على الله بالطعن واللعن، واللمز والغمز، والتحقير والانتقاص لأحد من خلقه، أو أن نجزم بمصيره ومآله، فذلك من باطن الإثم وظاهره لما فيه من منازعةٍ لاختصاصات الربوبية.
- ويُعلِّمنا أن نُفرِّق بين الخطأ والمُخطئ، فنرفض الخطأ ونقبل المُخطئ، وكلنا مُعرَّض للوقوع فى الخطأ، ونُحبُّ حينئذ أن يتقبَّلنا مجتمعنا فى حال رجوعنا عنه، بل إننا نُحبُّ أن يَتلطَّفوا بنا فى النصيحة حال ارتكابنا للخطأ وأن لا يُغلظوا لنا القول كيلا تنفرَ نفوسنا عن الحق ويأخذها الكِبر.
كذلك ينبغى أن نعامل المُخطئ بما نُحب أن نُعامَل به حال وقوعنا فى الخطأ؛ فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يُحبَّ لأخيه ما يُحبُّ لنفسه». رواه البخارى ومسلم.
- ويُعلِّمنا كيف تكون مجتمعاتنا «صالحة» و«مُصلحة»، وليست طاردة أو مُنفِّرة، فلا تكون المجتمعات «صالحة» مهما تظاهرت بالصلاح إن لم تكن «مُصلِحة».
- ويُعلِّمنا أن مفهوم الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لا يتوقف عند حد الألفاظ بل يكون نابعاً من قلوب تَملَأُها الرحمة وعقول تُزينها الحكمة وتصرفات يكسوها الأدب.
- ويُعلِّمنا أن أخطاء أفراد من الصحابة، أورثت كمالاً فى مجتمعهم، نتعلَّم منه كيف تُصوَّب الأخطاء لتستقيم المجتمعات.
فلهم رضى الله عنهم ما للمُعلِّم من الأدب والاحترام.
وبهذه النظرة العميقة والمستوى الراقى فى المعاملة انتشر الإسلام، وشَعُرت الأُمم بحاجتها إليه، فاعتنقته عن إيمان وقناعة. وعندما تخلَّفنا عن هذا المستوى تقلَّص دورنا فى نشر الإسلام والترغيب فيه، وتخلَّفنا عن حقيقة الدعوة مع كثرة من يحملون لقب «الداعية»، بل لقد بدأ الكثير من أبنائنا يتشككون فى سماحة دينهم، ويرتدُّون عنه، ذلك لأننا قدَّمنا الإسلام مشوباً بِعِلل نفوسنا وضيق مفاهيمنا ورُعونة تصرُّفاتنا. وهنا يَظهر مدى تَخلُّفِنا عن الهَدْى النبوى الشريف ومسلك السلف الصالح، وعندما نجد أن نظرتنا إلى من يُخطئ وطريقة تعاملنا معه مخالفة لهذا الهَدْى نُدرك مدى الخلل الذى نعيشه فى حياتنا، ونكتشف مدى الزيف الذى قد يعترى تديننا.
وأخيراً..
لعله اتضح من هذه الأسطر كيف نفهم الأخطاء من بعض الصحابة، وكيف نفهم الأمر باحترامهم والأدب معهم، وكيف نستفيد من ذلك فى تزكية أنفسنا وإصلاح مجتمعاتنا.
(والذينَ جاءوا مِنْ بعدِهمْ يقولونَ ربَّنا اغفرْ لَنا ولإخوانِنا الَّذينَ سَبَقُونا بالإيمانِ ولا تجعلْ فى قُلوبِنا غِلًّا للذينَ آمنوا ربَّنا إِنَّكَ رَءوفٌ رَّحِيْم).
اللهم ارزقنا قلوباً رحيمة وعقولاً حكيمة ووفِّقْنا للمسالك المستقيمة يا حقُّ يا مُبين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.