بحضور مهتمين وممثلين عن مبادرات شبابية، وبالتعاون مع البرنامج الأمريكي الفرنسي للغات والكمبيوتر ومبادرة شباب الغد، احتفل منتدى الشباب المبدع اليوم بيوم الشباب العالمي 2010، والذي يصادف سنوياً الثاني عشر من شهر أغسطس. حيث عُرض الفيلم الوثائقي "حكاية من مسيك" - فكرة وإخراج الناشط أحمد الواسعي- ويكمن تميز هذا الفيلم في أن إعداده وإنتاجه من عمل الشباب أنفسهم وبمساندة من مؤسسة تنمية القيادات الشابة التي احتضنت فريق العمل لهذا الفيلم. يتحدث الفيلم عن أحمد الأبيض (أو أبو همام اليمني كما يسمى من قبل (القاعدة))، وهو منفذ العملية الانتحارية التي استهدفت المنشآت النفطية في صافر بمآرب. وتحدث الفيلم عن كيفية استدراجه إلى الفكر المتطرف، كما استعرض الفيلم شهادات من قبل أصدقائه الذين وصفوه بالاجتماعي وصاحب أخلاق عالية ومعرفة الناس بتعامله الحسن، لكنهم لاحظوا انجذابه نحو الجماعات المتطرفة، والتي اقنعته بفكرة التوجه لتنفيذ تلك العملية الانتحارية.
واستعرض الفيلم أقوال لبعض من أقارب الأبيض وآخرين مهتمين بموضوع التطرف حيث ذكروا أن مثل هذه الجماعات تعمل على استغلال ما يسمى بمدراس تحفيظ القرآن الكريم لنشر هذه الثقافة بالإضافة إلى استخدام بعض الأساليب التي تدفع الشباب نحو هذا التوجه كالأناشيد الحماسية والترغيب في الجنة.
ومن خلال الفهم الخاطئ للدين والخطاب الديني المتطرف تعمل هذه الجماعات على اقناع الشباب باستهداف بعض المنشآت والجهات التي تعتبرها "أهداف صليبية وغربية" بعمليات تسميها بعمليات استشهادية. وذكر أحدث المتحدثين في الفيلم أن سبب انتشار هذه الجماعات التي تروج لهذه الأفكار هو عدم تحمل السلطات مسؤوليتها في الحد من هذه الجماعات بالإضافة إلى موقف بعض الحكومات وخاصة الغربية من بعض القضايا الموجودة في المنطقة كالقضية الفلسطينية.
وبعد عرض الفيلم عقدت حلقة نقاشية تناولت أسباب وجود الفكر المتطرف ومن هو المتسبب فيه وكيفية معالجته. وكانت أبرز النقاط التي ذكرت في الحلقة أن غياب الخطاب الديني المعتدل وانتشار الخطاب التقليدي المتطرف هو أحد أسباب وجود هذه الجماعات المتطرفة بالإضافة إلى ضعف وجود سلطة الدولة والمجتمع المدني وغياب التوعية وانتشار الفقر. كما تطرق الحاضرون إلى أن الفهم الخاطئ للدين وعدم فهم مقاصد الشريعة تعد من أسباب وجود الفكر المتطرف.
وتناول الحاضرون بعض من الحلول التي قد تساعد في الحد من هذا الفكر ومنها وجود إرادة سياسية صادقة في التعامل مع هذا الموضوع بالإضافة إلى تأسيس خطاب ديني معتدل وإيجاد توافق بين الأديان السماوية والمذاهب الإسلامية على ضرورة نبذ التطرف. وختاماً اتفق الحاضرون على وجوب اضطلاع الشباب بمسؤوليتهم في الحد من هذه المشكلة.
وبحسب ما ذكره مخرج الفيلم أحمد الواسعي، يأتي اختيار منطقة "مسيك" بآمانة العاصمة لتكون رمزاً لانتشار الفكر المتطرف كون 80% تقريباً من العمليات الإرهابية التي حدثت في اليمن قد انطلقت من هذه المنطقة وأرجح بعض الحاضرين إلى أن الأسباب تكمن في أن منطقة "مسيك" تعد من إحدى الحاضنات للمرجعيات الجهادية وخاصة تلك العائدة من أفغانستان بعد مشاركتها في الحرب ضد الاتحاد السوفيتي، بالإضافة إلى انتشار المعاهد العلمية -قبل إلغائها- والتي كانت تعمل على تغذية هذا الفكر بشكل أو بآخر. وتم الاتفاق على عقد اجتماع آخر لمن حضر الفعالية - سيتم تحديده لاحقاً- للخروج بمشاريع يقودها الشباب للمساهمة في الحد من ظاهرة انتشار الأفكار المتطرفة.
الجدير بالذكر أن منتدى الشباب المبدع مبادرة شبابية طوعية مستقلة غير ربحية، تعمل على تنمية مهارات وقدرات الشباب من خلال استثمار جميع الموارد الشبابية التي تجعلهم قادة مبدعون قادرون على التغيير نحو مجتمع تنموي إبداعي. وقد أقام المنتدى العديد من الفعاليات التي تهتم بقضايا الشباب في المجتمع اليمني.