إذا أردت أن تقضي على العبودية في اليمن فشكّل لها لجنة! ها قد علمت حكومتنا الموقرة بفضيحة من العيار الثقيل ، ألا وهي فضيحة العبودية والمستعبدين التي أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أن اليمن خارج نطاق المدنية والتقدم. ونحن هنا نتساءل: حتى متى نظل في مؤخرة الركب الإنساني، فكلما خرجنا من حفرة وقعنا في هاوية. جاءت الثورة لتحرير الإنسان، ولكن هناك بوناً شاسعاً في اليمن بين الأماني والواقع. متى سنجد القوانين في اليمن مطبقة على أرض الواقع. شخصياً ليس مطمئناً للجنة العليا المشكلة للنظر في قضية المستعبدين، لأن الهدف من اللجان- كما تعودنا- امتصاص الغضب الشعبي وتهدئة المنظمات المانحة، وطمأنتها بأن الوضع تحت السيطرة، وهناك قاعدة حول اللجان تقول: إذا أردت إفشال مشروع أو إيقافه فشكّل له لجنة!
وبديهي أن عمل اللجنة العليا سيطول وليس لدى المواطنين وقت للمتابعة، يكفيهم تقلبات أسعار الصرف والغلاء والويلات من كل شكل ولون، وبالتالي ستقيد القضية ضد مجهول، ولكن من سيسكت المنظمات الدولية!، وقيادي في وزارة حقوق الإنسان يقول إنهم تلقوا اتصالات لا حصر لها من تلك المنظمات! . وهاكم مثالاً للدول التي تحترم قوانينها وتطبقها عند صدورها: أصدر الملك فيصل – رحمه الله – أمراً بإلغاء الرق وتحرير العبيد في 9/ 6/ 1382ه الموافق 6/ 11 / 1962 ( في العام نفسه الذي قامت فيه ثورة 26 سبتمبر 1962) ، حيث ورد في البيان الوزاري النص التالي :
«عاشراً : ومن المعروف إن موقف الشريعة الإسلامية من الرق يحث على فك الرقاب، ومن المعروف أيضاً إن الرقيق الموجود في العصر الحاضر قد تخلفت فيه كثير من الشروط الشرعية التي أوجبها الإسلام، وقد واجهت الدولة السعودية منذ تأسيسها مشكلة الرق والرقيق، وعملت بجميع الوسائل التدريجية للقضاء عليه، فمنعت أول الأمر استيراده، وفرضت العقوبات على ذلك ثم منعت مؤخراً بيعه أو شراءه ، وتجد الحكومة الآن الفرصة مواتية لتعلن إلغاء الرق مطلقاً وتحرير جميع الأرقّاء ، وستقوم الحكومة بتعويض من يثبت استحقاقه التعويض».
ولم يترك الملك فيصل – رحمه الله – المشكلة لإجراءات الروتين، حيث سارع إلى الأمر بإحصاء الرقيق فوراً ، ومنحهم الجنسية السعودية وحقوق المواطنة، وقد بلغ ما دفعه للعتق 60 مليون ريال ، للتعويض على أصحاب الرقيق، وآثر آخرون عتق الأرقّاء استجابة للوازع الديني، أو الشعور الإنساني، وبلا تعويض. إن إدعاء عدم وجود المشكلة أو المبالغة في عرضها لن يحل مشكلة العبودية في اليمن بل سيزيدها تعقيداً، لذلك على الجميع التكاتف لحل المشكلة بدلاً من محاولة نفيها أو إخفائها تحت مبررات واهية وحجج كسيحة. المصدر أونلاين